الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

الخبير أحداف يتهم هيئات حقوقية بتحريض المواطنين على خرق الحجر الصحي

الخبير أحداف يتهم هيئات حقوقية بتحريض المواطنين على خرق الحجر الصحي محمد أحداف

قال محمد أحداف، الخبير في العلوم الجنائية، في تصريح لـ "أنفاس بريس"، ردا على رسالة الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان إلى رئيس النيابة العامة، والتي عبر من خلالها عن اندهاشه الشديد من حملات إلقاء القبض على عشرات الآلاف التي يعقبها إحالة عدد كبير منهم في حالة اعتقال بتهم مخالفة قانون الحجر الصحي وإهانة موظف؛ (قال) إن هذه الرسالة تعبر عن موقف مخجل للنسيج الحقوقي في البلاد، الذي اختلط عليه الحابل بالنابل، ولم يعد يعرف أية مواقف في أية سياقات، وما إذا كانت تتلاءم وتتعارض مع روح القوانين الوطنية. مضيفا "آنه حان الأوان لهذا النسيج الحقوقي كي يصمت بالنظر لحجم الكوارث التي يسببها لهذا البلد، كونه يصطاد في المياه العكرة، كما أن مواقفه تعد أبعد عن حقوق الإنسان، وربما تندرج ضمن خانات استراتيجية لمواجهة الدولة، وتبخيس أدوارها في زمن محاربة جائحة كورونا، والرفع من منسوب الاحتقان الاجتماعي، وتسريب رسائل للخارج مفادها أن المغرب هو بلد الاعتقالات والتجاوزات الحقوقية"...

 

وأضاف أحداف أن أجهزة النيابة العامة في عدد من البلدان قامت بتصريف الآليات القانونية لإنجاح تدابير الحجر الصحي، وضمنها إيطاليا، الصين، ألمانيا، هولندا، بلجيكا، فرنسا، اسبانيا، بل وصل الأمر إلى حد إطلاق الرصاص من قبل رجال الأمن في الولايات المتحدة الأمريكية على كل من خالف قواعد الحجر الصحي، ومع ذلك لم يصرح أحد بأن هذا يشكل اعتداء على حقوق الإنسان .

 

واستند أحداف في تبرير موقفه المناهض لرسالة الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان على النقط التالية:

 

أولا، أن هذا الائتلاف يتعمد إلقاء اللوم على النيابة العامة باعتقال أكثر من 40 ألف شخص ووضعهم تحت تدبير الحراسة النظرية، علما أن جهاز النيابة العامة يطبق القانون، مع تنزيه المواطن الذي يخرق القانون، ومعناه أن لدينا معادلة فمن جهة هناك جهاز يحرص على تطبيق القانون بالمقابل هناك أشخاص مستوى رعونتهم لا تتصور، وثقافتهم عدوانية مبنية على احتقار القانون وعلى مواجهة أجهزة الدولة، وبدل أن يصفق الائتلاف لجهاز النيابة العامة وهو يحارب هذه العقليات البائدة، يكتفي بنصرة "المواطن الطائش"، والهدف من ذلك هو المزيد من "فرعنة المواطن" والدفع به إلى الاستقواء على الدولة.

 

ثانيا، خطر الموت يهددنا جميعا، ووضع 40 ألف شخص تحت تدبير الحراسة النظرية معناه أن هذا المواطن لا يأبه للتحذيرات الطبية ولا للزجر القانوني، ومع ذلك يصر الائتلاف على طلب إطلاق سراحهم وإكرام وفادتهم، لكي يتجولوا أياما وليالي ويعملوا على نشر الوباء، بدل أن يدافع عن حق المواطن في الصحة والسلامة، والحق في الحياة، وعن حماية المواطنين من تفشي الوباء، علما أن عدد الوفيات بسبب كورونا في العالم يعد بعشرات الآلاف.. مضيفا بأن إصرار هؤلاء على الخروج يعني بحثهم عن إشاعة العدوى بين أكبر عدد من المواطنين، علما أن أهم حق للجماعة في مواجهة الفرد هو ضرورة تقيده بالقانون وإلا عد خارجا عن الجماعة وفق لتنظيرات فقهاء العقد الاجتماعي من قبيل مونتيسكيو وهوبز وغيرهم، حيث اعتبروا المجرم شخصا خارجا عن اجماع الجماعة وبالتالي لا يستحق حماية القانون.

 

ثالثا، يلاحظ من خلال بعض العبارات الواردة في رسالة الائتلاف أنها تحمل تحريضا للمواطنين بخرق قوانين الحجر الصحي، ونشر ثقافة التسيب وعدم احترام القانون من خلال دعواتهم غير المنطقية إلى احترام حقوق أشخاص يعتدون على حق أسمى من حق التجول وهو حق المجتمع في ضمان حقه في الحياة وأمن أفراده من جائحة كورونا، وحق المجتمع في الاستقرار النفسي، متجاهلا أن الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية يعدون قنابل موقوتة هدفها زعزعة استقرار الأوضاع الصحية والطبية في بلادنا. ومثل هذه المزاعم (يضيف محاورنا) لم تطرحها وسائل الإعلام ولا رجال قانون، بالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا واسبانيا حيث اعتقل أشخاص بالعشرات، وتوبعوا وأدوا الغرامات، وهناك من قضت النيابة العامة في حقه بعقوبات سالبة للحرية، وهو ما يفرض على النيابة العامة في بلادنا تحريك مساطير المتابعة في حقهم،  من خلال زعمهم أن هناك تجاوزات في الاعتقال، وأن هناك فهم خاطئ من طرف جهاز النيابة العامة للقانون، علما أن المخطئ في المعادلة ليس هو النيابة العامة بل المواطن الذي يتجول في الشوارع في خرق واضح للحجر الصحي.

 

رابعا، بصفتي أستاذا للعلوم الجنائية لمدة 30 سنة، لم يسبق لي أن سمعت بمصطلح المحاربة الموضوعية للجريمة التي أشار إليها الائتلاف، فلا أساس علمي لهذا المصطلح، ومثل هذه المواقف التي يصرفها دعاة حقوق الإنسان تعبر عن مواقف بائدة لمواجهة الدولة تعود لمرحلة لينين وستالين وبريجنيف، كما أنهم يثيرون سخرية وشفقة الأوساط الحقوقية والقانونية على الصعيد الوطني والدولي، فهم يدافعون عن حرية أشخاص في التجول في زمن كورونا الذي من شأنه أن يبيد مجتمع بأكمله، وينتصرون لعقلية الفوضوي في مواجهة حق المجتمع في الحياة بدل المساهمة في تربية المواطنين على ثقافة احترام القانون، وعلى ثقافة الواجبات قبل ثقافة الحقوق، والإشادة بأدوار النيابة العامة وقوانين الحجر الصحي في هذا الإطار، والتنديد بالسلوكات الطائشة والرعونة التي يبديها بعض المواطنين الذين يرفضون الانصياع لمنطق الحجر الصحي في معركة غير متكافئة مع عدو غير مرئي.