Friday 30 May 2025
كتاب الرأي

المصطفى عيشان: احتراق سمعة الجامعة.. إعلام ينبش في فسادها وأساتذة يناصرونها

المصطفى عيشان: احتراق سمعة الجامعة.. إعلام ينبش في فسادها وأساتذة يناصرونها المصطفى عيشان
شهد‭ ‬المغرب‭ ‬عاصفة‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬راج‭ ‬حول‭ ‬جامعة‭ ‬ابن‭ ‬زهر‭ ‬مؤخرًا‭ ‬خروقات‭ ‬في‭ ‬مباريات‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬سلك‭ ‬الماستر،‭ ‬ما‭ ‬أعاد‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭ ‬سؤال‭ ‬الشفافية‭ ‬والنزاهة‭ ‬داخل‭ ‬فضاء‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حارسًا‭ ‬للمعرفة‭ ‬والعدالة‭ ‬الأكاديمية‭. ‬وبين‭ ‬اتهامات‭ ‬إعلامية‭ ‬صريحة‭ ‬بوجود‭ ‬“فساد‭ ‬ممنهج”‭ ‬و“ماسترات‭ ‬للبيع“،‭ ‬ودفاع‭ ‬شرس‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬أساتذة‭ ‬الجامعة‭ ‬عن‭ ‬استقلاليتهم‭ ‬وكرامتهم‭ ‬المهنية،‭ ‬انقسم‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بين‭ ‬مطالب‭ ‬بالتطهير‭ ‬والمحاسبة،‭ ‬وداعٍ‭ ‬للفصل‭ ‬بين‭ ‬الاستثناءات‭ ‬والحالات‭ ‬المعزولة‭ ‬عن‭ ‬المجهودات‭ ‬العلمية‭ ‬الجادة‭ ‬وسمعة‭ ‬الجامعة‭. ‬فهل‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬عرضي‭ ‬أم‭ ‬عرض‭ ‬لمرض‭ ‬بنيوي‭ ‬مزمن‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬المغربي؟‭ ‬وما‭ ‬مبررات‭ ‬وحيثيات‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الإعلاميين‭ ‬وأساتذة‭ ‬الجامعة؟‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الازمة؟
 
الفساد‭: ‬مدخل‭ ‬عام‭ ‬وسياق‭ ‬تفجير‭ ‬قضية‭ ‬جامعية
الفساد‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬أثارت‭ ‬اهتمام‭ ‬شعوب‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬انطلاق‭ ‬الحراك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬2010‭ ‬الذي‭ ‬ربط‭ ‬بين‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬والديمقراطية‭ ‬ومحاربة‭ ‬الفساد‭. ‬ومكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬الشعارات‭ ‬لتصبح‭ ‬مطلباً‭ ‬شعبياً‭ ‬ضاغطاً‭.‬
 
غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬معقدة‭ ‬ومتشعبة،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬إيجاد‭ ‬أنجع‭ ‬السبل‭ ‬لمحاربتها‭ ‬مسألة‭ ‬صعبة‭. ‬ويُعد‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬التجارب‭ ‬الدولية‭ ‬الناجحة‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة،‭ ‬مثل‭ ‬تجربة‭ ‬هونغ‭ ‬كونغ‭ ‬التي‭ ‬عرضها‭ ‬برتراند‭ ‬دو‭ ‬سبيفيل‭ ‬في‭ ‬كتابه‮ ‬“التغلب‭ ‬على‭ ‬الفساد“،‭ ‬الذي‭ ‬ترجمته‭ ‬إلى‭ ‬العربية‭ ‬الهيئة‭ ‬المركزية‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬الرشوة‭ ‬بالمغرب‭ ‬والمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬
 
والكتاب‭ ‬يُعد‭ ‬دليلاً‭ ‬عملياً‭ ‬لصناع‭ ‬القرار،‭ ‬حيث‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬تجربة‭ ‬المؤلف‭ ‬الفعلية،‭ ‬لا‭ ‬إلى‭ ‬تنظير‭ ‬أكاديمي،‭ ‬ويركز‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬مرتكزات‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬ناجحة‭ ‬لمحاربة‭ ‬الفساد:
-‭ ‬التحقيق‭ ‬والملاحقة‭ ‬القضائية،
-‭ ‬الوقاية‭ ‬عبر‭ ‬تحسين‭ ‬الأنظمة،
-‭ ‬التربية‭ ‬والتوعية‭ ‬لتغيير‭ ‬الثقافة‭ ‬المتسامحة‭ ‬مع‭ ‬الفساد‭.‬
 
