أفادت تقارير إعلامية ألمانية تحدثت عن موضوع "التهجين الحيواني السومري"، أنه تم العثور على "أقدم دليل على تربية الحيوانات الهجينة قبل 4500 عام في منقطة بلاد ما بين النهرين في سورية".
وجاء في موقع العلوم الألمانية، حسب نفس التقارير، أنه حتى قبل دخول "الخيول المستأنسة إلى بلاد ما بين النهرين منذ حوالي 4000 عام، كان الناس هناك يقومون بتربية الحيوانات ذات الظلف التي استغلوها في العربات الحربية والمحاريث واستخدموها في الأغراض الدبلوماسية والاحتفالية: والتي تسمى بـ "الكونجاس".
وأشارت التقارير الإعلامية التي اعتمدت على موقع العلوم الألمانية أن "الأصل الجيني لهذه الحيوانات الشبيهة بالحمير لم يكن واضحا في السابق". حيث أظهرت "تحليلات الحمض النووي لهياكل عظمية لـ "لكونغا" من سورية الآن أن "الكونجاس" كانت تهجينا بين إناث الحمير المنزلية وذكور الحمير البرية، وبالتالي فهي أقدم أنواع هجينة من صناعة الإنسان".
وحسب نفس التقارير فقد "لعبت الخيول وبقية اَلْخَيْلِيَاتْ على مر التاريخ دورا رئيسيا في تطوير الثقافات، وأيضا في تطوير شن الحروب".
في هذا السياق تؤكد ذات التقارير "تٌظهِر فسيفساء سومرية عمرها 4500 سنة أن السومريين كانوا يستخدمون بالفعل عربات في ساحة المعركة تجرها حيوانات تشبه الخيول. ومع ذلك ، لم يتم إدخال الخيول المحلية إلى هذه المنطقة إلا بعد حوالي 500 عام".
وحسب الموقع الألماني فإن "الألواح الطينية المسمارية من تلك الفترة تذكر ما يسمى بـ "الكونجا "، وهي حيوانات ذات حوافر غالية الثمن تكلف حوالي ستة أضعاف تكلفة الحمير المنزلية التي كانت شائعة الاستخدام في ذلك الوقت. وكان موضوع "الكونجاس" بالضبط موضوع نقاش لفترة طويلة".
وقد تمكن فريق بقيادة "أندرو بينيت" من جامعة باريس من حل هذا اللغز، حيث فحص الباحثون الحمض النووي القديم لـ 25 هيكلا عظميا للخيول عثر عليها في مقبرة ملكية عمرها 4500 عام في تل أم المرة في شمال سورية. وفي حين أن شكل الهياكل العظمية كان من الخيول، إلا أنه لم يتماشى مع شكل الخيول أو الحمير أو الحيوانات البرية في المنطقة. كان علماء الأحافير قد افترضوا سابقا أنه يمكن أن يكون "كونجا" مبهما.
يقول الباحثون: "من أجل توضيح ما إذا كانت مقابر تل أم المرة تحتوي بالفعل على بقايا (كونجا) ذات أهمية سياسية ورمزية ولتحديد الوضع التصنيفي لهذه الحيوانات، قمنا بفحص الجينوم في عينات من هذه الهياكل العظمية وقارنناها مع عينات خَيْلِيَاتْ أخرى".
وقد استخدموا جينومات الحمير المستأنسة والخيول كمقارنة، كما قاموا أيضا بتسلسل جينومات الحمير البرية المنقرضة التي كانت موطنها الأصلي في المنطقة في ذلك الوقت. للتعرف على آباء الحيوانات التي تمت دراستها، حيث ركز بينيت وزملاؤه على الحمض النووي للميتوكوندريا، الذي ينتقل حصريا من الأم، والكروموسوم Y الذي ينشأ من الأب.
النتيجة التي توصل إليها الباحثون تؤكد أن (الكونغا) كانت "تهجينا بين إناث الحمير المنزلية وذكر الحمير البرية السورية التي انقرضت في أوائل القرن العشرين".
في هذا السياق نقلت التقارير ما كتبه الباحثون بالتأكيد على أنه: "لقد وثقنا بذلك أقدم دليل على تربية الحيوانات الهجينة". وكان أقدم هجين مثبت قام بتربيته البشر حتى الآن هو بغل تم تربيته في الأناضول من حوالي 1000 إلى 800 قبل الميلاد. وكما (البغال والنغل)، التي تنتج عن تهجين الخيول والحمير، ربما كانت (الكونغا) غير قادرة على الإنجاب. من أجل تربية (الكونغا)، كان لابد من الحصول على ذكور الحمير البرية ومزاوجتها مع أناث الحمير المنزلية.
وحسب نفس الأبحاث والدراسات فإن العظام الباقية في موقع المقبرة تشير إلى أن (الكونجا) كانت "أقوى وأسرع من الحمير المنزلية. من الواضح أن السومريين استخدموا مزايا كل من والدَي الحيوانات من خلال التكاثر الهجين: أي قوة وسرعة الحمار البري، جنبا إلى جنب مع إمكانية التحكم الأفضل للحمار المنزلي. ومع ذلك، لم يروضوا الخيول البرية التي تعيش في المنطقة".
تم إدخال الخيول المحلية منذ حوالي 4000 عام إلى المنطقة من سهوب بونتيك. ونظرا لأنها كانت أسهل في التكاثر وعرضت خصائص جيدة مماثلة، فقد حلت بعد ذلك محل (الكونجا).
ويخطط الباحثون في الدراسات المستقبلية لفحص خَيْلِيَاتْ أخرى من سياقات مكانية وزمنية مماثلة من أجل فهم أفضل لمدى التكاثر الهجين السومري...