Wednesday 6 August 2025
كتاب الرأي

مراد علمي: في علاقات القوة.. الاتحاد الأوروبي، الصين، الولايات المتحدة والمغرب (1)

 
مراد علمي: في علاقات القوة.. الاتحاد الأوروبي، الصين، الولايات المتحدة والمغرب (1) مراد علمي

في الآونة الأخيرة، لم تكن اللقاءات بين الاتحاد الأوروبي والصين ودية قط. هذه المرة، لم يتحسن الوضع؛ بل على العكس، عندما التقت رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" ورئيس المجلس الأوروبي "أنطونيو كوستا"، الذي اختير بلا شك لبشرته قصد التمويه وإشارة إلى كونه، يا ترى، ممثلاً للجنوب العالمي، بالرئيس الصيني "شي جين بينغ" في بكين يوم الخميس 24 يوليو 2025، كان الجو أكثر برودة من المعتاد.

 

في الواقع، جاء دور "شي" لزيارة بروكسل هذا العام، لكن شي جين بينغ لم تكن لديه رغبة حقيقية في السفر إلى أوروبا. لهذا السبب، اضطر قادة الاتحاد الأوروبي إلى الذهاب إلى الصين. في البداية، كان من المقرر أن تستمر الزيارة ليومين، لكن القادة الصينيين لم يرغبوا في قضاء هذا الوقت كله مع أشخاص متعبين، يميلون إلى السعي للسيطرة من خلال الصراع، حيث يُنظر إلى أي مناقضة بسيطة على أنها تهديد وجودي، بينما يـُـختار نهج "الكل أو لا شيء". إن المواجهة والغضب ليسا عدوانًا غير مبرر فقط، بل هما مظهر من مظاهر الخوف والرغبة الجامحة في السيطرة على الآخرين لتحقيق مكاسب جوهرية.

 

أما المقاربة الصينية، فهي تختلف تماما، حيث تُولي الصين أهمية بالغة للتناغم، وإذا ما نشأت خلافات، فإن الصينيين يفضلون حلّها بطريقة سلسة ومرنة دون استفزاز ولا صخب، الأولوية تعطى دوما للسعي إلى التوافق. إن التناغم والاحترام المتبادل متجذران بعمق في الثقافة الصينية، وهذه القيم تحديدًا هي التي تُعزز العلاقات الشخصية وتضمن السلم الاجتماعي.

 

لا شك أن هناك ما يدعو للاحتفال: فقبل خمسين سنة، أقام الاتحاد الأوروبي (السوق الأوروبية المشتركة سابقًا) وجمهورية الصين الشعبية أول علاقات دبلوماسية، يعني نصف قرن من الصداقة الصينية الأوروبية. ونظرًا للتحديات المُختلفة والتوترات على جانبي خطوط الصراع، لا أحد يُريد الاحتفال بأي شيء هذا العام. أصبحت العلاقة صعبة، والتطلعات مرتفعة للغاية: في البداية، كان هناك مجالان اقتصاديان شاسعان متكاملان تمامًا، دون مشاكل سياسية جوهرية، أما اليوم، فتُثار العديد من القضايا الخلافية: السيارات الكهربائية، التعريفات الجمركية، و"الغزو الروسي لأوكرانيا" بالنسبة لبروكسل، و"الأزمة الأوكرانية" بالنسبة لبكين، و"إغراق السوق الأوروبي بالمنتجات الصينية بأسعار جد منخفضة"، وفقًا لبروكسل؛ بكين لبروكسل "كونوا أسرع وأكثر تنافسية وأفضل منا" إلخ.

 

كان من الممكن أن تكون علاقة الاتحاد الأوروبي والصين أبسط بكثير من التنافس الصيني الأمريكي المرير الذي يتميز اليوم بمنافسة شرسة في مجال التجارة، التكنولوجيا، الامدادات العسكرية، سباق التسلح والنفوذ الجيوسياسي، والتي أفضت إلى إجراءات حمائية ضارة ببقية العالم، كما تتسم هذه العلاقة بسباق محموم على الريادة والهيمنة العالمية. 

مراد علمي، أستاذ جامعي