كما‭ ‬يشدد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬باعتبارها‭ ‬ضرورية‭ ‬لكنها‭ ‬هشّة،‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬مجتمعي‭ ‬دائم‭. ‬ويوصي‭ ‬بإنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬مستقلة‭ ‬تقود‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتخضع‭ ‬للمساءلة‭ ‬وتتوفر‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الضرورية‭.‬
وأخيراً،‭ ‬يؤكد‭ ‬الكتاب‭ ‬أن‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬مسؤولية‭ ‬جماعية،‭ ‬تتطلب‭ ‬إشراك‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬انسجاماً‭ ‬مع‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد،‭ ‬لأن‭ ‬غياب‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬ضعفها‭ ‬يبقى‭ ‬العقبة‭ ‬الأبرز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭.‬
 
 ‬لقد‭ ‬عرفت‭ ‬الجامعة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬هزة‭ ‬قوية‭ ‬عقب‭ ‬تفجر‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬بفضيحة‭ ‬“بيع‭ ‬الشهادات‭ ‬الجامعية“‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬تناقلته‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام،‭ ‬والتي‭ ‬طالت‭ ‬مؤسسات‭ ‬بمدن‭ ‬متعددة،‭ ‬آخرها‭ ‬ما‭ ‬سمعناه‭ ‬عن‭ ‬جامعة‭ ‬ابن‭ ‬زهر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أعاد‭ ‬للواجهة‭ ‬مظاهر‭ ‬ارتزاق‭ ‬تعليمي‭ ‬طالما‭ ‬نُبه‭ ‬إلى‭ ‬خطورته،‭ ‬لكنه‭ ‬ظل‭ ‬مستمرًا‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬رادع‭ ‬مؤسساتي‭ ‬فعال‭.‬
 
قضية‮ ‬“الاتجار‭ ‬في‭ ‬الشهادات“‭ ‬‮ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬وجه‭ ‬من‭ ‬وجوه‭ ‬أخرى‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬تسميته‭ ‬بـ‭ ‬“الارتزاق‭ ‬الجامعي“،‭ ‬وهو‭ ‬نمط‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬يستغل‭ ‬موقع‭ ‬الجامعة‭ ‬ومكانتها‭ ‬كمؤسسة‭ ‬لإنتاج‭ ‬المعرفة،‭ ‬لتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬في‭ ‬الظل‭ ‬للبيع‭ ‬والشراء،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬الماستر،‭ ‬أو‭ ‬إعداد‭ ‬البحوث،‭ ‬أو‭ ‬تحصيل‭ ‬النقط،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الترقية‭ ‬المهنية‭ ‬والتشغيل‭ ‬بالجامعة‭ ‬ويكفي‭ ‬كتابة‭ ‬العبارة‭ ‬التالية‭ ‬على‭ ‬Google 30)مليون‭ ‬لتوظيف‭ ‬أستاذ)‭.‬
 
وقد‭ ‬نبهنا‭ ‬بالصفحة‭ ‬30‭ ‬من‭ ‬كتابنا‭ ‬الاساطير‭ ‬المؤسسة‭ ‬للجامعة‭ ‬المغربية‭ ‬لظاهرة‭ ‬الارتزاق‭ ‬منذ‭ ‬25‭ ‬سنة‭ ‬مضت،‭ ‬‮ ‬إذ‭ ‬قلنا‭ ‬“فنتيجة‭ ‬للود‭ ‬المفقود‭ ‬بين‭ ‬الباحث‭ ‬وصانع‭ ‬القرار،‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أساتذة‭ ‬الجامعات‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬اختزال‭ ‬العمل‭ ‬الجامعي‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬المطبوعات‭ ‬ومن‭ ‬أصبح‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬ساعاته‭ ‬الاضافية‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬الخواص‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬أوقات‭ ‬عمله‭ ‬الرسمي‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬العمومية،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬ينجز‭ ‬بحثا‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سيجني‭ ‬من‭ ‬ورائه‭ ‬مالا،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬أصبح‭ ‬يكتفي‭ ‬بإملاء‭ ‬دروس‭ ‬خلال‭ ‬الحصص‭ ‬الزمنية‭ ‬المخصصة‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬يقرأ‭ ‬حرفا‭ ‬خارج‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬لانشغاله‭ ‬بسمسرة‭ ‬لمنازل‭ ‬أو‭ ‬السيارات‭ ‬أو‭ ‬بمهن‭ ‬أخرى،‭ ‬وظاهرة‭ ‬الارتزاق‭ ‬قد‭ ‬استفحلت‭ ‬لدرجة‭ ‬إفراز‭ ‬شبكات‭ ‬ولوبيات‭ ‬تقتنص‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬تدر‭ ‬المال‭ ‬بدعوى‭ ‬البحث‭ ‬العلمي”
 
