السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

تضمنت التمويل والحكامة والسياسة الدوائية.. توصيات وسيط حقوق الإنسان للنهوض بالسياسة الصحية

تضمنت التمويل والحكامة والسياسة الدوائية.. توصيات وسيط حقوق الإنسان للنهوض بالسياسة الصحية يفترض وجود ساكنة لا يقل عددها على 200000 نسمة لإنشاء الوحدات الصحية الإقليمية
أكد الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان (جمعية حقوقية مستقلة تأسست سنة 2007)، على ضرورة تدارك التفاوت المجالي المسجل على مستوى البنيات الاستشفائية جهويا وإقليميا، من خلال إعمال الخريطة الصحية وذلك بإعداد التصاميم الجهوية للعلاجات، انطلاقا من تقييم الطلب الصحي على أساس المعطيات الديمغرافية لكل مجال ترابي، والالتزام بالمعيار الوطني الذي يفترض وجود ساكنة لا يقل عددها على 200000 نسمة لإنشاء الوحدات الصحية الإقليمية، تأهيل البنيات التحتية والتجهيزات الصحية القائمة وتحديثها.

جاء ذلك في في إطار استراتيجية الوسيط بشأن استدامة تتبع وتقييم السياسات العمومية الاجتماعية خلال 2018-2023، وذلك ضمن تقريره حول رصد وتقييم السياسة الصحية بالمغرب خلال الولايتين الحكوميتين السابقتين 2012-2016، و2017-2021.

ونبه الوسيط إلى ضرورة تدارك الخصاص في البنيات التحتية الصحية الأولية بالوسط الحضري، في أفق الاقتراب من المعيار الدولي القاضي بتوفير مؤسسة صحية لكل 10000 شخص؛ واتخاذ التدابير اللازمة والمستعجلة لتدارك النقص الحاصل في الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية على أساس معيار التغطية والكفاية بالنسبة للفرد بشكل يحاول الاقتراب من المعدل العالمي القاضي بتخصيص 1,57 طبيبا و3,82 ممرضة وممرضا لكل 1000 شخص، ناهيك عن تدارك التفاوت المسجل بشأن وضعية توزيع الأطباء والممرضات والممرضين بين المجالات الترابية، بما يحد من وضعية اللاعدالة المجالية، وتسريع وضع نظام لتدبير وضعية التفاوت المجالي في توزيع وانتشار مهنيي الصحة يقوم على التحفيز الإيجابي وعلى إجبارية الخدمة بالمناطق النائية.

وفيما أكد على الرفع من معدلات ولوج الأفراد إلى الفحوصات العلاجية العامة والمتخصصة على مستوى التأطير الطبي وشبه الطبي، وتجاوز النقص الحاصل في البنيات الصحية الاستعجالية، وتأهيل المتوفر منها وتحديثه؛واتخاذ التدابير اللازمة لتجاوز محدودية الموارد البشرية المتخصصة في الطب الاستعجالي، شدد تقرير الوسيط على تعزيز الكفاءات التدبيرية والطبية للمؤسسات الاستشفائية وتجاوز الوضع الذي تكشف عنه حركية المرضى والإيواء الاستشفائي، ومعدلات إشغال الأسرة، ومتوسط مدة الإقامة، ومعدل الدوران، وفترة فراغ الأسِرَّة.

وبخصوص السياسة الدوائية، أوصى الوسيط بالعمل على إصدار مدونة للتشريع الدوائي تضم مختلف النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بالدواء وبإمكانية الوصول إليه، وتشكل جزءا لا يتجزأ من مدونة عامة للصحة؛ إرساء سياسة دوائية وطنية في إطار تصور شامل للسياسة الصحية، انطلاقا من رصد دقيق للحاجيات الدوائية والمشكلات ذات الصلة بمختلف المسالك المرتبطة بالدواء؛ وإعداد وثيقة السياسة الدوائية الوطنية باعتبارها الإطار الشامل للتعاطي مع مشاكل قطاع الدواء، والتي يتعين أن تتسم بالشمولية في النظر إلى مسلسل إنتاج الدواء وتوزيعه وتسويقه والوصول إليه، مع ضرورة الالتزام بالنهج التشاركي الذي يمكن من مشاركة مختلف المتدخلين في مجال الدواء في إعدادها، والعمل على تحيينها بشكل منتظم تبعا للمتغيرات التي يعرفها الوضع الصحي الوطني والدولي، كما أوصى بتحديث القائمة الوطنية للأدوية الأساسية، ونشرها، وتحيينها بانتظام.

