Tuesday 24 June 2025
كتاب الرأي

جواد شفيق: العدل أساس الملك ..

جواد شفيق: العدل أساس الملك .. جواد شفيق
تجمع الدراسات والأبحاث على أن هذه المقولة تعود إما للإمام أبو حامد الغزالي (1058-1111 م)، أو هي خلاصة مجمل أعمال المؤرخ ابن خلدون (1332 -1406 م) .
وفي كل الأحوال، هي مقولة قاطعة قطعية حول الأهمية الحيوية للعدل بالنسبة للمجتمعات والدول.
ولا حاجة إلى التذكير بأن كل الكتب السماوية والديانات التوحيدية قد أفردت للعدل وأهميته آيات وفقرات كثيرة، كما لا حاجة للقول بأن الفكر الإنساني الفلسفي، السياسي والاجتماعي قد أفرد للعدل و قيمته وقيمه مكانة رفيعة، وهو ما جمعته وكثفته الكاتبة الأردنية الشابة إحسان محمود الفقيه (1978 م) في هذه الفقرة الجميلة من مقال مطول لها بصحيفة "القدس العربي" :
"العدل فريضة إلهية و إنسانية ، و تخلف العدل يهدم أركان التعاقد القائم بين الحاكم و المحكوم ، و يلغي شرعية السلام المفترض يين الطبقات الاجتماعية ".
وقبل ذلك بكثير، فقد سبق للإمام أبو الحسن الماوردي البصري (974 -1058 م) أن أورد العدل في كتابه الشيق المشهور "أدب الدين والدنيا" وهو في الأصل " البغية العليا في أدب الدين والدنيا"، ضمن القواعد اللازمة لصلاح الدنيا واستقرار المجتمعات ونهوضها، حيث قال " القاعدة الثالثة: عدل شامل يدعو إلى الألفة، ويبعث على الطاعة، وتتعمر به البلاد، وتنمو به الأموال، ويكثر معه النسل، ويأمن به السلطان...".
ومن ثمة، فمتى وجد العدل سادت الألفة بين الناس، وبينهم وبين حكامهم، ومن ثم انصرفت الهمم للبناء والإعمار والإنتاج.
فالعمل مبناه الأمن والأمن مبعثه العدل.
و قبل الماوردي، فقد ورد في كتاب "العقد الفريد" لصاحبه شاعر الأندلس الكبير ابن عبد ربه ( 860 -940 م) بأن عمرو بن العاص قال " لا سلطان إلا بالرجال ، ولا رجال إلا بمال ، ولا مال إلا بعمارة ، ولا عمارة إلا بعدل ".
يتبين إذن من هذا الغيض النزير من فيض غزير كتب وقيل عن قيمة وأهمية العدل بأن للعدل "كفريضة إلهية وإنسانية" مزايا ومحاسن وفوائد لا تحصى في حفظ الاستقرار والانسجام والأمان والسلطان، والتحفيز على البدل والاجتهاد والعمل والبناء للنفس و للوطن......باطمئنان.
لقد حرم الله الظلم على نفسه، فكيف يقبل إنسان بظلم إنسان ؟.
إن تكافؤ الفرص هو أحد مرتكزات العدل القانوني والسياسي والإداري والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وتقع مسؤولية إعلاء هذا المرتكز على من فوض لهم الناس إدارة وسياسة شؤونهم، وخصوصا من أنيطت بهم مسؤولية حراسة أختامهم .
وفي حالة العكس، كما هو حال "مباراة المحاباة"، ولأن القضية صارت فضيحة / قضية رأي عام، استهتر بها من كان مفروض فيه أقله أن ينصت إليها بله أن يعالجها، وحيث أن الاختلال قد ضرب في مقتل كفتي ميزان العدل ...فلعله من العدل أن يتدخل الدستور وصلاحيات الملك في التعيين والعزل ...لإعلاء قيمة العدل....لأن العدل هو أساس الملك.