في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تطرح‭ ‬أسئلة‭ ‬حارقة:‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أجهزة‭ ‬الرقابة‭ ‬وقف‭ ‬هذا‭ ‬النزيف؟‭ ‬وكيف‭ ‬تسكت‭ ‬الوزارة‭ ‬الوصية‭ ‬أمام‭ ‬تضخم‭ ‬“اقتصاد‭ ‬الظل“‭ ‬داخل‭ ‬أسوار‭ ‬الجامعة،؟‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬للتساؤل‭ ‬عن‭ ‬حدود‭ ‬فاعلية‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬مما‮ ‬‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬الجامعي‭ ‬والإعلامي‭.‬
 
‮ ‬دلالات‭ ‬ظاهرة‭ ‬الفساد‭ ‬وتفكك‭ ‬الثقة‭ ‬الاجتماعية
تعكس‭ ‬ظاهرة‭ ‬الارتزاق‭ ‬الجامعي‭ ‬فساد‭ ‬وأزمة‭ ‬قيمية‭ ‬عميقة‭ ‬داخل‭ ‬النسيج‭ ‬المجتمعي‭ ‬المغربي‭. ‬فالجامعة،‭ ‬التي‭ ‬يُفترض‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضمير‭ ‬الأمة‭ ‬ورافعة‭ ‬الإصلاح،‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬عديدة‭ ‬مصدرًا‭ ‬لإعادة‭ ‬إنتاج‭ ‬الفساد‭ ‬البنيوي‭. ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬يُفقد‭ ‬الجامعة‭ ‬مصداقيتها،‭ ‬ويُضعف‭ ‬ثقة‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬جدوى‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬انتشار‭ ‬ظواهر‭ ‬كالرشوة‭ ‬والزبونية‭ ‬‮ ‬والابتزاز‭ ‬داخل‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي‭ ‬يكرّس‭ ‬شعورًا‭ ‬باللاعدالة،‭ ‬ويجعل‭ ‬الطلبة‭ ‬يفقدون‭ ‬الإيمان‭ ‬بجدوى‭ ‬الاجتهاد‭ ‬والكفاءة،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انسحاب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكفاءات‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬وتراجع‭ ‬جودة‭ ‬التكوين،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ضعف‭ ‬مخرجات‭ ‬الجامعة‭.‬
الأسوأ‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬يغذي‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬باقي‭ ‬المجالات،‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬خريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬الفاسدين‭ ‬ينتقلون‭ ‬إلى‭ ‬الإدارات،‭ ‬ويعيدون‭ ‬إنتاج‭ ‬نفس‭ ‬السلوكيات‭ ‬داخل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭.‬
 
‮ ‬“هجوم”‭ ‬الاعلام‭ ‬ودفاع‭ ‬الأساتذة
قضية‭ ‬أستاذ‭ ‬جامعة‭ ‬ابن‭ ‬زهر،‭ ‬كما‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬المغربي‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬أفرزت‭ ‬ظاهرة‭ ‬لافتة‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬المجتمعي،‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬“هجوم“ إعلامي‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬مقابل‭ ‬موجة‭ ‬دفاع‭ ‬واصطفاف‭ ‬مهني‭ ‬وأكاديمي‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأساتذة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬ويمكن‭ ‬تحليل‭ ‬تجليات‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬وقراءتها‭ ‬على‭ ‬مستويين‭ ‬تبريرين:
مبررات‭ ‬“الهجوم“‭ ‬الإعلامي‭ ‬على‭ ‬الجامعة
-‭ ‬منطق‭ ‬الإثارة‭ ‬الإعلامية‭ ‬و“الجمهور‭ ‬الراغب‭ ‬في‭ ‬الفضيحة”:‮ ‬حيث‭ ‬الإعلام‭ ‬الرقمي‭ ‬والورقي‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬–‭ ‬أصبح‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الإثارة‭ ‬لجلب‭ ‬التفاعل‭ ‬والزيارات‭.‬وقضايا‭ ‬مثل‭ ‬“بيع‭ ‬الماسترات“‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬السلطة،‭ ‬الجنس،‭ ‬المال،‭ ‬والفساد،‭ ‬وهي‭ ‬مواضيع‭ ‬جذابة‭ ‬للجمهور‭.‬‮ ‬وبالتالي،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬“الطبيعي“‭ ‬أن‭ ‬يُشهر‭ ‬الإعلام‭ ‬بهذه‭ ‬القضايا‭ ‬لأنها مادة‭ ‬دسمة تضمن‭ ‬التفاعل‭ ‬والانتشار‭.‬
-‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬وفي‭ ‬نزاهة‭ ‬الشهادات:‮ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬تصور‭ ‬شعبي‭ ‬متزايد‭ ‬بأن‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬لا‭ ‬يعتمد‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬الاستحقاق،‭ ‬وأن‭ ‬ولوج‭ ‬الماسترات‭ ‬والدكتوراه‭ ‬يتم‭ ‬أحيانًا‭ ‬بالوساطة‭ ‬أو‭ ‬المال‭.‬‮ ‬والإعلام‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬فرصة‭ ‬لتأكيد‭ ‬هذا‭ ‬التصور‭ ‬و“تعرية‭ ‬الفساد“،‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬“الانتقام‭ ‬الرمزي“‭ ‬ضد‭ ‬‮ ‬النخبة‭ ‬الجامعية‭.‬
-‭ ‬غياب‭ ‬تواصل‭ ‬شفاف‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الجامعات:‮ ‬حيث‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الحالات،‭ ‬لا‭ ‬تصدر‭ ‬الجامعات‭ ‬بيانات‭ ‬واضحة،‭ ‬ولا‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬فعال‭ ‬يوضح‭ ‬موقفها‭ ‬أو‭ ‬مسار‭ ‬التحقيقات‭.‬‮ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬صمت‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬أستاذ‭ ‬أكادير‭ ‬اذ‭ ‬لم‭ ‬يخرج‭ ‬رئيس‭ ‬الجامعة‭ ‬ولا‭ ‬عميد‭ ‬الكلية‭ ‬ولا‭ ‬رئيس‭ ‬الشعبة‭ ‬للإعلام‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬الضجة‭ ‬ما‭ ‬أخذته‭ ‬من‭ ‬انتشار‭. ‬وهذا‭ ‬الفراغ‭ ‬الإعلامي‭ ‬يملؤه‭ ‬الصحفيون‭ ‬بتسريبات‮ ‬أو‭ ‬شهادات‭ ‬غير‭ ‬موثقة،‭ ‬ما‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬للتهويل‭ ‬والتعميم‭.‬
-‭ ‬تحول‭ ‬الصحافة‭ ‬إلى‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬“العدالة‭ ‬الرمزية”:‮ ‬حيث‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬شعور‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬بأن‭ ‬القضاء‭ ‬بطيء‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬رادع،‭ ‬يتعامل‭ ‬الإعلام‭ ‬كمحكمة‭ ‬أخلاقية‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬فضح‭ ‬المتورطين‭ ‬وتقديمهم‭ ‬للمجتمع‭ ‬كمدانين‭.‬
وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬‮ ‬الإعلام‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬بالإخبار‭ ‬بل‭ ‬“يصدر‭ ‬الأحكام‭ ‬الشعبية“،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعتبره‭ ‬البعض‭ ‬خدمة‭ ‬للمجتمع،‭ ‬وآخرون‭ ‬مساسًا‭ ‬بالعدالة‭ ‬وقرينة‭ ‬البراءة‭.‬
-‮     ‬استغلال‭ ‬سياسي‭ ‬“أمني‭ ‬لبعض‭ ‬القضايا“‮ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفال‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬يُستغل‭ ‬الهجوم‭ ‬الإعلامي‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬“سياسية‭ ‬أو‭ ‬إدارية“‭ ‬لتصفية‭ ‬حسابات‭ ‬داخلية‭ ‬أو‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬الجامعة‭ ‬قصد‭ ‬تطويعها‭ ‬أو‭ ‬تمرير‭ ‬إصلاحات‭ ‬معينة‭.‬
 
