دعا الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، إلى بناء "مغرب يسير بسرعة واحدة"، مؤكداً أن التنمية الشاملة والعادلة لن تتحقق إلا من خلال رؤية موحدة تضمن التقائية السياسات العمومية وتوزيعاً متوازناً للفرص بين مختلف الجهات، وجاء ذلك في ندوة فكرية احتضنتها الدار البيضاء مساء الخميس 23 أكتوبر 2025، نظمتها رابطة المهندسين الاستقلاليين بجهة الدار البيضاء–سطات.
بركة، الذي ترأس الجلسة الافتتاحية للندوة، استهلّ مداخلته بالتأكيد على أن المغرب قطع خطوات مهمة في مسار التنمية، خاصة في مجالات الحماية الاجتماعية، وفك العزلة، والكهربة القروية، وتحسين مؤشرات التنمية البشرية.
وأوضح أن “المملكة حققت قفزة نوعية في مجال الحماية الاجتماعية، حيث أصبح أكثر من 32 مليون مغربي يستفيدون من التغطية الصحية، أي ما يعادل 88% من السكان، وهو إنجاز تاريخي يعكس الإرادة الملكية في إرساء دعائم دولة الرعاية”.
كما أشار الأمين العام إلى “التقدم الكبير في البنية التحتية، سواء في شبكات الطرق أو في مجالي الماء والكهرباء بالعالم القروي، حيث بلغت نسبة الكهربة القروية 99,9% بين سنتي 2013 و2024”، مبرزاً أن “كل هذه الجهود ساهمت في تحسين جودة الحياة في العديد من المناطق”.
ومع ذلك، لم يُخفِ نزار بركة وجود فوارق مجالية واجتماعية ما تزال قائمة، تعيق بناء تنمية متوازنة بين المدن والقرى. وقال في هذا السياق: “ما زالت هناك فجوة في سرعة التنمية بين المجالين الحضري والقروي، وهو ما يستدعي تقوية الالتقائية بين السياسات العمومية وجعل التنمية تشمل كل جهات المغرب على قدم المساواة.”
ولم يكتفِ الأمين العام بالتشخيص، بل قدم رؤية عملية من ثمانية محاور أساسية تشكل، في نظره، مدخلاً لبناء مغرب موحد السرعة والتنمية من خلال، إعادة هندسة التراب الوطني والحكامة المحلية، من خلال مراجعة التقطيع الترابي للجماعات، وتعزيز اللامركزية واللاتمركز الإداري، وربط المسؤولية بالمحاسبة وتنمية قروية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار الرقمنة، ومناطق الأنشطة الصناعية والسياحية، والتطهير السائل، وتُبنى على خصوصيات كل منطقة وميثاق واضح للخدمات العمومية القروية.
وكذا تنويع محركات النمو بالعالم القروي عبر دعم الصناعات الصغيرة، والتعاونيات، والسياحة البيئية، والفلاحة المستدامة المقتصدة للماء.
وتعزيز الحماية الاجتماعية والدعم المباشر كرافعة للتحول الاجتماعي، مع التأكيد على أن الهدف هو تمكين الأسر لا خلق الاتكالية، وبناء مغرب متعدد المراكز ومترابط يقوم على الانتقال الطاقي والرقمي والصناعي المتكامل، واعتبار التشغيل محور الكرامة والمواطنة، ومؤشراً لنجاح النموذج التنموي الترابي، مع ضرورة إرساء حكامة فعالة في سياسات التشغيل، مع تمكين الشباب والنساء باعتبارهم القوة الدافعة لمغرب السرعة الواحدة، في إطار اقتصاد تضامني منتج وترسيخ منظومة قيم مدنية قوامها الثقة، والكرامة، والمسؤولية المشتركة، والمواطنة الدامجة، وتكافؤ الفرص.
وأكد بركة في ختام مداخلته أن تحقيق هذا الطموح يقتضي مشروعاً مجتمعياً واضح المعالم يقوم على العدالة الاجتماعية والمجالية، قائلاً: “الحاجة اليوم ملحة إلى مشاريع قصيرة الأمد تُحدث أثراً ملموساً في الحياة اليومية للمواطن، بالتوازي مع المشاريع الكبرى بعيدة المدى، مع ضرورة التواصل الدائم والقرب من المواطن.”
وختم الأمين العام لحزب الاستقلال كلمته بدعوة واضحة إلى العمل الجماعي من أجل مغرب عادل وموحد ومتوازن، يسير أبناؤه جميعاً بالسرعة نفسها نحو مستقبل يضمن الكرامة والإنصاف والفرص المتكافئة للجميع.