Saturday 4 October 2025
مجتمع

لحسن اليوسفي: هذه أبرز أسباب انبهار الشباب المغربي بالثقافة الإسبانية

لحسن اليوسفي: هذه أبرز أسباب انبهار الشباب المغربي بالثقافة الإسبانية لحسن اليوسفي، باحث في علم النفس
يتطرق‭ ‬الباحث‭ ‬لحسن‭ ‬اليوسفي‭ ‬الى‭ ‬جذور‭ ‬الانبهار‭ ‬بالثقافة‭ ‬الإسبانية‭ ‬والتي‭ ‬تعود‭ ‬الى‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬تاريخية‭ ‬والى‭ ‬عامل‭ ‬القرب‭ ‬الجغرافي،‭ ‬كما‭ ‬يتطرق‭ ‬الى‭ ‬العامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬حيث‭ ‬ينظر‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬الى‭ ‬إسبانيا‭ ‬باعتباره‭ ‬بوابة‭ ‬أوروبا‭ ‬وبوابة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬المأزق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والهروب‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والهشاشة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬بأن‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬الشعور‭ ‬الهوياتي‭ ‬لدى‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬دون‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬أسباب‭ ‬الهجرة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬المتعلم‭ ‬وغير‭ ‬المتعلم‭.‬

 كيف‭ ‬تقرأ‭ ‬انبهار‭ ‬عدد‭ ‬هام‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬بالسياسات‭ ‬والثقافة‭ ‬الإسبانية؟
 أعتقد‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬انبهار‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬بالثقافة‭ ‬الإسبانية‭ ‬له‭ ‬جذور‭ ‬تعود‭ ‬الى‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والقرب‭ ‬بين‭ ‬بلدين‭ ‬أولا،‭ ‬بين‭ ‬مملكتين،‭ ‬بين‭ ‬طرفين‭ ‬يمثلان‭ ‬قارتين‭ ‬مختلفتين‭. ‬البعد‭ ‬الجغرافي‭ ‬نتجت‭ ‬عنه‭ ‬أحداث‭ ‬سياسية‭ ‬ولعل‭ ‬أبرزها‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإسباني‭ ‬لشمال‭ ‬المغرب‭ ‬ولصحرائه‭ ‬الجنوبية‭. ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬الجغرافيا‭ ‬كانت‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬تاريخية،‭ ‬والى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬ثقافة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬البلدين:‭ ‬ثقافة‭ ‬الأندلس،‭ ‬ثقافة‭ ‬القرب‭ ‬وما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬تأثر،‭ ‬دون‭ ‬إغفال‭ ‬تأثير‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسباني‭ ‬الذي‭ ‬يبث‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬المغرب‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وبلغة‭ ‬يفهمها‭ ‬سكان‭ ‬مدن‭ ‬الشمال،‭ ‬وأيضا‭ ‬تأثير‭ ‬الرياضة،‭ ‬ونظرا‭ ‬لكون‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬يحب‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬ينجذب‭ ‬نحو‭ ‬الأداء‭ ‬المتميز‭ ‬للاعبين‭ ‬دوليين‭ ‬يمارسون‭ ‬في‭ ‬فريقي‭ ‬«البارصا»‭ ‬و«الريال»‭ ‬في‭ ‬الدوري‭ ‬الإسباني‭ ‬بما‭ ‬فيهم‭ ‬لاعبون‭ ‬ينتمون‭ ‬الى‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الزلزولي‭ ‬وغيره،‭ ‬كلها‭ ‬عوامل‭ ‬تجعل‭ ‬الشاب‭ ‬المغربي‭ ‬ينجذب‭ ‬نحو‭ ‬الثقافة‭ ‬الإسبانية‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬فإسبانيا‭ ‬تعتبر‭ ‬بوابة‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وللحلم‭ ‬الأوروبي‭ ‬عند‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬اسبانيا‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬المغربي‭ ‬ولما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬اسبانيا‭ ‬بوابة‭ ‬الى‭ ‬أوروبا‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬بوابة‭ ‬نحو‭ ‬الحرية‭ ‬الفردية،‭ ‬الإستقلالية‭ ‬المالية،‭ ‬نحو‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬المأزق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ومن‭ ‬الفقر‭ ‬والهشاشة‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭.. ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬أبرز‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬ينبهر‭ ‬بالثقافة‭ ‬الإسبانية‭ ‬وبالمجتمع‭ ‬الإسباني‭. ‬وهذا‭ ‬الانبهار‭ ‬هو‭ ‬انبهار‭ ‬نفسي،‭ ‬فالشباب‭ ‬يتوق‭ ‬إلى‭ ‬الحرية‭ ‬والى‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬تسوده‭ ‬المساواة‭ ‬وحقوق‭ ‬اجتماعية،‭ ‬ويتأثر‭ ‬بما‭ ‬يقدم‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وهي‭ ‬صور‭ ‬ليست‭ ‬دائما‭ ‬حقيقية،‭ ‬دون‭ ‬إغفال‭ ‬العامل‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬فإسبانيا‭ ‬دولة‭ ‬متقدمة‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬للمغاربة،‭ ‬والدخل‭ ‬الفردي‭ ‬للمواطن‭ ‬الاسباني‭ ‬مرتفع‭ ‬مقارنة‭ ‬بنظيره‭ ‬المغربي‭. ‬فرص‭ ‬الشغل‭ ‬متوفرة‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متوفر‭ ‬في‭ ‬بلدنا‭. ‬أيضا‭ ‬الجانب‭ ‬النفعي‭ ‬أي‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬معيشي‭ ‬معين‭ ‬والارتقاء‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬عبر‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬اسبانيا‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭.‬
 