ب)‭ ‬مبررات‭ ‬الأساتذة‭ ‬ضد‭ ‬“الهجوم“‭ ‬الإعلامي
-‭ ‬المساس‭ ‬بقرينة‭ ‬البراءة:‮ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬الأساتذة‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬يمارس‮ ‬محاكمة‭ ‬استباقية للأشخاص‭ ‬والمؤسسة‭ ‬الجامعية،‭ ‬ضاربًا‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬بمبدأ‭ ‬دستوري‭ ‬هو‭ ‬“قرينة‭ ‬البراءة“،‭ ‬حيث‭ ‬يُقدَّم‭ ‬الأستاذ‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬كمذنب‭ ‬قبل‭ ‬صدور‭ ‬أي‭ ‬حكم‭ ‬قضائي‭.‬
-‭ ‬التشهير‭ ‬والتعميم‭ ‬الممنهج:‮ ‬حيث‭ ‬يُعترض‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬بنقل‭ ‬الوقائع،‭ ‬بل‭ ‬يميل‭ ‬إلى التشهير‭ ‬وتضخيم‭ ‬الحادثة وتعميمها‭ ‬على‭ ‬الجسم‭ ‬الجامعي‭ ‬ككل،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تشويه‭ ‬صورة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬العمومي‭ ‬والأساتذة‭ ‬النزهاء‭ ‬الذين‭ ‬يُشكلون‭ ‬الأغلبية‭.‬
-‭ ‬غياب‭ ‬المهنية‭ ‬في‭ ‬المعالجة‭ ‬الإعلامية:‮ ‬حيث‭ ‬يشير‭ ‬الأساتذة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الإعلامية‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى الدقة‭ ‬والتوازن‭ ‬المهني،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الطرف‭ ‬المعني‭ ‬“الأستاذ‭ ‬أو‭ ‬الإدارة“،‭ ‬ويتم‭ ‬اعتماد‭ ‬التسريبات‭ ‬أو‭ ‬شهادات‭ ‬دون‭ ‬تحقق‭.‬
-‭ ‬تسييس‭ ‬القضية‭ ‬أو‭ ‬توجيهها‭ ‬لخدمة‭ ‬أجندات‭ ‬معينة:‮ ‬حيث‭ ‬يلمح‭ ‬بعض‭ ‬الأساتذة‭ ‬إلى‭ ‬أن‮ ‬استهداف‭ ‬جامعات‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬أساتذة‭ ‬دون‭ ‬غيرهم قد‭ ‬يخفي‭ ‬خلفيات‭ ‬غير‭ ‬أكاديمية،‭ ‬سواء‭ ‬تصفية‭ ‬حسابات‭ ‬شخصية،‭ ‬نقابية،‭ ‬أو‭ ‬سياسية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُفقد‭ ‬الهجوم‭ ‬الإعلامي‭ ‬براءته‭ ‬المفترضة‭.‬
-‭ ‬الصمت‭ ‬والتواطئ‭ ‬تجاه‭ ‬فساد‭ ‬قطاعات‭ ‬أخرى:‮ ‬حيث‭ ‬يعبر‭ ‬البعض‭ ‬عن مفارقة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬الإعلامي،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تضخيم‭ ‬أي‭ ‬شبهة‭ ‬داخل‭ ‬الجامعة،‭ ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬يُسلّط‭ ‬نفس‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬الفساد‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬أخرى‭ ‬أكثر‭ ‬حيوية‭ ‬أو‭ ‬تأثيرًا،‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬“الانتقائية”‭ ‬في‭ ‬المعالجة‭ ‬الإعلامية‭.‬
-‭ ‬تهميش‭ ‬جهود‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتفاني‭ ‬الأكاديمي:‮ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأساتذة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬يُهمّش الجهود‭ ‬الجبارة‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأساتذة‭ ‬في‭ ‬التكوين‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي،‭ ‬ويتم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الشواذ‭ ‬لتكوين‭ ‬صورة‭ ‬نمطية‭ ‬سلبية‭.‬
-‭ ‬ضرب‭ ‬مكانة‭ ‬الجامعة‭ ‬العمومية‭ ‬لصالح‭ ‬التعليم‭ ‬الخاص:‮ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الحملات‭ ‬الإعلامية‭ ‬المتكررة‭ ‬ضد‭ ‬الجامعة‭ ‬العمومية‭ ‬قد‭ ‬تكون جزءًا‭ ‬من‭ ‬توجه‭ ‬غير‭ ‬معلن‭ ‬لتقويض‭ ‬الثقة‭ ‬فيها،‭ ‬تمهيدًا‭ ‬لتوسيع‭ ‬نفوذ‭ ‬القطاع‭ ‬الجامعي‭ ‬الخاص‭.‬
يدعو‭ ‬الأساتذة‭ ‬إلى‭ ‬التمييز‭ ‬بين الخطأ‭ ‬الفردي‮ ‬(إن‭ ‬ثبت)‭ ‬وبين مؤسسة‭ ‬وطنية،‭ ‬ويؤكدون‭ ‬أن‭ ‬إصلاح‭ ‬الجامعة‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬بالتشهير،‭ ‬بل‭ ‬بالحوار،‭ ‬والتشريع،‭ ‬وربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬دولة‭ ‬الحق‭ ‬والقانون،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الضغط‭ ‬الإعلامي‭ ‬أو‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬المنفعل‭.‬‮ ‬وحين‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬الجامعة‭ ‬استقلاليتها‭ ‬الإدارية‭ ‬والمالية،‭ ‬نفهم‭ ‬صدمة‭ ‬البعض‭ ‬الذي‭ ‬يتساءل‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬تطويق‭ ‬الفساد‭ ‬بالجامعة‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬وسريع‭.‬
‮ ‬
نحو‭ ‬استعادة‭ ‬هيبة‭ ‬الجامعة‭ ‬ومهنية‭ ‬الإعلام‮ ‬
للخروج‭ ‬من‭ ‬منطق‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الجامعة‭ ‬والإعلام‭ ‬إلى‭ ‬منطق‭ ‬الإصلاح‭ ‬المشترك،‭ ‬وردا‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يعتبر‭ ‬الفساد‭ ‬أصبح‭ ‬عقيدة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬نقول‭ ‬حسن‭ ‬علاقة‭ ‬الإعلام‭ ‬بالجامعة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الطرق‭ ‬لتجاوز‭ ‬مخاطر‭ ‬الفساد،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الجامعة‭ ‬والإعلام‭ ‬معًا‭ ‬يُمثلان‭ ‬ركيزتين‭ ‬أساسيتين‭ ‬لبناء‭ ‬وعي‭ ‬مجتمعي‭ ‬نزيه،‭ ‬وحماية‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬الحل‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬بالإدانة‭ ‬المتبادلة،‭ ‬بل‭ ‬بـ:
 
