دخلت قضية الصحراء المغربية مرحلة جديدة بعد التصويت التاريخي الذي أصدره مجلس الأمن، مؤيدا مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، في خطوة وصفت بأنها تحول حاسم في مسار النزاع الإقليمي نحو حل واقعي ونهائي.
وأكد عبدالقادر الحافظ بريهما، الباحث في شؤون الصحراء، أن القرار الأممي يمثل تتويجاً لمسار طويل من الثبات والإيمان بعدالة القضية الوطنية، معتبراً أنه "ينقل الملف من دائرة الصراع المفتوح إلى أفق البناء والتنفيذ".
وأضاف أن المرحلة المقبلة تتطلب من المملكة "الانتقال من خطاب النصر إلى خطاب الفعل"، عبر تفعيل مؤسسات الحكم الذاتي على أرض الواقع، وتكريس نموذج تدبيري يكرّس مشاركة المواطن الصحراوي في صناعة القرار وتنمية الأقاليم الجنوبية.
وشدد بريهما على أن نجاح هذا المسار يفرض مسؤولية مضاعفة على الحكومة والفاعلين المؤسساتيين لترجمة المكسب الدبلوماسي إلى إنجازات ملموسة، من خلال مؤسسات منتخبة، وفرص تنموية عادلة، وإدارة منفتحة على احتياجات المواطنين، مؤكداً أن "الولاء للوطن يُبنى بالعدالة والمشاركة لا بالشعارات".كما دعا الباحث المنتظم الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والسياسية في مواكبة تنفيذ القرار، عبر دعم مشاريع التنمية ومراقبة التزام الأطراف المعنية بالمسار الأممي، ووقف أي محاولات لعرقلة الحل السياسي.
وفي حديثه عن المواقف الإقليمية، اعتبر المتحدث أن الجزائر أصبحت في "عزلة دبلوماسية"، داعيا قيادتها إلى مراجعة مواقفها وسياساتها تجاه المغرب "بدل الإصرار على دعم الانفصال وإطالة أمد المعاناة في المخيمات".
وأكد أن مسار التعاون المغاربي لا يمكن أن يقوم على العداء الدائم، بل على التكامل الإقليمي المشترك.
أما جبهة البوليساريو، فقال بريهما إنها فقدت "كل مبررات الشرعية بعد أن تحولت إلى كيان يعيش على المتاجرة باليأس"، مشيرا إلى أن أمامها خيارين لا ثالث لهما: الاندماج في الحل الواقعي الذي تبناه العالم أو الإقصاء الكامل من المشهد السياسي.
وفي المقابل، أبرز الباحث الدور المتنامي لحركة "صحراويون من أجل السلام"، التي وصفها بأنها "صوت جديد ينتمي إلى المستقبل، يسعى لبناء بديل مدني وطني سلمي"، داعيا الدولة إلى مواكبة هذا الحراك بعقلية منفتحة تفتح أبواب المشاركة أمام كل المبادرات الصادقة من أبناء الصحراء.
وخلص الدكتور بريهما إلى أن المرحلة الحالية تمثل "زمن الحقيقة والبناء"، مؤكدا أن تنفيذ الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو السبيل نحو طيّ صفحة النزاع، وترسيخ نموذج وطني يحقق الكرامة والعدالة ويثبت قدرة الوحدة الوطنية على صنع مستقبل مستدام.
