Thursday 23 October 2025
Advertisement
سياسة

القضاء ينصف والحزب يقصي.. مفارقة المؤتمر الثاني عشر للإتحاد الاشتراكي

القضاء ينصف والحزب يقصي.. مفارقة المؤتمر الثاني عشر للإتحاد الاشتراكي أحمد يحيا يتوسط عبد الوافي لفتيت (يسارا) وإدريس لشكر (يمينا)
حين أنصف القضاء المغربي المناضل الإتحادي أحمد يحيا بقرار صريح يقضي بإرجاعه إلى الحزب واستعادة عضويته وحقه في الترشح، كان الاعتقاد أن الأمور عادت إلى نصابها، وأن المؤتمر الوطني الثاني عشر سيكون لحظة ديمقراطية فعلية، تفتح باب التنافس أمام مختلف المرشحين للكتابة الأولى.
 
لكن ما وقع في بوزنيقة كشف عن مسار مواز، حيث سلكت القيادة الحزبية طريقا مخالفا لروح القانون وروح الديمقراطية. إذ تحول هذا المؤتمر إلى مسرحية تنظيمية مغلقة عوض أن يكون ساحة تنافس نزيه، حيث رفضت اللجنة التحضيرية ترشيح أحمد يحيا، مستندة إلى تأويلات داخلية مثيرة للجدل، كالقول بعدم توفره على صفة "مؤتمر"، أو فقدانه للعضوية الفعلية خلال السنة التي سبقته، رغم أن الحكم القضائي كان واضحا في إرجاعه إلى صفوف الحزب مع كامل حقوقه. وهو الرفض الذي لم يكن مجرد إجراء شكلي، وإنما كان تعبيرا صريحا عن إرادة سياسية لقطع الطريق أمام أي منافسة محتملة للكاتب الأول المنتهية ولايته.
 
والمفارقة الكبرى تتجلى هنا في إقرار القضاء بحق الاتحادي أحمد يحيا في المشاركة والانتخاب والترشح، بينما يغلق المؤتمر الباب باسم المساطر الداخلية، ويقنن ذلك بملتمس التمديد الذي أقرته الأغلبية الساحقة بالتصويت العلني. ليحصل إدريس لشكر على ولاية رابعة، لا عبر انتخابات تعددية وإنما عبر آلية استثنائية جعلت التمديد قاعدة، وأقصت أي صوت منافس.
 
لكن الإتحادي أحمد يحيا لم يقف مكتوف اليدين، بل تقدم بطعن إداري رسمي إلى وزارة الداخلية باعتبارها الجهة الوصية على تنفيذ القانون 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، ومسؤولة عن ضمان احترام المبادئ الديمقراطية داخلها.
 
 ويشكل هذا الطعن  مرحلة أولى ضمن مسار قانوني أوسع، يضع ملف المؤتمر الثاني عشر أمام مؤسسات الدولة، ويحول الفضيحة من شأن حزبي داخلي إلى قضية قانونية تهم احترام الدستور ومصداقية التجربة الحزبية المغربية.
 
إن ما وقع في بوزنيقة لا يخص الإتحاد الإشتراكي وحده، بل يهم مستقبل الحقل السياسي الوطني برمته. فإذا كان القضاء ينصف المناضلين، والأحزاب تقصيهم بالتحايل التنظيمي، فالقضاء المغربي ووزارة الداخلية مدعوان لتحمل مسؤوليتهما كاملة في التدقيق في شرعية هذه المساطر، فإننا أصبحنا أمام أزمة ثقة مزدوجة، بين الحزب وقواعده من جهة، وأزمة بين الحزب والرأي العام الوطني من جهة اخرى. وفي النهاية، لا مستقبل لأي حزب لا يحترم قوانينه التنظيمية ولا يستوعب رسائل الزمن الديمقراطي الجديد.