أ)‭ ‬إرساء‭ ‬آليات‭ ‬الرقابة‭ ‬والمحاسبة‭ ‬داخل‭ ‬الجامعة
-‭ ‬اعتماد‭ ‬نظام‭ ‬شفاف‭ ‬وواضح‭ ‬لولوج‭ ‬الماسترات‭ ‬والدكتوراه قائم‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬موضوعية‭ ‬معلنة‭ ‬مسبقًا‭.‬
-‭ ‬تقوية‭ ‬أجهزة‭ ‬الرقابة‭ ‬الداخلية داخل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الجامعية‭ ‬(مجالس‭ ‬المؤسسة،‭ ‬لجان‭ ‬النزاهة‭...‬)‭.‬
-‭ ‬ربط‭ ‬التعيين‭ ‬في‭ ‬المسؤوليات‭ ‬الجامعية‭ ‬(رئاسة‭ ‬الشعب،‭ ‬التنسيقيات‭...‬)‭ ‬بتقارير‭ ‬النزاهة‭ ‬والتقييم‭ ‬الدوري‭.‬
-‭ ‬تشجيع‭ ‬ثقافة‭ ‬التبليغ‭ ‬الداخلي‮ ‬عن‭ ‬التجاوزات‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬الحماية‭ ‬القانونية‭ ‬للمبلغين‭.‬
-‭ ‬إشراك‭ ‬ممثلي‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬انتقاء‭ ‬المرشحين‭ ‬(لقد‭ ‬طبقنا‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تجربتنا‭ ‬بماستر‭ ‬التخطيط‭ ‬والتنمية‭ ‬الترابية‭ ‬بجامعة‭ ‬القاضي‭ ‬عياض)
 
