تكمن أهمية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في المغرب باعتبارها سياسة عامة تواكبها الحكومات المتعاقبة بهدف إلى مكافحة الفقر والهشاشة الاجتماعية.
إن المبادرة التي أُطلقت عام 2005 بعد الهجمات الإرهابية في الدار البيضاء عام 2003، ارتكزت على ثلاثة محاور: أمني، ديني، وتنموي، لمحاربة الفقر والإقصاء، وتعتبر استجابة ذكية وشاملة للمشاكل الاجتماعية التي تعاني منها بعض المناطق في المغرب، مع استهدافها تحسين الحكامة وتبني مقاربة تشاركية تشمل مختلف الفاعلين المحليين والتقائية البرامج في تراب معين.
المبادرة حظيت بمتابعة من أعلى مستويات القيادة في البلاد لضمان تنفيذها ونجاحها؛ وتم تصنيفها عام 2015 من قبل البنك الدولي كواحدة من أنجح سياسات التنمية البشرية عالميا.
وفي تقييم آثارها، لابد من الإشارة إلى أن المبادرة ساهمت في تغيير عقلية المواطنين وزيادة مشاركتهم في التنمية المحلية، كما كانت خطوة استباقية قبل تطبيق سياسات اللامركزية والجهوية الموسعة بالمغرب، والدليل على نجاحها ومستحضرا نجاحها هو إبداء دول مثل الغابون والشيلي اهتماما بتبني نموذج مشابه للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
إن المرحلة الثالثة من المبادرة التي امتدت من شتنبر 2019 حتى 2023، سعت إلى التركيز على الرأسمال البشري، وحققت إنجازات ملحوظة تمثلت في تحسين الدخل والاندماج الاقتص ادي للشباب، وإنشاء منصات لدعم الشباب في ريادة الأعمال وتوفير فرص عمل لهم.
كما أن المبادرة ساهمت في دعم التعليم الأولي كجزء من الاستثمار في رأس المال البشري للأجيال الصاعدة، وبرامج تحسين الصحة المدرسية وصحة الأطفال والأمهات كجزء من المبادرة.
لقد بنيت المرحلة الثالثة على نجاحات المرحلتين السابقتين وتهدف إلى تعزيز التنمية في المغرب، لابد من التنبيه إلى الحاجة إلى تقييم رسمي لنتائج المرحلة الثالثة لضمان تحسن السياسات والمشاريع المستقبلية، مع الأهمية البالغة للمؤهلات البشرية التي تشرف على تنفيذ مبادرات التنمية، إضافة إلى التشديد على ضرورة ضمان استدامة المشاريع وتحسين التنسيق بين الفاعلين لضمان اكتمال نجاحها.
طارق المودن، باحث في قضايا التنمية الترابية