السبت 18 مايو 2024
مجتمع

ذ. لحبيب حاجي: الدولة هي من تحمي عبد العالي حامي الدين في قضية تصفية أيت الجيد

 
 
ذ. لحبيب حاجي: الدولة هي من تحمي عبد العالي حامي الدين في قضية تصفية أيت الجيد

نظمت أسرة وأصدقاء ورفاق محمد بنعيسى آيت الجيد الطالب، المحسوب على اليسار القاعدي، وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء 13 أكتوبر الحالي أمام البرلمان، منددين باختيار حامي الدين كرئيس لفريق المستشارين باسم البيجيدي بالغرفة الثانية.. ويتهمه المحتجون بضلوعه في تصفية أيت الجيد في تسعينات القرن الماضي. "أنفاس بريس" اتصلت بالأستاذ لحبيب حاجي المحامي والناشط الحقوقي بتطوان، وأجرت معه الحوار التالي:

+ شاركت في الوقفة الاحتجاجية المنظمة أمام البرلمان، بمناسبة عملية انتخاب رئيس مجلس المستشارين، يوم الثلاثاء 13 أكتوبر.. ونددت الوقفة بانتخاب عبد العالي حامي الدين مستشارا بهذا المجلس.. ما هي دواعي هذه الوقفة، وقد سبق أن عرض الملف على أنظار هيئة الإنصاف والمصالحة التي برأت حامي الدين من تهمة المشاركة في تصفية آيت الجيد؟

- حامي الدين لم تبرئه هيأة الإنصاف. إن القرار الذي أدان حامي الدين أصبح قرارا نهائيا وحائزا لقوة الشيء المقضي به، ولا يمكن أن يسقط إلا بقرار قضائي عبر سلوك مساطر قضائية معينة.. أما تعويض هيأة الإنصاف والمصالحة لم ينصب على التهمة، وإنما انصب على إجراءات الاعتقال قبل التحقيق معه في موضوع التهمة. وإن ذلك  التعويض في حد ذاته هو فضيحة كبرى يقلل ويضعف من مصداقية تلك الهيأة.. فمن يطلع عليه يتبين أن الأمر مخدوم. وأنا أمد لموقعكم بمقرر هيأة الإنصاف للنشر. وسوف يتعرف المتتبع أن الذي زكى حامي الدين هو أحمد الريسوني، إذ أن هذا الإسلامي المتطرف يزكي زميلا له. كما أن الأمر مرتب من طرف الدولة، إذ أنها تعوض بوليسها غير الشرعي الذي أدى مهاما وسخة محددة.

كما أن مهام الإنصاف والمصالحة تنصب على الخروقات التي مارستها الدولة ضد الضحايا. أما حالة حامي الدين فهو قد قتل شخصا ولم يسجن سوى سنتين، وكان يجب أن يعامل مثل زميله عمر محب المحكوم ب 10 سنوات نافذة بتهمة القتل العمد. والعائلة والمجتمع الحقوقي لا يزالون يواصلون نضالهم من أجل أن يعاقب حامي الدين وفق طبيعة الفعل المرتكب من طرفه. إذاً نخلص إلى أن حامي الدين مازال يعتبر مجرما قاتلا وفق قرار قضائي.

+ هل في نظرك يمكن للقضاء بعث الملف من جديد ضد حامي الدين في ظل سياق يتميز أولا بحكومة يقودها حزب البيجيدي، وثانيا بوزارة عدل تابعة لنفس الحزب، وثالثا اكتساب حامي الدين للحصانة البرلمانية بعد انتخابه مستشارا، بل ومرشح لرئاسة فريق المصباح بمجلس المستشارين؟

- هناك صعوبة حقيقية. فالدولة هي أول من يحمي عبد العالي حامي الدين، كما قلت، لأنه نفذ مهمة مع زملائه لقتل أيت الجيد بنعيسى، وهي مهمة كانت في مصلحة الدولة ومصلحة الجهات الإسلامية المتطرفة من أجل التخلص من هذا اليساري. وبالتالي فالمشكلة الرئيسية هي في الدولة التي تحميه منذ مدة قبل أن يتشكل حزب العدالة والتنمية، وقد كان آنذاك ضمن فصيل طلابي إسلامي متطرف. والآن، وبعد وصول هذا الحزب للتسيير تزيد الأمور تعقدا، خاصة وأن هناك تأثيرا واضحا لوزير العدل ولرئيس الحكومة، سواء في هذا الملف أو في ملفات أخرى. كما أن الدفع به إلى مواقع سياسية مهمة تفسر قراءتي هذه من أجل حمايته أكثر وتنظيفه ومحو آثار الجريمة وقطع أية صلة بينه وبين الجريمة. لكن لن نصمت لأن الأمر متعلق بدم مواطن وإنسان ومناضل كبير، ويلخص نضال الديمقراطيين من أجل وطن للجميع.

هذا هو أيت الجيد: خلاصة صراع بين التقدم والتخلف. والقضاء لديه مداخل قانونية لمعاقبة حامي الدين على الجريمة التي ارتكبها. ألا يمكن معاقبة شخص قتل شخصا عمدا بسيارته بعدما سبق أن حوكم بالقتل غير العمدي في إطار ملفات السير؟ وقد كشف هذا في لحظة معينة عندما سجله شخص سمعيا بصريا وهو يقول لقد قتلت عمدا فلان بسيارتي. ألا يمكن محاكمته بناء على ظهور أدلة جديدة لم تكن معروفة لمعاقبته على الفعل الحقيقي المرتكب من طرفه؟ يمكن قانونا وقضاء؟ وهذا ملف حقوقي وليس ملفا عاديا.

