الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد عطيف: حتى لا نغرق في مستنقع التخلف السياسي

محمد عطيف: حتى لا نغرق في مستنقع التخلف السياسي

أحيانا يعجز الإنسان عن الكلام وعن الكتابة من كثرة ما يسمع ويشاهد من نفاق بعض الزعماء السياسيين الذين يتحملون عدة مسؤوليات في الحكومة وفي البرلمان، وفي عدة مؤسسات أخرى، وهم يتحدثون عن العدالة الاجتماعية وعن التعليم وعن الصحة، وهم يتحدثون عن الفقر وعن الهشاشة... وكأن السياسة التي أوصلت بلادنا إلى ما وصلت إليه من تردي واستفحال، هي من صنع الأشباح والعفاريت، وليس من صنع حكومة لها برامج وسياسات وميزانيات وصلاحيات يحددها الدستور كأسمى قانون في البلاد، ولها وزارات وإدارات عديدة، مركزية وجهوية ...

هناك في الحقيقة أمر من اثنين:

- إما أن هؤلاء المسؤولين قد عجزوا عن الوفاء بالوعود والبرامج التي قدموها في الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية السابقة، والتي على أساسها شكلوا الحكومة الحالية من الأحزاب التي يمثلونها، وفي هذه الحالة كان عليهم أن يتحلوا بالشجاعة وأن يعلنوا فشلهم، ويشرحوا لنا الأسباب التي حالت دون تحقيق هذه الوعود، لا أن يتقدموا من جديد بنفس الوعود ونفس البرامج، وكأن ذاكرة شعبنا ضعيفة إلى هذا الحد الذي يجعل هؤلاء السياسيين وأحزابهم ينزلون حلبة الانتخابات من جديد وكأن شيئا لم يقع .

- وإما أن هناك فعلا جهات وظروف كانت تعرقل سياسة وبرامج هذه الحكومة، وفي هذه الحالة يطرح السؤال البديهي: لماذا لا تكون لكم الشجاعة للإعلان عن ذلك منذ البداية، وتقديم استقالتكم من الحكومة كما يجري دائما، وبشكل عادي وطبيعي، في كل الدول الديمقراطية التي تحترم مواطنيها .

حقيقة يعجز الإنسان عن وصف ما يجري، ويعجز عن إيجاد العبارات المناسبة لوصف هذا الذي يجري، لأن استبلاد المواطنين واحتقار ذكائهم وإهانة كرامتهم، هو في الحقيقة البرنامج غير المعلن لهذه الأحزاب وزعمائها وأطرها، أما الباقي فهو مجرد كلام منتهية صلاحيته، يطلقون له العنان بمناسبة كل انتخابات، وعند الانتهاء منها تنتهي صلاحيته مجددا في انتظار انتخابات أخرى .

أمام هذا الواقع السياسي الذي لا أجد اسما يناسبه، يبقى الأمل الوحيد من وجهة نظري هو الإيمان بأن مغربا آخر ممكن، وهو الشعار الذي رفعته فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي تعتبر حاليا بمثابة الأمل الذي نتشبث به حتى لا نغرق في مستنقع التخلف السياسي والفكري والثقافي أكثر مما نحن غارقون اليوم.