تنظم جمعية آفاق لتأهيل وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، ندوة وطنية بمدينة العيون يوم الخميس 24 يوليوز 2025، ستناقش دور الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، وستبرز الندوة أهمية إشراكهم في تدبير الشأن المحلي وصناعة القرار ضمن هذا المشروع السياسي.
وستسلط الجمعية التي يترأسها المحجوب الدوة، الضوء على التطوّر التشريعي والمؤسسي المغربي، خاصة بعد دستور 2011، من أجل تحقيق إدماج فعلي وحقوقي لهذه الفئة، وتطرح الندوة تساؤلات حول ضرورة عدم تهميشهم في ورش الحكم الذاتي وضمان حضورهم في جميع السياسات.
فيما يلي أرضية الندوة كما توصلت جريدة "أنفاس بريس" بنسخة منها:
وستسلط الجمعية التي يترأسها المحجوب الدوة، الضوء على التطوّر التشريعي والمؤسسي المغربي، خاصة بعد دستور 2011، من أجل تحقيق إدماج فعلي وحقوقي لهذه الفئة، وتطرح الندوة تساؤلات حول ضرورة عدم تهميشهم في ورش الحكم الذاتي وضمان حضورهم في جميع السياسات.
فيما يلي أرضية الندوة كما توصلت جريدة "أنفاس بريس" بنسخة منها:
يعيش المغرب لحظة سياسية فارقة من تاريخه المعاصر، تطرح فيها أسئلة جوهرية حول الديمقراطية، وتدبير الشأن المحلي، والمشاركة الفعالة لجميع مكونات المجتمع في رسم السياسات العمومية وصناعة القرار. وتبرز مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية كإطار متقدم لحل سياسي للنزاع الإقليمي، وأيضا كفرصة نموذجية لإعادة التفكير في تموقع الفئات المجتمعية خصوصا الأشخاص ذوي الإعاقة داخل منظومة التدبير الترابي الموسع، بما يعزز العدالة الاجتماعية، والتنمية البشرية، والتمثيلية الحقيقية.
حظي تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة باهتمام متزايد على المستوى الدولي، بوصفه أحد ركائز العدالة الاجتماعية وشرطا لا غنى عنه لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة. وقد شكل اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة سنة 2006 نقطة تحول حاسمة في مسار الاعتراف بالإعاقة كقضية حقوقية لا مجرد وضع إنساني يتطلب الرعاية. لقد أرست هذه الاتفاقية مبادئ جوهرية تقوم على احترام الكرامة المتأصلة، والاستقلال الذاتي، والمشاركة الفعلية في الحياة العامة، وعدم التمييز، والدمج الكامل في المجتمع. كما أكدت في مادتها 29 على حق الأشخاص في وضعية إعاقة في المشاركة السياسية، بما في ذلك حقهم في التصويت والترشح وتولي المناصب العامة، والمشاركة في الحياة العامة من خلال منظماتهم التمثيلية. وتفاعلا مع هذه المرجعيات، بدأت عدد من الدول في تبني سياسات تشاركية وخلق مؤسسات دامجة تراعي خصوصية الإعاقة، وتمنح الأشخاص ذوي الإعاقة مواقع داخل آليات صناعة القرار والتخطيط العمومي، وهو تحول يعكس الوعي المتزايد بأن الديمقراطية التمثيلية لا تكتمل دون حضور حقيقي لهذه الفئة.
ولقد شهد المغرب خلال العقدين الأخيرين تحولات هامة في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تبلورت أساسا في دستور 2011 الذي نص في ديباجته على حظر التمييز أيا كان مصدره، ومنه التمييز على أساس الإعاقة، وكرس في الفصل 34 واجب الدولة في وضع سياسات عمومية خاصة لتيسير مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. والمصادقة سنة 2009 على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يجعل مقتضياتها جزءا من التشريع الوطني. مرورا بإصدار القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، والذي ينص على وجوب إدماج البعد الحقوقي في السياسات العمومية، وضمان التمثيلية والمشاركة، وصولا إلى السياسة العمومية المندمجة لسنة 2015 ومخطط العمل الوطني لتفعيلها، الذي وضع أهدافا دقيقة في مجالات التربية الدامجة، التكوين، التشغيل، الدعم الاجتماعي، والولوجيات، حيث تنسجم هذه السياسات مع توجهات النموذج التنموي الجديد، الذي يضع الإدماج والعدالة الاجتماعية في صلب أولوياته، ويدعو إلى تعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة عبر مقاربة حقوقية ومجالية تعتمد القرب، وتشرك الجهات في بلورة حلول دامجة ومستجيبة لتطلعات المواطنين، خاصة الفئات في وضعية هشاشة.
وهنا يبرز مشروع الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، كخيار استراتيجي يجمع بين الاستجابة لمتطلبات العدالة الترابية وتعزيز مقومات التنمية المستدامة، وكإطار مؤسساتي حاضن لإرادة جماعية في إعادة بناء العلاقة بين الدولة والمجتمع على أساس من الانصاف المجالي وعدالة التوزيع وشمولية الادماج بما في ذلك تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من الفعل والمساهمة والتأثير. إذ يقوم المشروع كما ورد في المقترح المغربي المقدم إلى الأمم المتحدة سنة 2007على نقل واسع للصلاحيات من الدولة المركزية إلى سكان الأقاليم الجنوبية، مع احتفاظها باختصاصات السيادة، وهو ما يعني قيام برلمان جهوي، وحكومة محلية، وقضاء مستقل، وهيئات محلية تدبر الشأن العام في ميادين التعليم، الصحة، الثقافة، الاقتصاد، والتنمية الاجتماعية.
ومن هذا المنطلق، فإن مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية ينبغي أن ينظر إليها كفرصة تاريخية لتجويد السياسات العمومية وسد الثغرات، وبناء نموذج تنموي محلي منصف، يرتكز على التمكين الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي للأشخاص في وضعية إعاقة. حيث إن فرصة تنزيل هذا المشروع تعد لحظة تأسيسية ينبغي ألا تهدر في إعادة إنتاج التهميش. بل على العكس، هي لحظة لطرح سؤال: كيف نضمن ألا يترك الأشخاص في وضعية إعاقة على هامش هذا البناء؟ وكيف نؤسس لهندسة مؤسساتية تكون فيها الإعاقة قضية عرضانية transversal حاضرة في جميع السياسات والقرارات؟
وبناء على هذا التصور، وانطلاقا من سعي جمعية آفاق لتأهيل وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة إلى خلق فضاء للتفكير الجماعي ومقاربة قضايا الإعاقة من زوايا متعددة، وتفاعلها مع محيطها المحلي والوطني، تنظم ندوة وطنية تحت عنوان "ما موقع الأشخاص ذوي الإعاقة من مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية؟" يوم الخميس 24 يوليوز 2025 بمدينة العيون الساقية الحمراء، لفتح نقاش فكري رزين، وتبادل الرؤى بين مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين والحقوقيين والمؤسساتيين، بهدف بلورة رؤية استشرافية مشتركة تجعل من مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية إطارا حقيقيا للتمكين والإنصاف، ومن الأشخاص ذوي الإعاقة شركاء في البناء الديمقراطي والتنموي، بما يجعل من هذا المشروع نموذجا متقدما على المستويين الإقليمي والدولي.