اذا صح ما يقال عن توفر حزب معين على" شعبية" تمكنه من الفوز ، فان هذا الجزم وهذه النبوءة اليقينية ، يؤكدان بأن مصدره لا يميز بين الشعبية اي السمعة وبين الجماهيرية اي وجود قواعد في المجتمع متعاطفة ومساندة ، وبنفس الوقت يؤكد بأن بعض الاحزاب لا تتوفر على مناضلين ، بل جنود مجندين ، ليس فقط لاكتساح المؤسسات المنتخبة ، ولكن لاختراق المؤسسات العمومية ، عبر السلطة التنفيذية ، ومنها الى كل مراكز الدولة ، ولعل نموذج الحزب الوطني الالماني لخير دليل على ان التاريخ قد يعيد نفسه اذا لم ننتبه الى ما يصنعه التضخيم في الأحجام من غرور وجنون الاستقواء والعظمة ، اللهم اذا كان المقصود من التصريح دق ناقوس الخطر ، ﻻن " التهور " احيانا يكون مدعوما او مخططا له ، وفي جميع الحالات ، علينا ان لا نثمن ما هو احتمالي قبل حدوثه او اكتسابه كامر واقع ، لأن الاقتراع سلطة مستقلة عن الواقع ، لذلك فهي محكومة باللايقين ومقرونة نتائجها للصدمات في زمن ينبغي اعادة قراءة ادبيات "سيكولوجيا الجماهير " ، لان الدولة صارت هي نفسها طبقة ضمن التحالف الطبقي الحاكم وليس فقط جهازا بيده ، تملك القوة العمومية وسلطة المال ، ليبقى السؤال مطروحا حول حاجة الاحزاب الى شرعية ام الى شعبية ، واللتين لن ينتجهما الخطاب الانتخابي اوالاستنجاد بالتاريخ خارج السياقات .
ولعل أهم انتظارات المجتمع المغربي أن يستمر الحال على ماكان ، مع شرط تحصين المكتسبات الحقوقية وشدط القطع مع ما يمس السيادة الوطنية ، من توصيات الخارج و « خبرته الأمنية » ، فماذا أوجدت الأحزاب من مقترحات حول الاستراتيجية الأمنية ودمقرطة الأمن القضائي واقتسام المعلومة والعدالة الاجتماعية ، ما عدا التملق والتزلف والشعبوية الحقوقية ، حيث المقاعد والمناصب هي الهدف والوسيلة ، والحال أن الوطن يعيش حالة تيه بنيوي منذ تفاقم أزمة الشرعية الدينية ، في زمن فرض على اليسار ان ينشغل بتصحيح الأخطاء السبعة التي اعترت المسار والاختيار .
كتاب الرأي