وفي السياق ذاته، أوصى التقرير بإعادة النظر في أسلوب التسعير المرجعي الخارجي، بالنظر إلى الفجوة الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة بين المغرب والدول المرجعية المختارة، وذلك باستبدال هذه الدول بدول مرجعية أخرى يتشابه مستوى تنميتها الاقتصادية والاجتماعية مع المستوى السائد بالمغرب، أو بتعديل السعر المرجعي ليتناسب مع مستوى الدخل الفردي المحلي؛ والاستمرار في خفض أسعار الأدوية الأصلية والجنيسة الأكثر استهلاكا بالمغرب، ورفع التعريفات الجمركية عن الأدوية، وإلغاء الرسوم عن جميع الأدوية الأساسية، ومواصلة جهود إعفاء الأدوية من الضريبة على القيمة المضافة، واتخاذ التدابير اللازمة لزيادة حصة السوق من الأدوية الجنيسة، وجعلها تقارب معدل الاستهلاك العالمي الذي وصل إلى 58 في المائة.

وبخصوص تمويل الصحة أوصى الوسيط بالعمل على الرفع من مستوى الاستثمار في الصحة وتمويل المنظومة الصحية من منظور كونها قطاعا إنتاجيا وليس قطاعا اجتماعيا فحسب؛ تعبئة الاستثمارات وموارد تمويل الصحة باتجاه الانتقال من منظومة للصحة العلاجية إلى منظومة للصحة الوقائية والاستثمار الأمثل فيها؛ وضرورة اعتماد نظام للتمويل العمومي للصحة يقوم على تنويع مصادر التدفقات المالية، وعلى الابتكار في تعبئة الموارد وكيفيات استعمالها وقواعد توزيعها؛ تم زيادة الإنفاق العام على الصحة، وذلك بالرفع من ميزانية قطاع الصحة لتصل إلى 10٪ على الأقل من الميزانية العامة كما توصي بذلك المنظمة العالمية للصحة.

وفي إطار توصياته بخصوص الحكامة في قطاع الصحة العمومية، يرى الوسيط  ضرورة الالتزام بمعايير منظمة الصحة العالمية في تركيز جهود حكامة المنظومة الصحية على جودة وفعالية العرض الصحي؛ والولوج إلى العلاجات والحماية المالية للأفراد والأسر؛ ونجاعة المنظومة الصحية، والاستدامة المالية على المدى البعيد.

فتح ورش تشريعي وتنظيمي لإصلاح النصوص القانونية المؤطرة للمنظومة الصحية في أفق إحداث مدونة عامة للصحة لتجاوز تشتت المقتضيات القانونية الصحية، وتحقيق انسجام القواعد والأحكام القانونية ووضوحها بشكل يساهم في إرساء الأمن القانوني في المنظومة الصحية؛ ووضع إطار للشراكة الاستراتيجية، واعتماد النهج لتشاركي في تعبئة الشركاء على مستوى المجالات الترابية: قطاع صحي خاص، منتخبون، جامعات، ومجتمع مدني، لتعبئة الموارد المالية والاستثمارات في مجال البنية التحتية واقتناء المعدات؛ تم استكمال ورش اللاتمركز الإداري بالاستمرار في النقل الواسع للصلاحيات التقريرية والتدبيرية المركزية إلى المصالح الصحية الجهوية والمؤسسات الاستشفائية.

وأكد على ضرورة مضاعفة الجهود لضمان الحق في الوصول إلى المعلومة الصحية، ونوعية ومحتوى المعلومات التي يتعين وضعها رهن إشارة العموم؛ وإرساء آليات للتشاور العمومي في مجال الصحة تضمن إعمال الحق في مشاركة السكان والمجتمع المدني ومختلف الفاعلين في إعداد السياسات ووضع البرامج والخطط وتتبعها وتقييمها ومراقبتها. 

وعمل الوسيط في تقريره على رصد دينامية الفعل العمومي عبر مسار السياسة العامة، والتدخلات، وناتج الوضع الصحي، الذي شكل الدافع المنهجي وراء تبني نموذج التصنيف الثلاثي لنهج المؤشرات القائم على حقوق الإنسان المعتمد دوليا، وهو النموذج الذي يوزع المؤشرات إلى ثلاثة فئات أساسية:

- مؤشرات هيكلية: تتعلق بما إذا كانت الهياكل والآليات الأساسية التي تعتبر ضرورية لإعمال الحق في الصحة قائمة أم لا، وذلك من قبيل التصديق على معاهدات دولية، أو إقرار قوانين وسياسات وطنية، أو آليات مؤسسية أساسية تيسر إعمال الحق في الصحة.
- مؤشرات عملياتية: وتهم تقييم البرامج والأنشطة وعمليات التدخل، وتقيس الجهد الفعلي المبذول من طرف الدولة، كما أنها تساعد على توقع نتائج هذا الجهد.
- مؤشرات نتائج: وهي التي تمكن من قياس تأثير البرامج والأنشطة والتدخلات على الوضع الصحي.