Sunday 23 November 2025
مجتمع

أريري: الخط الفاصل بين سرعة الحلزون وسرعة "التيجيفي" بالدار البيضاء !

أريري: الخط الفاصل بين سرعة الحلزون وسرعة "التيجيفي" بالدار البيضاء ! عبد الرحيم أريري بدوار أولاد بلحسن بسيدي معروف في اتجاه دوار الضرابنة بضاحية البيضاء
هذه النقطة التي تعمدت أخذ صورة فيها، هي الخط الفاصل بين الثراء وبين الهشاشة المطلقة. إنه الخط الذي يفضح المفارقات الدامية بالدارالبيضاء.

في هذه النقطة يوجد منجم تتدفق منه كل يوم ثروة مالية يتم ضخها في خزائن مدينة الدار البيضاء، وفي نفس الوقت تعد هذه النقطة البوابة الرئيسية نحو جحيم الهشاسة الاجتماعية بالعاصمة الاقتصادية.
 
الموقع المذكور يوجد بدوار أولاد بلحسن بسيدي معروف التابع لعمالة مقاطعة عين الشق، وتحديدا خلف حمام الغزواني، وهو الموقع الوحيد الذي يربط سكان دواوير الضرابنة الشمالية والضرابنة الجنوبية ب "الحضارة" في حاضرة البيضاء! 
 
فأمام استقالة الدولة مركزيا وجهويا ومحليا من وظيفتها في تحقيق العدالة المجالية وإنصاف قاطني ضاحية البيضاء، تبقى "الكرويلة"، هي الوسيلة الوحيدة لضمان تنقل ساكنة حوض جغرافي يحول سنويا 25 % من مداخيل العمليات العمرانية والعقارية بمدينة الدارالبيضاءككل. إذ من أصل 400 مليون درهم كمداخيل تستخلصها العاصمة الاقتصادية سنويا من الجبايات العقارية، نجد مقاطعة عين الشق لوحدها (من أصل 16 مقاطعة) تضخ 100 مليون درهم من  الضرائب المتأتية من ضريبة عمليات البناء وتجزيء الأراضي والأراضي غير المبنية، أي أن مقاطعة عين الشق توفر لوحدها ربع مداخيل الجبايات العقارية للدار البيضاء ككل، علما أن معظم هذه المشاريع توجد بسيدي معروف!
 
ورغم ذلك فإن الحوض الجنوبي لمنطقة سيدي معروف الذي يأوي حوالي 70 ألف نسمة موزعين على دواوير الضرابنة وعلى أحياء مبروكة وشرف ولاكولين، لايتوفر على أي طوبيس أو طاكسي أو "خطافة" حتى، لتأمين تنقلات السكان القادمين من الضرابنة نحو الحي الصناعي بسيدي معروف أو المتجهين من سيدي معروف نحو المعامل العشوائية الموجودة داخل "الهنغارات" بالمدار الجنوبي (للإشارة، فعدد سكان منطقة سيدي معروف يقارب 200 ألف نسمة من أصل 374 ألف نسمة بكامل عمالة مقاطعة عين الشق، أي 54% من المجموع). 
 
المسلك الوحيد الذي تسلكه "الكرويلات" بين سيدي معروف والضرابنة على طول 5 كيلومترات تقريبا، هو مسلك محفر وغير معبد وبدون إنارة عمومية، علما أن هناك مشاريع عقارية جد ضخمة بنيت أو في طور البناء دون ربطها بباقي الأحياء والتجمعات بطرق معبدة (نموذج "لا كولين" و" la city").
 
حالة "مقطع سيدي معروف / الضرابنة" بالجنوب الغربي للمدينة، تنهض كدليل على فشل المدبر العمومي (وطنيا ومحليا) في ترميم أعطاب ضاحية الدارالبيضاء، منذ إقدام السلطة المركزية عام 2008 على التأشير على تمديد الحضري Périmetre Urbain لمدينة الدارالبيضاء من شارع القادر الصحراوي إلى حدود أوطورت المدار الجنوبي La Rocade Sud. إذ في أوج التحضير لانتخابات 2009، قرر المشرع توسيع مدار الدارالبيضاء وفتح حوالي 3000 هكتار في وجه التعمير على ضفتي الأوطوروت، سواء في التراب التابع لنفوذ بلدية البيضاء، أو في التراب الواقع بتراب جماعات إقليمي النواصر ومديونة وعمالة المحمدية، بدعوى تأهيلها لاستقبال 500 ألف نسمة بحلول 2030. 
 
ورغم مرور 17 سنة، فالسلطة العمومية (منتخبة وترابية ومعينة)، لم تلتزم بالوفاء بالتجهيزات والمرافق المسطرة لتخفيف عذابات السكان، بل لم توفر حتى الحد الأدنى من شروط العيش الآدمي، لضمان تنقل المواطنين من وإلى هذه التجمعات الضاحوية، علما أن سكان ضاحية البيضاء تجاوز سقف المليون نسمة (أي ضعفي ساكنة مدينة الرباط). 
 
وبدل أن ينعم سكان ضاحية الدارالبيضاء، ولو بعشر ما تم توفيره بالعاصمة من بنيات تحتية على الأقل، تم الحكم عليهم بالعيش في شرخ ترابي رهيب وسحيق.