الخميس 25 إبريل 2024
منبر أنفاس

خليل البخاري: هامش تربوي.. ظاهرة الغش في الامتحانات المدرسية

خليل البخاري: هامش تربوي.. ظاهرة الغش في الامتحانات المدرسية خليل البخاري

مع اقتراب مواعيد اجراء الامتحانات الإشهادية المدرسية (الجهوي والوطني)، تلقي ظاهرة الغش بضلالها على سير الامتحانات، وتساهم في التأثير على مخرجات التعليم.

 

إن الغش في الامتحانات المدرسية ليس جديدا، لكنه تحول من ظاهرة إلى عادة، بمعنى أن التلميذ بدلا من أن يهتم بدروسه ويستعد للامتحانات، يكتفي بأن يتفنن ويبدع في أسهل الطرق في الغش، تماشيا مع التطور التكنولوجي. وهناك آباء ينخرطون في الغش ويشترون لأبنائهم كل لوازم الغش وبأسعار باهظة، همهم الوحيد هو حصول أبنائهم على نقط عالية وولوج المدارس العليا. وهناك بعض الآباء يرون بأن الغش في الامتحانات المدرسية صار مكسبا مشروعا، ويمارسون ضغوطا نفسية على أبنائهم، تدفع هؤلاء إلى الغش، ضاربين عرص الحائط العواقب التي تنجم عنه.

 

إن مشكلة الغش في الامتحانات المدرسية تعد من بين أخطر المشاكل التي يواجهها التعليم المدرسي، وأوسعها تأثيرا على حياة التلاميذ والمجتمع ككل. فالغش حلقة من متلازمة ثلاثية معروفة، تتكون من الكذب والسرقة وخيانة الأمانة.

 

إن الغش خيانة للنفس. فهو يبدأ في الامتحانات المدرسية، وينتهي إلى كل مناحي الحياة؛ فلا شك أن الغش ظاهرة خطيرة وسلوك مشين مرفوض، أصبح يشكو منه نساء ورجال التعليم وكذا المربين، من انتشاره في كل المستويات الدراسية.

 

إن العملية التعليمية هي وحدة مترابطة لا يمكن فصلها أو تجزئتها. وهي تعتمد أساسا على ثلاثة أركان أساسية هي: المدرس، التلميذ والمنهج الدراسي.. والقصور في أي منها، يؤثر في الآخر.. ويعد المدرس حجر الزاوية في العملية التعليمية، وبقدر كفاءته تحقق التربية أهدافها وتقوم المناهج بدور كبير في نفور التلاميذ من دراستهم.

 

إن ظاهرة الغش في الامتحانات المدرسية الإشهادية، على وجه الخصوص، تعتبر سلوكا انحرافيا يخل بالعملية التعليمية ويهدم أحد أركانها الأساسية، وهو ركن التقويم. فالغش في الامتحانات المدرسية يعد بمثابة تزييف لنتائج التقويم، مما يضعف من فاعلية النظام التعليمي ككل. ويلقي البعض الآخر تبعة  الغش على التلاميذ أنفسهم الذين يلجأون إليه بسبب إهمالهم الدراسة.

 

إن مدارسنا عموما مازالت تعاني من سلبية عدد من أولياء الأمور في متابعة أبنائهم وترك الحابل على الغارب لإدارة المدرسة، لتتحمل التربية مع التعليم. والحقيقة هي أن هؤلاء الآباء قدموا استقالتهم، ولا يشعرون بالخطر الحقيقي الناجم عن سلبيتهم إلا بعد وقوع أضرار تمس الأبناء، سواء كانت انحرافات سلوكية أو رسوبا متكررا.

 

إن ممارسة التلميذ لسلوك الغش في الامتحانات المدرسية لا يعد مظهرا من مظاهر عدم الشعور بالمسؤولية وحسب؛ بل إفسادا لعملية القياس وتلويثا لنتائج الامتحان؛ وبالتالي عدم تحقيق أهداف التقويم في مجال التحصيل الدراسي. والمدرسة باختلاف مستوياتها هي المؤسسة التربوية، تعنى ببناء شخصية التلاميذ وتطويرها في نواحيها جميعا، بما يجعلهم قادرين على التوافق الاجتماعي، فضلا عن إكسابهم المعرفة.

 

وصفوة القول، فالغش في الامتحانات المدرسية يخدش صورة منظومتنا التعليمية ويسئ إلى مخرجات التعليم. لذا وجب مواجهته بالصرامة اللازمة عبر الوقاية منه وتبني أسلوب العقاب وتشديد المراقبة داخل الفصول الدراسية، وكذلك اعتماد مواضيع تركيبية بعيدة عن الحفظ.

 

- خليل البخاري، باحث تربوي