الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

اليماني: عوض إحصاء الحكومة الفقراء.. لماذا لا يتم إحصاء الأغنياء والملايرية ومطالبتهم بالتضامن مع البلاد؟

اليماني: عوض إحصاء الحكومة الفقراء.. لماذا لا يتم إحصاء الأغنياء والملايرية ومطالبتهم بالتضامن مع البلاد؟ الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل
من المتوقع ، أن يفوق مجموع الأرباح الفاحشة المتراكمة منذ تحرير المحروقات في نهاية 2015 حتى نهاية السنة الجارية، أكثر من 50 مليار درهم مغربي.

ونعني بالأرباح الفاحشة، كل الأرباح التي تفوق تلك كانت محددة من طرف السلطات العمومية ، قبل تحرير الأسعار من طرف حكومة بنكيران، بدعوى دفع الفاعلين للتنافس وتنزيل الأسعار لفائدة المستهلكين الكبار والصغار وبدعوى تخفيف الضغط على صندوق المقاصة.

وهذه الأرباح الفاحشة المحتسبة بناء على الفرق بين الثمن للبيع للعموم ومعطيات السوق الدولية ومصاريف الاستيراد والميناء والضرائب، تؤكد المبالغ المعلن عنها من طرف لجنة البرلمان الاستطلاع التي قدرت مجموع الأرباح الفاحشة في 17 مليار في سنة 2016 و2017 وتؤكدها كذلك المردودية المالية لقطاع توزيع المحروقات التي تجاوزت 60٪ حسب الرأي الأخير لمجلس المنافسة وتؤكدها كذلك التناسل الكبير لعدد محطات التوزيع في كل ربوع المغرب.

ويلاحظ، بأن الأرباح الفاحشة ، تسير في الاتجاه المعاكس لثمن برميل النفط وثمن طن الغازوال في السوق الدولية ، ويسجل كذلك بأن الأرباح الفاحشة تتراجع كلما زاد القلق والاحتجاج الشعبي وأساسا إبان حملة المقاطعة في 2018 والحملة الأخيرة في الفضاء الازرق للمطالبة بتنزيل أسعار المحروقات ورحيل رئيس الحكومة.

وبعد 7 سنوات من التحرير والتدمير المتواصل للقدرة الشرائية للمواطنين، تبين بالملموس أن تحرير أسعار المحروقات، استفاد منه بالدرجة الأولى الفاعلون الرواد المتحكمون في السوق المغربية ، بعد اغتيال شركة سامير والاصرار على دق المسمار الأخير في نعشها حتى تكتمل شروط التحكم في السوق وفرض سياسة الأمر الواقع على المغاربة حتى يقبلوا بسعر الغازوال حتى ولو تجاوز 20 درهم مغربي.

وإن لم يستخلص الجميع الدروس من تجربة تحرير المحروقات ، فإن التحضير من طرف حكومة أخنوش لتحرير أسعار البوطاغاز، ستكون له عواقب خطيرة أكثر من المحروقات على المعيش اليومي للمواطنين من خلال الارتفاع المتوقع لثمن القارورة لأكثر من 150 درهم ، لكون سوق الغاز يعرف تركيزا واحتكارا أشد من سوق المحروقات. 

وإن كان الوعد بتقديم الدعم المباشر للمحتاجين بعد استكمال السجل الاجتماعي وما الى ذلك من الوعود المعسولة، فإن المؤكد اليوم، أن تحرير أسعار المحروقات وأسعار الغاز، ستزيد في رفع الأسعار بشكل مباشر وغير مباشر، وسيستمر الفقراء وذوي الدخل المتوسط والضعيف، هم الضحية في تمويل الأزمات، في حين تتكرم الحكومة على الأغنياء وعلى الشركات بمزيد من الاعفاءات والتسهيلات، ولعل القراءة البسيطة لمشروع قانون المالية لسنة 2023 ترجمة حقيقية لشعار "ويستمر الأغنياء غنى ويستمر الفقراء فقرا".

وفي الأخير وعوض ، إلغاء صندوق المقاصة وحذف الدعم للجميع، لماذا لا تبقي الحكومة على الدعم للجميع وترفع من الضريبة على الأغنياء وذوي الدخولات العليا من أجل ضمان توازنات صندوق المقاصة؟ وعوض إحصاء الفقراء الذين يعتبرون السواد الأعظم، فلماذا لا يتم إحصاء الأغنياء والملايرية ومطالبتهم بالتضامن مع البلاد في محنتها؟.