Friday 30 May 2025
كتاب الرأي

سعيد ودغيري حسني: المغرب والذكاء الاصطناعي.. حين تستفيق الرمال على وحي السيليكون

سعيد ودغيري حسني: المغرب والذكاء الاصطناعي.. حين تستفيق الرمال على وحي السيليكون سعيد ودغيري حسني
في المغرب
حيث يُحكى للتاريخ أن الشمس لا تغرب دون أن تترك حكمة
وحيث النور لا يكتفي بالصعود من الشرق بل ينبثق من فكرة
يمشي الوطن نحو المستقبل بثوب جديد
لا يُطرز بالخيوط
بل بالخوارزميات
لا يُحاك بالصوف
بل بالبيانات
المغرب يستفيق لا ليعيد الماضي
بل ليبني غدًا ناطقًا بلغة لم نكن نعرفها
لغة تُحاور العقل
وتشبه الحلم
وتُسمى الذكاء الاصطناعي
ما عاد الذكاء حكرًا على الإنسان وحده
ولا صار المستقبل ينتظر من يتأمل
بل يركض نحو من يبرمج
من يُعلّم الآلة أن تفكر
أن تتكلم
أن تُمشط بحار المعلومات كما يُمشط الراعي شعر الخراف
أن تُعالج أن تتعلم أن تُبدع أن تُخطئ وتصحح
أن تكتب الشعر حتى
لكن المغرب لا يخاف من الآلة
بل يفتح لها الباب بشرط أن تظل تلميذة في مدرسة الإنسان
هنا حيث الروح أقوى من أي خوارزمية
والإرادة أصلب من أي معالج
يقف المغرب ويعلن
أن له مكانًا في الزمن الآتي
أن الذكاء الاصطناعي ليس مشروعًا مستورَدًا
بل حقلًا سيزرعه بيديه
وسيحصد ثماره بشبابه
من فصول الرؤية المغربية 2030
إلى مراكز التميز في الذكاء الاصطناعي التي تُفتتح بالتعاون بين الدولة والقطاع الخاص
من دعم الابتكار عبر صناديق التمويل
إلى بثّ روح البرمجة في الثانويات
من رقمنة الإدارات
إلى إدخال الذكاء الاصطناعي في التشخيص الطبي والتعليم الافتراضي وتسيير المدن
كل هذا ليس صدفة
بل جزء من خريطة مغربية جديدة
لا ترسمها الأنهار ولا الحدود
بل ترسمها الأسلاك والمعلومات
في كل مدينة مغربية الآن حكاية رقمية تولد
في كل حاسوب فرصة
وفي كل شاب طموحٌ ينتظر من يفكّ قيده
المغرب لا يعاني من نقص العقول
بل من قلة التمكين
ولا من غياب الطموح
بل من ضعف الترجمة إلى سياسات ميدانية شاملة
لكن رغم العثرات
تسير المملكة في خط واضح
تبني شراكات مع الدول الرائدة
وتحتضن المؤتمرات والمنتديات
وتُرسل أبناءها إلى كبرى الجامعات العالمية
وتنادي على الكفاءات المغربية في الخارج لتعود
ليصير الذكاء الاصطناعي لا غريبًا ولا مستوردًا
بل ابن البلد
ولد وترعرع بين الأطلس والصحراء
ثمّة من يرى أن الذكاء الاصطناعي سيأخذ مكان الإنسان
لكن في المغرب
نحن نُهيّئه ليأخذ بيد الإنسان
نُريده أداة لا غولًا
مساعدًا لا سيدًا
رفيقًا في التقدم لا جلادًا في البطالة
زبدة القول
حين يُقبل المغرب على الذكاء الاصطناعي
فهو لا يبحث عن الزينة ولا عن الصدى
بل عن مكان حقيقي في حضارة قادمة
حضارة تسأل: من يتحكم في البيانات؟
ومن يصنع الخوارزميات؟
ومن يكتب للعالم قصته بلغة الغد؟
والمغرب يقول: أنا هنا
بإنسانيتي أولًا
وبعلمي ثانيًا
وبذكائي ثالثًا
لكن قبل كل ذلك
بكرامتي