الجمعة 17 مايو 2024
مجتمع

وزارة الوزير الداودي.. أنا الدولة

 
 
وزارة الوزير الداودي.. أنا الدولة

فوجئ بعض زوار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر يوم الاثنين 12 أكتوبر2015، في الساعة 12 و30 د، بعدم السماح لهم بدخول الوزارة لقضاء أغراضهم، لا بسبب إضراب يشل جسم إدارة الوزارة، أو لحدث طارئ، وإنما لكون أبواب الوزارة تغلق عند الزوال ما بين 12 و14 كل يوم، ليفسح المجال للموظفين والموظفات لتناول وجبة الغذاء، ولا تستأنف بعد ذلك للاشتغال إلا ساعة واحدة ما بين الساعة الثانية والثالثة بعد الزوال. وحينما تم استنكار الأمر، وأن هذا السلوك يعطل الإدارة، ويضيع مصالح المرتفقين، لم يرض هذا الجواب الموظفة المكلفة بالاستقبال، فأرغدت وأزبدت، ولم تسمح لأحد بالدخول، لأنها الآمرة والناهية، وأنها هي الإدارة، وعلى غرار ما قاله لويس 14 أنا الدولة، بل الأكثر من ذلك أنها أنبت حارس الأمن الخاص على تدخله، وخاطبته بأن من يريد حاجته، عليه أن يهاتف الموظف المسؤول، أما ولوج الوزارة عند الظهيرة، فهو غير جائز. ولسذاجة الزوار قصدوا الباب الرئيسي للوزارة لتقديم شكوى في الموضوع، فكانت المفاجأة الكبرى بأن هذا الباب هو حكر على الوزير ومستشاريه، ولن يسمح لأحد بالدخول. وإن هاته الواقعة أو هذا السلوك يثير التساؤلات التالية :

- إذا كانت الشفافية تجعل بيت الإدارة من زجاج، فهذا لا محل له من وزارة التعليم العالي بحسان، المغلقة أمام الزوار والمحروسة بالحراس.

- "يتمشدق" الوزير في كل خطاباته وتدخلاته أنه في خدمة الطلبة، ومع افتراض أن هؤلاء قدموا من المغرب العميق أو النائي والبعيد، ووجدوا الإدارة مغلقة، ألا يضر هذا بوقتهم ومصالحهم.. ومع افتراض أن أستاذا جامعيا جاء إلى الرباط من السمارة أو وجدة، وتزامن حضوره مع الظهيرة، ومن حيث لا يعلم أن  باب الوزارة مفتوح، لكن لا  يلجه أحد.

ـ هل سد الأبواب في وجه الزوار وقت الظهيرة ليتسنى للموظفين والموظفات تناول وجبة الغذاء يقتطع من رواتبهم باعتباره توقف عن العمل عملا بشعار "الأجر مقابل العمل"، أم أن هذا الشعار يطبق فقط في حق مستعملي الإضراب المشروع؟

ـ ألا يعني التوقف عن العمل إخلالا بمبدأ استمرارية المرفق العام، كما أقره الفصل154 من الدستور: "يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها،... والاستمرارية في أداء الخدمات".

ـ ألا يعني الحيلولة دون تقديم الشكاوى تنكر للفصل 156 من الدستور الذي يقربتلقى المرافق العمومية ملاحظات مرتفقيها، واقتراحاتهم وتظلماتهم، وتؤمن تتبعها..

وإذا كانت الإدارة موضوعة تحت تصرف الحكومة (الفصل89)، فقد كان من أهداف البرنامج الحكومي هو إصلاح الإدارة للرفع من الأداء والارتقاء بالمرفق العام إلى مستوى النجاعة والمردودية العالية خدمة للمواطنين.. وإذا كان العكس هو الحاصل في إدارة وزارة مرتفقيها من زبدة المجتمع (طلبة وأساتذة)، فمع الوزارات الكبرى انتظر الطامة.