ب)‭ ‬إصلاح‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الجامعة‭ ‬والإعلام
-‭ ‬إحداث‭ ‬ميثاق‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬الإعلاميين‭ ‬والأساتذة‮ ‬يُحدد‭ ‬ضوابط‭ ‬التعامل‭ ‬الإعلامي‭ ‬مع‭ ‬القضايا‭ ‬الجامعية،‭ ‬يحترم‭ ‬قرينة‭ ‬البراءة،‭ ‬ويحفظ‭ ‬المهنية‭.‬
-‭ ‬تكوين‭ ‬إعلاميين‭ ‬متخصصين‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‮ ‬بما‭ ‬يرفع‭ ‬من‭ ‬جودة‭ ‬التغطية‭ ‬ويمنع‭ ‬التبسيط‭ ‬المُخل‭ ‬أو‭ ‬التهويل‭.‬
-‭ ‬فتح‭ ‬قنوات‭ ‬للتواصل‭ ‬الدائم‭ ‬بين‭ ‬الصحافة‭ ‬ومجالس‭ ‬الجامعات لتوضيح‭ ‬المواقف‭ ‬وتقديم‭ ‬المعلومات‭ ‬الصحيحة‭.‬
-‭ ‬السماح‭ ‬للصحفيين‭ ‬بالقيام‭ ‬بتحقيقات‭ ‬داخل‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي،‭ ‬ونشر‭ ‬ملفات‭ ‬كملف‭ ‬مشاركة‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬المؤسسات‭ ‬الجامعية‭ ‬“قد‭ ‬يصدمون‭ ‬بنتائج‭ ‬انتخابات‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬مجالس‭ ‬الكليات“

ج)‭ ‬حماية‭ ‬صورة‭ ‬الجامعة‭ ‬وتعزيز‭ ‬دورها
-‭ ‬دعم‭ ‬مبادرات‭ ‬الانفتاح‭ ‬الجامعية‭ ‬على‭ ‬محيطها‭ ‬الاجتماعي‮ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشراكات،‭ ‬الأيام‭ ‬المفتوحة،‭ ‬والتظاهرات‭ ‬العلمية‭.‬
-‭ ‬تثمين‭ ‬المجهودات‭ ‬البحثية‭ ‬للأساتذة‭ ‬والترويج‭ ‬لها‭ ‬إعلاميًا بدل‭ ‬حصر‭ ‬الاهتمام‭ ‬في‭ ‬الفضائ،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الطلبة‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬بحوث‭ ‬حول‭ ‬الفساد‭ ‬بالجامعات‭.‬
-‭ ‬مراجعة‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬الجامعية‭ ‬في‭ ‬التكوين‭ ‬الأساسي‭ ‬للأساتذة لتشمل‭ ‬،‭ ‬العدالة،‭ ‬وتدبير‭ ‬السلطة‭ ‬الأكاديمي‭ ‬والحكامة‭.‬
 
د)‭ ‬إرساء‭ ‬استقلالية‭ ‬القضاء‭ ‬باعتباره‭ ‬الفيصل
-‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن السلطة‭ ‬القضائية‭ ‬هي‭ ‬المخولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لتحديد‭ ‬المسؤوليات‭ ‬والعقوبات،‭ ‬وليس‭ ‬الإعلام‭ ‬أو‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭.‬‮ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يمنع‭ ‬من‭ ‬مناقشة‭ ‬الموضوع‭ ‬وادلاء‭ ‬الرأي‭.‬
-‭ ‬احترام‭ ‬المراحل‭ ‬القانونية‭ ‬وضمان محاكمات‭ ‬عادلة‭ ‬وشفافة تضمن‭ ‬الحقوق‭ ‬لجميع‭ ‬الأطراف‭.‬
-‭ ‬تسريع‭ ‬البت‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬ذات‭ ‬الحساسية‭ ‬المجتمعية‮ ‬مثل‭ ‬قضايا‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة،‭ ‬لتفادي‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الشكوك‭ ‬والمس‭ ‬بصورة‭ ‬المؤسسات‭.‬
 