 لكن‭ ‬اسبانيا‭ ‬لازالت‭ ‬تحتل‭ ‬سبتة‭ ‬ومليلية‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الجزر،‭ ‬فكيف‭ ‬تقرأ‭ ‬هذه‭ ‬المفارقة؟
العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬وكما‭ ‬تعلمون‭ ‬لا‭ ‬تدبر‭ ‬بالمشاعر‭ ‬والعواطف،‭ ‬فمشاعر‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬وعواطفه‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬التدبير‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الحكيم‭ ‬لمسألة‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإسباني‭ ‬لسبتة‭ ‬ومليلية‭ ‬والجزر‭ ‬المحتلة،‭ ‬فهناك‭ ‬كفاءات‭ ‬مغربية‭ ‬عالية‭ ‬تدبر‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬والشباب‭ ‬المغربي‭ ‬حينما‭ ‬يتعاطف‭ ‬مع‭ ‬الثقافة‭ ‬الاسبانية‭ ‬فإنه‭ ‬يتوق‭ ‬الى‭ ‬المستقبل،‭ ‬يتوق‭ ‬الى‭ ‬الانعتاق‭ ‬من‭ ‬أوضاع‭ ‬غير‭ ‬راض‭ ‬عنها،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬بلدنا‭ ‬قد‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬تقدم‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬
 
 ما‭ ‬هي‭ ‬سبل‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬والهوية‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الاستلاب‭ ‬الثقافي‭ ‬والحضاري‭ ‬في‭ ‬نظرك؟
 من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬الشعور‭ ‬الهوياتي‭ ‬للشباب‭ ‬المغربي،‭ ‬ينبغي‭ ‬أولا‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬مهم:‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬المتعلم‭ ‬وغير‭ ‬المتعلم،‭ ‬مهندسين،‭ ‬أطباء،‭ ‬بياطرة‭ ‬الى‭ ‬الهجرة؟‭ ‬وهو‭ ‬سؤال‭ ‬موجه‭ ‬إلى‭ ‬السياسيين‭ ‬مدبري‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬والحديث‭ ‬السياسي‭ ‬والسياسوي‭ ‬لا‭ ‬يجيب‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الهجرة‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ،‭ ‬لكن‭ ‬لماذا‭ ‬يتوق‭ ‬شبابنا‭ ‬الى‭ ‬الهجرة‭ ‬الى‭ ‬الخارج‭ ‬بطريقة‭ ‬غريبة‭ ‬جدا،‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬فتحت‭ ‬إمكانية‭ ‬الولوج‭ ‬الى‭ ‬أوروبا‭ ‬لذهب‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬ككل‭ ‬أو‭ ‬نصفه‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬هل‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬أبواب‭ ‬الانتخابات؟‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬مطروح‭ ‬ضمن‭ ‬برامج‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية؟‭. ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تحد‭ ‬الثورة‭ ‬التنمية‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬بلادنا‭ ‬استعدادا‭ ‬لكأس‭ ‬إفريقيا‭ ‬2025‭ ‬وكأس‭ ‬العالم‭ ‬2030‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬هجرة‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬عودة‭ ‬المهاجرين‭ ‬المغاربة‭ ‬بالخارج‭ ‬لخدمة‭ ‬بلدهم،‭ ‬وأن‭ ‬يجدوه‭ ‬بوجه‭ ‬ديمقراطي،‭ ‬بلد‭ ‬تسوده‭ ‬الحريات‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬يرحب‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬يود‭ ‬الاستثمار‭ ‬والبناء‭.. ‬هذا‭ ‬أملنا‭ ‬وليس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬لله‭ ‬بعزيز،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬توفر‭ ‬الإرادة‭ ‬الملكية‭ ‬الصادقة‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬تفهم‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬للتسيب‭ ‬وهدر‭ ‬الزمن‭ ‬التنموي‭.. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬للشعبوية‭ ‬والسياسوية،‭ ‬ولذلك‭ ‬على‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬برامج‭ ‬سياسية‭ ‬لخدمة‭ ‬البلاد‭ ‬أن‭ ‬تنسحب‭ ‬بهدوء،‭ ‬فالمحاسبة‭ ‬اليوم‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬وجها‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬كل‭ ‬مسؤول‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬وطنه‭.‬