{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}
تتردد عبارة «وإن حاربك الأشرار يا مغرب فإن رب العباد أقوى» في الخطاب الوطني باعتبارها تعبيرا عن يقين راسخ لدى المغاربة بأن وطنهم قادر على مواجهة مختلف التحديات، مهما تعددت مصادرها أو تنوعت أساليبها، لكن تناول هذا الموضوع يستدعي مقاربة هادئة تعتمد على الوقائع وتستحضر الخلفيات الإستراتيجية التي ترسم مسار المملكة المغربية.
عبر السنوات الأخيرة، عرفت المملكة موجات استهداف متزايدة، سواء عبر التشويش الإعلامي أو محاولات التأثير في القضايا السيادية، لا سيما قضية الوحدة الترابية. وبرزت هذه الحملات بشكل خاص بعد اختيار المغرب لاستضافة تظاهرات رياضية كبرى، على غرار كأس امم إفريقيا وكأس العالم لكرة القدم، وهو ما أثار حفيظة بعض الأطراف التي حاولت التشويش على صورة المملكة محليا ودوليا، ورغم هذه المحاولات، ظل المغرب متمسكا بخطه الثابت القائم على الشرعية الدولية، والإحتكام إلى المؤسسات، واستعمال وسائل الاحتواء الدبلوماسية والقانونية.
وفي الوقت نفسه، يواصل المغرب مسيرته بثبات في طريق التنمية الشاملة، تحت قيادةالملك محمد السادس، الذي أرسى رؤية استراتيجية واضحة لتعزيز دولة المؤسسات، وتطوير البنيات التحتية، والنهوض بالإقتصاد الوطني، وتحسين مؤشرات التنمية البشرية.
وقد أسهمت هذه الرؤية في إطلاق مشاريع كبرى في مختلف جهات المملكة، ومن بينها الأوراش التنموية النموذجية في الأقاليم الجنوبية، التي باتت تشكل نموذجا في الإدماج الإقتصادي والإستثماري.
لقد أفرز هذا التوجه التنموي المتوازن تماسكا داخليا واضحا، ترجم في إجماع وطني حول الثوابت الجامعة، وعلى رأسها الوحدة الوطنية والإختيارات الكبرى للدولة، كما تعزز الحضور الدبلوماسي للمملكة من خلال توسيع شبكة الشراكات الإقليمية والدولية، والإنخراط الفاعل في الملفات الإفريقية والعربية، وهو ما أكسب المغرب دعما متزايدا لمواقفه المشروعة.
أما على المستوى الأمني، فقد رسخت المملكة مكانتها كفاعل موثوق في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وهو ما مكنها من الحفاظ على استقرارها الداخلي رغم الإضطرابات التي تشهدها المنطقة، هذا الإستقرار يشكل في حد ذاته عنصر ردع أمام أي حملات تستهدف التشويش على صورة المغرب أو إضعاف مساره.
إن عبارة «وإن حاربك الأشرار يا مغرب فإن رب العباد أقوى»، رغم بعدها الوجداني، تعبر عن حقيقة سياسية واضحة:
أن قوة الدول لا تقاس بغياب التحديات، بل بقدرتها على إدارتها بحزم وحكمة، وفي إطار مؤسسات راسخة ورؤية استراتيجية شاملة.
وفي ضوء هذه المعطيات، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كدولة مستقرة ومتقدمة في محيط مضطرب، مستندا إلى شرعية تاريخه، وصلابة مؤسساته، ووعي مواطنيه، وإرادة سياسية واضحة تقودها توجيهات الملك محمد السادس.
وهكذا، تبقى مسيرة البناء والتنمية هي الرد الأقوى على كل حملات التشويش، مهما اختلفت مصادرها أو غاياتها.