لقد‭ ‬استضاف‭ ‬موقع‭ ‬الكتروني‭ ‬أساتذة‭ ‬جامعيين،‭ ‬منهم‭ ‬رؤساء‭ ‬شعب‭ ‬بكليات‭ ‬الحقوق،‭ ‬فأقر‭ ‬بعضهم‭ ‬بوجوب‭ ‬سحب‭ ‬الشواهد‭ ‬من‭ ‬مستعملي‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬عليها،‭ ‬تصريح‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬محرج‭ ‬للجميع،‭ ‬إعلام‭ ‬وجامعة،‭ ‬إذ‭ ‬كيف‭ ‬سيتابع‭ ‬الإعلام‭ ‬عملية‭ ‬السحب‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬العارفين‭ ‬بالقانون؟‭ ‬وكيف‭ ‬ستنفذ‭ ‬الجامعة‭ ‬عملية‭ ‬السحب‭ ‬في‭ ‬نازلة‭ ‬قيل‭ ‬أن‭ ‬فاعلها‭ ‬جنى‭ ‬منها‭ ‬أموالا‭ ‬طائلة‭ ‬وبالتالي‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬يهمهم‭ ‬السحب‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬كبير؟‮ ‬‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬استعادة‭ ‬هيبة‭ ‬الجامعة‭ ‬لا‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬إنكار‭ ‬الاختلالات،‭ ‬بل‭ ‬عبر‭ ‬الجرأة‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬بها‭ ‬وتصحيحها‭ ‬داخل‭ ‬الإطار‭ ‬المؤسساتي‭. ‬واستعادة‭ ‬مهنية‭ ‬الإعلام‭ ‬لا‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬كبح‭ ‬حريته،‭ ‬بل‭ ‬عبر‭ ‬مسؤوليته‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والمهنية‭. ‬كلاهما‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬حليفان‭ ‬لا‭ ‬خصمان‭.‬‮ ‬فإذا‭ ‬بدأنا‭ ‬مقالنا‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬كتاب‮ ‬”التغلب‭ ‬على‭ ‬الفساد”،‭ ‬يصبح‭ ‬سؤالنا‭ ‬بشأن‭ ‬عدد‭ ‬الاعمال‭ ‬العلمية‭ ‬من‭ ‬أطروحات‭ ‬جامعية‭ ‬ومقالات‭ ‬بمجلات‭ ‬علمية‭ ‬محكمة‭ ‬بشأن‭ ‬طبيعة‭ ‬الفساد‭ ‬الجامعي‭ ‬مشروعا‭. ‬وأما‭ ‬حل‭ ‬مشكل‭ ‬الفساد‭ ‬بالجامعة‭ ‬المغربية‭ ‬فيكمن‭ ‬في‭ ‬دمقرطتها،‭ ‬بدءا‭ ‬بانتخاب‭ ‬مسيريها:‭ ‬إذ‭ ‬كيف‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬تحصر‭ ‬عملية‭ ‬الانتخاب‭ ‬في‭ ‬رئيس‭ ‬الشعبة‭ ‬ولا‭ ‬ينتخب‭ ‬العميد‭ ‬ولا‭ ‬ينتخب‭ ‬رئيس‭ ‬الجامعة؟
 
لا‭ ‬يمكن‭ ‬نجاح‭ ‬المصالحة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭ ‬بين‭ ‬الاعلام‭ ‬والجامعة،‭ ‬دون‭ ‬اعتماد‭ ‬التركيب‭ ‬الثلاثي‭ ‬للعمل‭ ‬والذي‭ ‬اوردناه‭ ‬في‭ ‬كتابنا‭ ‬نظريات‭ ‬المعرفة‭ ‬السوسيومجالية‭ ‬الصادر‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬أي‭ ‬ادخال‭ ‬طرف‭ ‬ثالث‭ ‬وهو‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمحاربة‭ ‬فساد‭ ‬الجامعة‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الإعلام‭.‬‮ ‬
المصطفى عيشان، باحث في شؤون التنمية