+ لماذا إحياء هذا الملف في هذا الظرف بالذات بعد أكثر من عقدين على وفاة آيت الجيد أمام قضايا أخرى آنية تعج بها الساحة سياسيا واقتصاديا، كملفات لاسامير واستعمال المال في الانتخابات ومتابعة المتورطين فيه، إلخ؟

- هذا السؤال غير مشروع لأن الملف حي منذ نشوئه. فمن ناحية الأسرة والعائلة، فإنها ظلت تراقب المصالح القضائية وهي تحقق، وهي لا تدري ما يحصل على مستوى التحقيق إلى حدود 2006 لتتحرك وفق رؤية واضحة، ثم تتقدم كمطالبة بالحق المدني في ملف عمر محب عندما سيلقى عليه القبض بعد مدة طويلة من نشر مذكرة بحث وطنية عنه. وقبل هذه السنة كانت العائلة مذهولة أمام ما يحدث، لأنه بلغ إلى علمها أن الأجهزة البوليسية تعتقل رفاق ابنها على أساس أنهم هم من تسببوا في وفاته. وهكذا تم اعتقال زميله ورفيقه الدكالي الشرقاوي وزميله ورفيقه الخمار الحديوي الذي كان مرافقا لبنعيسى أثناء محاصرتهما من طرف القتلة وأنه هو كذلك كان سيذبح مع بنعيسى بعدما طعن في بطنه.

أما الذي يجب أن يعرفه العالم هو أن تصريحات حامي الدين في محضر الشرطة تقدمه أنه من رفاق بنعيسى. كيف حصل هذا؟ هل هو الذي صرح بذلك؟ هل البوليس هم الذين طبخوا ذلك بإيعاز من أجهزة أخرى؟ هل المخابرات لا تعرف أن حامي الدين من الخوانجية وبنعيسى من القاعديين؟ ما هذه الفضيحة الكبرى؟ ماذا تقول هيأة الإنصاف والمصالحة في هذا الموضوع؟ هل عوضته بصفته رفيقا أم بصفته إخوانيا؟

لذا فالعائلة كانت تراقب الوضع لتفهم ما يحدث ولم تتحرك إجرائيا إلا سنة 2006، ومنذ هذا التاريخ والعائلة لم تتوقف عن النضالات وعن الشكايات وعن مواصلة البحث عن الحقيقة كاملة. لذا فمن يطرح هذا السؤال فهو لا يعرف ما حصل وما حجم النضالات المتواصلة.

أما من جهة رفاق بنعيسى والحقوقيين فهم لم يتوقفوا يوما منذ استشهاده من خلال اللجان التي تأسست لمواكبة النضال بخصوص ملفه. وهي مسيرة طويلة توجت بتأسيس مؤسسة أيت الجيد بنعيسى للحياة ومناهضة العنف. وفي نفس الوقت هناك رفاق آخرون مازالوا يواصلون نضالهم في نفس الملف بطرق أخرى. إذاً ليس هناك توقف.

أما ما جاء في سؤالك عن مقابل هذا الملف الذي يعني قضايا سياسية واقتصادية كاستعمال المال في الإنتخابات وملف لاسامير وغيرها، أقول لك إن ملف بنعيسى أخطر لأنه مرتبط بالحق في الحياة. ماذا سأفعل بأي موضوع آخر في حين أن حياتي مهددة بالزوال بالقتل وبالذبح؟ ما قيمة البرلمان والأحزاب والجرائد وبيننا قتلة يحتكون معنا يوميا يمكنهم أن يقتلونا في أية لحظة؟ إن مثل هؤلاء هم من هيأوا الأرضية للتقليعة الأخيرة منهم المسماة داعش.

ثم إننا كحقوقيين نناضل في هذه الواجهات كلها. فجمعيتنا جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، التي أرأسها، أصدرت تقريرا عن الانتخابات. وإذا كنت تتابع نضالات الجمعيات التي أتواجد فيها على الأقل، فإننا نلامس جميع القضايا الأخطر من الانتخابات ولاسامير.. مثل التجهيل في ميدان التعليم وكوارث الصحة. وعموما فإن الدولة غير الديمقراطية تنتج كل هذه الأمراض والجرائم الحقوقية.

+ في السنة الماضية، بمناسبة ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان 10 دجنبر، نظمت مسيرة من تطوان إلى باب سبتة المحتلة، وحملت على ظهرك، خلال المسيرة، أحكاما قضائية تعتبرها معيبة، وهيأت رسالة قرأتها على الحدود ورميتها في البحر.. فهل كان ملف آيت الجيد من ضمن هذه القضايا المعيبة؟

- نعم كان بنعيسى حاضرا. وفي تلك الكلمة تحدثت عن ملف أيت الجيد بنعيسى، ويمكنك أن تنشر المقاطع من الرسالة التي تحدثت عن الملف.

لعلمك فإن شعار جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان التي نظمت مسيرتي بصفتي رئيسا لها شعارها المركزي "الحق في الحياة والصحة مدخل للتمتع بباقي الحقوق". لذا يبقى ملف بنعيسى غير المنتهي ملفا حيا حتى يعاقب كل المجرمين. ويبقى الشهيد المعطي بوملي ذاكرة وتاريخ إدانة للحركات الإسلامية وللدولة وكذا الشهيد عمر بنجلون والمسعدي. وتحية عالية لعائلة الشهيد أيت الجيد بنعيسى التي تبدع في نضالها ولا تهدأ ولرفاق بنعيسى كذلك كل من موقعه الحالي.