Sunday 23 November 2025
اقتصاد

الإستبدال الصيدلي للأدوية عند الأطفال: بين أوروبا، أمريكا الشمالية… وماذا عن المغرب؟ 

الإستبدال الصيدلي للأدوية عند الأطفال: بين أوروبا، أمريكا الشمالية… وماذا عن المغرب؟   الدكتور أنور الشرقاوي،  خبير في التواصل الطبي والإعلام  الصحي
وجهت جمعية مغربية لأطباء الأطفال رسالة إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تلفت فيها الانتباه إلى خصوصيات وصف الأدوية للأطفال، وإلى المخاطر المحتملة لعملية الاستبدال الدوائي.
تغيير دواء عند شخص بالغ ليس أمراً بسيطاً.
أما عند طفل، فالأمر يصبح أكثر تعقيدا.
وراء أي عملية استبدال دواء تبدو بسيطة في الصيدلية، تختبئ أسئلة كبيرة تتعلق بالسلامة والفعالية… وأحياناً بإنقاذ حياة طفل.
 القضية ليست هامشية، بل تحولت إلى نقاش حقيقي يمس الصحة العمومية. 
لكن في المغرب، هناك معطى آخر يجعل الموضوع أكثر إلحاحاً.
في بلد يعيش فيه آلاف، وربما ملايين الأسر في أوضاع هشّة ومع وجود أطفال كُثر، قد يصبح الاستبدال الدوائي أكثر من مجرد خيار علاجي؛ إنه في كثير من الأحيان السبيل الوحيد للحصول على دواء فعّال وبثمن مناسب.
من هنا، لا يجب أن يكون السؤال: هل نسمح بالاستبدال أم لا؟
بل: كيف ننظم حواراً واضحاً بين طبيب الأطفال والصيدلاني لضمان استبدال آمن، منصف، وفعّال اقتصادياً؟
شراكة ذكية وواضحة بين الجانبين يمكن أن تحقق هدفين رئيسيين:
حماية صحة الطفل، وضمان حصول الأسر الفقيرة على علاج ضروري بسعر معقول لذريتهم. 
 
 الولايات المتحدة: استبدال الدواء مسموح… لكن تحت مراقبة دقيقة 
في أمريكا، الاستبدال بين الدواء الأصلي والدواء الجنيس هو القاعدة.
يمكن للصيدلاني تغيير الدواء دون إخبار الطبيب فوراً.
لكن في طب الأطفال، الأمور ليست بهذه البساطة.
تحذّر الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال وتتبع خطاها الجمعية المغربية لطب الاطفال من أن تغيير النكهة أو التركيبة قد يؤثر على التزام الطفل، امتصاص الدواء، أو فعاليته الحقيقية.
ولهذا يظل طبيب الأطفال المرجع الأساسي، خصوصاً في الأدوية ذات " الهامش العلاجي الضيق " مثل مضادات الصرع وبعض أدوية القلب والغدة الدرقية.
 
 أوروبا: دعم للأدوية الجنيسة… لكن مع ضوابط صارمة 
تسير أوروبا على مبدأين:
دعم الأدوية الجنيسة، وحماية الأطفال أولاً.
الوكالة الأوروبية للأدوية (EMA) تشدد على مراقبة المكوّنات غير الدوائية مثل:
النكهة، السكريات، الكحول، وخصوصا "سواغات" الدواء أي المواد التي تضاف إلى الدواء لتحسين طعمه، أو شكله، أو أمتصاصه، ذون أن تكون لها وظيفة علاجية مباشرة. 
فمكوّن بسيط قد يؤدي إلى قيء الطفل أو ضعف امتصاص الدواء أو حتى تأثيرات سامة عند الرضع.
كما توصي العديد من الدول الأوروبية بعدم تغيير الدواء الجنيس لطفل مستقر على علاج معين، خاصة في أمراض الأعصاب والقلب.
 
 ماذا تقول المؤسسات العالمية المختصة بطب الأطفال؟ 
رسالتها واضحة:
الأدوية الجنيسة فعّالة وآمنة… إذا كانت تركيبتها مناسبة للأطفال.
الاستبدال لا يجب أن يكون متكرراً أو عشوائياً.
الطفل ليس نسخة صغيرة من البالغ: نكهته، جهازه الهضمي، ونضجه الدوائي مختلفين كليا. 
 منظمة الصحة العالمية تنبّه إلى نقطة بسيطة لكنها حاسمة:
الدواء الذي لا يُبتلع… لا يعالج شيئاً.
تغيير طفيف في الطعم قد يعطل علاج مرض مزمن.
 
 تحذير عالمي: الاستبدال الدوائي للأطفال ليس خطوة بسيطة 
في الأمراض المزمنة مثل الصرع، أمراض القلب، اضطرابات الغدد، والسكري…
قد يؤدي الاستبدال غير المضبوط إلى:
انتكاسات،
دخول المستشفى، 
تفاعلات غير مرغوبة، 
فقدان فعالية العلاج، 
 
 والآن… المسؤولية مشتركة 
ليس النقاش صراعاً بين "الدواء الأصلي - الأم" و"الجنيس".
السؤال الحقيقي:
هل يمكن تطبيق قواعد الاستبدال الخاصة بالبالغين على الأطفال؟
تجارب العالم تقول: نعم… لكن بحذر، وبإشراف طبي، ودون تعميم.
أما في المغرب، حيث التوازن بين السلامة الصحية والقدرة على تحمل التكاليف ضروري، فقد تكون الحلول في:
حوار مباشر بين طبيب الأطفال والصيدلاني،
شفافية في الاستبدال،
مواكبة واضحة للأسر.
لأن نظاماً صحياً يحمي أطفاله… هو نظام يتقدم، لا يتراجع.