الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
خارج الحدود

الروداني: فرنسا تسعى إلى خلق الردع والاستجابة الاستراتيجيتين لمواجهة التهديدات الناشئة والهجينة

الروداني: فرنسا تسعى إلى خلق الردع والاستجابة الاستراتيجيتين لمواجهة التهديدات الناشئة والهجينة الشرقاوي الروداني، باحث جامعي متخصص في القضايا الجيو استراتيجية
صادق البرلمان الفرنسي على مشروع قانون البرمجة العسكرية لسبع سنوات قادمة بين 2024 و2030، بميزانية مالية تبلغ 413 مليار يورو. يأتي هذا القانون في خضم سياق تحولات ورهانات يواجهها الجيش الفرنسي في الخارج إقليميا ودوليا. فالتواجد العسكري الفرنسي في افريقيا لم يعد كما كان في الماضي، فقواته انسحبت من مالي بطلب من المجلس العسكري الحاكم، إلى جانب انتهاء العمليات العسكرية الفرنسية في بوركينافاصو تنفيذا لقرار السلطات البوركينابية بإنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، إلى جانب تحديات الغزو الروسي لأوكرانيا فرض رهانات امنية جديدة، في هذا الإطار قال الخبير في الشؤون الاستراتيجية والأمنية في تصريح لإذاعة " مونت كارلو " الدولية ، إنه لابد من قراءة سياق صدور مشروع قانون البرمجة العسكرية، فهناك أولا التحول على مستوى الحرب الروسية – الأوكرانية، والتحول الاستراتيجي الكبير على مستوى مجموع مناطق التوتر، خاصة منطقة الساحل الإفريقي وجنوب الصحراء، والتموقع الجديد والاستراتيجي للقوات الفرنسية على مستوى خليج غينيا، وكذلك الدور الذي تريد أن تلعبه فرنسا في منطقة المحيط الهندي والهادئ، وبالتالي هناك أولويات في إطار عقيدة عسكرية فرنسية جديدة – يقول الروداني – وعلى رأسها خلق الردع و الاستجابة الاستراتيجية لمواجهة التهديدات الناشئة و الهجينة والتي تفاقمت من خلال عودة الصراع من جديد فوق الأراضي الأوروبية.
 
وأشار الروداني أن القانون الجديد يحمل 118 مليار أورو إضافية بنسبة 40 في المائة مقارنة بالقانون العسكري السابق اي حوالي 413 مليار أورو ، وبالتالي – يضيف الروداني - فإن تعزيز الردع  الاستراتيجي باعتباره حجر الزاوية في السياسة الفرنسية يعد الأهداف الرئيسية لضمان مصداقية الاستجابة العملياتي لفرنسا على مستوى مجموعة من بؤر التوتر في العالم .
 
وأوضح الشرقاوي الروداني  أن منطقة الساحل والصحراء ستعيش فراغا أمنيا خطيرا جراء الانسحاب العسكري الفرنسي قد يؤدي إلى تدهور الأمن، مشيرا بأن منطقة خليج غينيا تعد منطقة ذات بعد استراتيجي بالنسبة لفرنسا، وهي أيضا منطقة نزاع جديدة بين دول المنطقة والجماعات الإرهابية خاصة تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى وتنظيم نصرة الإسلام والمسلمين وتكيف فرنسا مع هذه المعطيات الامنية – يقول الروداني – سيعطي تصورا جديدا للعقيدة العسكرية الفرنسية، خاصة مع ظهور مناطق نزاع جديدة مثل الفضاء الإلكتروني وقاع البحر، مشيرا بأن قانون البرمجة العسكرية الجديدة عمل على تعزيز قدرات المراقبة والأمن للبحرية الفرنسية وكذلك تعزيز القدرات الفضائية للجيوش الفرنسية من خلال مضاعفة الميزانية المخصصة للإنترنت بمقدار ثلاثة مرات مقارنة مع البرمجة السابقة. في نفس السياق ، التموقع العسكري الفرنسي داخل المجال الجيوسياسي الاوروبي اصبح يفرض نفسه سيما مع الطموحات و التغير الكبير الحاصل في الرؤية الالمانية التي خصصت ميزانية جد ضخمة تؤكد طموح برلين في لعب ادوار في موازين القوى العسكرية الاوروبية.  زيادة على ذلك الواقع الامني و تغيير موازين القوى في شرق و غرب المتوسط يشكل تحدياً كبيرا .
 
هذه التحولات – حسب الشرقاوي الروداني– أصبحت تلقي بظلالها على أمن حوض البحر الأبيض المتوسط الذي يعد مجالا استراتيجيا بالنسبة لفرنسا وحلفائها في إطار ما يسمى بالسياسة الدفاعية المشتركة لأوروبا، دون إغفال الاجتماع الأخير لحلف الناتو في ليتوانيا والذي أكد على ضرورة رفع ميزانية الدول الأوروبية في المجال العسكري لتكون في مستوى التحديات التي تواجه دول التحالف الاطلسي في مجموعة من المناطق.