Friday 30 May 2025
كتاب الرأي

طارق المودن: المبادرة الوطنية استجابة ذكية للمشاكل الاجتماعية

طارق المودن: المبادرة الوطنية استجابة ذكية للمشاكل الاجتماعية طارق المودن
‬تكمن‭ ‬أهمية‭ ‬المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬باعتبارها‭ ‬سياسة‭ ‬عامة‭ ‬تواكبها‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬بهدف‭ ‬إلى‭ ‬مكافحة‭ ‬الفقر‭ ‬والهشاشة‭ ‬الاجتماعية‭.‬
 
إن‭ ‬المبادرة‭ ‬التي‭ ‬أُطلقت‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬بعد‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬ارتكزت‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور:‭ ‬أمني،‭ ‬ديني،‭ ‬وتنموي،‭ ‬لمحاربة‭ ‬الفقر‭ ‬والإقصاء،‭ ‬وتعتبر‭ ‬استجابة‭ ‬ذكية‭ ‬وشاملة‭ ‬للمشاكل‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬مع‭ ‬استهدافها‭ ‬تحسين‭ ‬الحكامة‭ ‬وتبني‭ ‬مقاربة‭ ‬تشاركية‭ ‬تشمل‭ ‬مختلف‭ ‬الفاعلين‭ ‬المحليين‭ ‬والتقائية‭ ‬البرامج‭ ‬في‭ ‬تراب‭ ‬معين‭.‬

المبادرة‭ ‬حظيت‭ ‬بمتابعة‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬مستويات‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬لضمان‭ ‬تنفيذها‭ ‬ونجاحها؛‭ ‬وتم‭ ‬تصنيفها‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬كواحدة‭ ‬من‭ ‬أنجح‭ ‬سياسات‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬عالميا‭.‬

وفي‭ ‬تقييم‭ ‬آثارها،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المبادرة‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬عقلية‭ ‬المواطنين‭ ‬وزيادة‭ ‬مشاركتهم‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬المحلية،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬خطوة‭ ‬استباقية‭ ‬قبل‭ ‬تطبيق‭ ‬سياسات‭ ‬اللامركزية‭ ‬والجهوية‭ ‬الموسعة‭ ‬بالمغرب،‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬نجاحها‭ ‬ومستحضرا‭ ‬نجاحها‭ ‬هو‭ ‬إبداء‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬الغابون‭ ‬والشيلي‭ ‬اهتماما‭ ‬بتبني‭ ‬نموذج‭ ‬مشابه‭ ‬للمبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتنمية‭ ‬البشرية‭.‬

إن‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬المبادرة‭ ‬التي‭ ‬امتدت‭ ‬من‭ ‬شتنبر‭ ‬2019‭ ‬حتى‭ ‬2023،‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الرأسمال‭ ‬البشري،‭ ‬وحققت‭ ‬إنجازات‭ ‬ملحوظة‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الدخل‭ ‬والاندماج‭ ‬الاقتص‭ ‬ادي‭ ‬للشباب،‭ ‬وإنشاء‭ ‬منصات‭ ‬لدعم‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬لهم‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬المبادرة‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬التعليم‭ ‬الأولي‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري‭ ‬للأجيال‭ ‬الصاعدة،‭ ‬وبرامج‭ ‬تحسين‭ ‬الصحة‭ ‬المدرسية‭ ‬وصحة‭ ‬الأطفال‭ ‬والأمهات‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬المبادرة‭.‬

لقد‭ ‬بنيت‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬على‭ ‬نجاحات‭ ‬المرحلتين‭ ‬السابقتين‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التنبيه‭ ‬إلى‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تقييم‭ ‬رسمي‭ ‬لنتائج‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬لضمان‭ ‬تحسن‭ ‬السياسات‭ ‬والمشاريع‭ ‬المستقبلية،‭ ‬مع‭ ‬الأهمية‭ ‬البالغة‭ ‬للمؤهلات‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬تشرف‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬مبادرات‭ ‬التنمية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭  ‬التشديد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬ضمان‭ ‬استدامة‭ ‬المشاريع‭ ‬وتحسين‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬الفاعلين‭ ‬لضمان‭ ‬اكتمال‭ ‬نجاحها‭.‬
طارق المودن، باحث  في قضايا التنمية الترابية