الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: القبطان "أديبكيخوط... دو لامانشا"..!

عبد الحميد جماهري: القبطان "أديبكيخوط... دو لامانشا"..!

ليس للجندي مصطفى أديب أن يفتخر بأنه يتشفى من جنرال يرقد في مستشفى.

ليس لجندي مر بشرف الجندية أن يعتبر الوقوف بالقرب من بوابة المستشفى، شرفا بأثر رجعي كما لو أنه خلف خطوط الأعداء الأمامية..

باريس ليست أرضا محروقة، ولا الجبهة الأولى للبطولة،إنها محفل مخملي لمعارضة الذين خرجوا من جبة...التاريخ وغادروه إلى مناطق متقدمة من الأنانيات.. وأحيانا من النهايات الكئىبة.

فأي جندي، يا أديب، ينتظر أن تصبح أورام المرض حليفة له في الهجوم، وتكون خطته.. انتظار الغيبوبة للتسلل إلى سرير "العدو" والتشهير به؟

يلتقي الجندي ويخطط رفقة المرض مذهولين: كيف نعزل الجنرال في بقعة بعيدا عن الصحراء ونطلق عليه رسائل مدججة بالورود.. المهينة؟

أي جندي، حقا، يمكنه أن يهين بلاده، على أرض ليست بلاده، فقط لأنه يشعر بأنه آمن وبعيد عن زملائه الجنود الذين يرابضون بكرامة، وكان قدرهم مرتبط بالجنرال الممدد على السرير؟

دوغول الجنرال الكبير، الذي حرر باريس من أجل جنود الشرف، كان يردد ويقول "إنه في الرأسمال الأخلاقي لشعب ما، لا شيء يضيع من محن جنوده... وكان هؤلاء الجنود الذين يخافون جنرالاتهم أكثر من أعدائهم شرفا لا جبناسنفهم أن أطفالنا يحبون أن يلعبوا لعبة الجندي. ولا نفهم لماذا يريد جندي منا أن يلعب لعبة الأطفال.. الصبيانية بعد شرف الجندية تشبه الانتحار البطيء بمواد مشعة: التفسخ الكامل الذي ينهي النهار بضربة الليل..

الجندي المجهول هنا.. هو الذي أصبح حديث الإعلام، وحديث السياسة، وحديث الدول، إنه بالفعل الجندي المجهول.. في بلاده وبين رفاقه.

ولعل ما هو مجهول أكثر من الجندي.. هو شرفه!

ما كان له أن يختار أن يصبح مدفأة في.. زمن الصيف، في بلاد ليست بلاده.

كان أديب رجلا محترما، كان قريبا من البطولة، بل تجاوزها عندما حمل قلبه بين يديه وتوجه إلى الملك، عندما كان وقتها وليا للعهد، ليطلعه على عمليات تهريب وفساد في الجيش.

وكانت للبطولة الحقيقية نتيجة.. وتم بالفعل توقيف العسكريين المعنيين وحوكموا.

لكن البطل لا يمكن أن يستفرد به.. جنونه أو تستفرد به أنانيته..

وقع الذي وقع، كان يمكن للمستقبل أن يرفعه مجددا إلى مستوى أعلى من درجة الحرارة لحظة الغضب، وأكثر من رجل مدني يثير الزوابع في الإعلام الخارجي.. كان يمكن للمستقبل أن ينصفه كما أنصفته بداياته..

لأن سرفانتيس، الرجل العارف بدون كيشوط والجنود الذي يحاربون الطواحين، كان يؤمن بأن "الموت في القتال يليق أفضل بالجندي من الحياة وهوهارب"!

لكنه اختار جوقة الطاعنين واللاعنين في بلادهم.

اختار أن يكون حيث لا يوجد الذين خبروا شرف الجندية.

فلا أحد سيصدق أن الجندي حمل سلاحه، رشاشا كان أو وردة، ودخل إلى قلعة تابعة للعسكرية الفرنسية، اسمها مستشفى فالدوغراس..