السبت 23 نوفمبر 2024
في الصميم

لملايرية بالمغرب: فقراء الصقيع ينتظرونكم !

لملايرية بالمغرب: فقراء الصقيع ينتظرونكم ! عبد الرحيم أريري
إذا اعتمدنا الإحصائيات التي كشفها عبد الوافي لفتيت،وزير الداخلية، يوم 6يناير 2018 في الاجتماع المخصص لمواجهة تداعيات موجة الثلج والبرد القارس، نجد بأن المغاربة المتضررين أكثر من الكوارث المناخية يصل إلى 514ألف نسمة موزعين على 22 إقليم جبلي(ميدلت،تنغير،شفشاون،إفران،الحوز،تازة،إلخ...). وهذا العدد من المواطنين الذين يجتازون محنة قاسية في هذه الفترة الباردة جدا يصنفون في خانة الفئات الهشة جدا التي لا تتوفر على موارد كافية لمواجهة هذه الموجة(مأكل،حطب التدفئة،ملبس،إلخ...). 
وإذا كانت الدولة - في شخص المؤسسات الدستورية من حكومة وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية- قد انتبهت في السنوات الأخيرة إلى معاناة سكان  الأحواض الجبلية وشرعت في سن سياسة استباقية للتخفيف من محنة هؤلاء،فإن ذلك لا يسقط الحق في مسائلة  المليارديرات ، أي "لملايرية الكبار" بالمغرب الذين تعد ثرواثهم بالملايير من الدراهم(وليس الملايين) ومدى مساهمتهم في التضامن مع مغاربة الهامش من جهة،ومدى ترسيخهم لثقافة التآزر في المجتمع من جهة ثانية، ومدى دورهم في تهذيب السلوك الإحساني ببلادنا من جهةثالثة  عبر بعث إشارات الثقة وغرس القيم الكونية في النشء الصاعد.
فحسب التقارير المتداولة، نجد أن المغرب يضم حاليا حوالي 1400  ملياردير. ولو قمنا بعملية حسابية بسيطة تخص مساهمة هؤلاء " لملايرية" في المجهود التضامني لتخفيف معاناة إخوانهم بالمناطق الجبلية والباردة جدا سنقف على أرقام مخجلة وصادمة.
فبالعودة إلى أرقام الوزير  لفتيت نجد أن  514 ألف مغربي المحاصرين بالثلوج وبالصقيع يمثلون 100 ألف أسرة تقريبا (بمعدل 5أفراد في الأسرة كمعدل أدنى)، وفي حالة ما إذا قسمنا هذا العدد على "الملايرية" بالمغرب ستكون حصة كل ملياردير هي التكفل ب 71 أسرة.
وإذا افترضنا جدلا أن كل أسرة (من باب الكرم والإحسان) تحتاج لحوالي 2000 درهم شهريا لمساعدتها على تحمل نفقات هذا البرد والصقيع، فإن ذلك يمثل اعتمادا قدره 142 ألف درهم كمساهمة لكل ملياردير في الشهر، أي ما يمثل حوالي 200 مليون درهم كمساهمة إحسانية من المليارديرات بالمغرب ككل.
هذا المبلغ يبقى جد تافه بالنسبة للمليارديرات،خاصة إذا علمنا أن ملياردير واحد بالمغرب ينفق في حفلة باذخة أو "قصارة واعرة" في "فيرمة"، ما يفوق هذا المبلغ الشهري لكل واحد.(حسبنا هنا استحضار مقاطع الفيديو التي راجت مؤخرا في مواقع التواصل الاجتماعي عن المبالغ الفلكية التي أنفقها هذا الملياردير أو ذاك في حفلة واحدة) .
وإذا زاد كرم "الملايرية"، وارادوا تحمل نفقات شهرين فالمبلغ لا بتجاوز 284 ألف درهم لكل ملياردير.
إن هذا الاقتراح لو تم العمل به فإنه لن يساعد على ردم هوة الحقد بين طبقات المجتمع فحسب، بل قد يدفع الدولة إلى تخصيص الموارد التي تنفقها على هؤلاء المهمشين بالجبال لتخصصها لشق الطرق والقناطر، ولتخصصها لتجميع الدواوير في المراكز والأنوية الحضرية الموزعة بالجبال بدل أن يبقى السكن مشتتا لتخفيف الكلفة على الخزينة العامة مستقبلا في مجال إنجاز المرافق العمومية، فضلا عن  ضمان مردودية الاستثمار العمومي لصعوبة إرضاء كل دوار وكل "كانون" بطريق وبمدرسة وبمحول كهربائي وبمركز صحي وبمضخة للماء.
فهل سيبادر مليارديرات المغرب لخلق مؤسسات اجتماعية fondations على غرار أثرياء العالم لتتولى القيام بالأعمال الإحسانية أم سيتجاهلون الرسالة ويعمقون الجراح..جراح الكراهية والحقد الاجتماعي؟
ذاك هو السؤال وتلك هي الإشكالية.
ملحوظة:
هناك قلة قليلة جدا من أثرياء بلادنا ممن ينبض قلبهم بالمغرب من يخصصون جزءا من ثرواثهم لتنفقها مؤسسات باسمهم في أعمال إحسانية وخيرية ، وهؤلاء لا تعنيهم رسالتنا لأنهم قلة قليلة كما أكدنا.