كانت طبيعة الصراع في السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي، تفرض على المغرب ان يضع على راس قائمة الأولويات آنذاك، الانكباب على ملف تأكيد سيادته على الصحراء المغربية دبلوماسيا وعسكريا، ولكن حاليا حان الوقت لتوظيف ملف المناطق الشرقية من الصحراء إضافة الى مدينة طنطان ولمسيد، بحكم ان المرحلة الحالية من النزاع المفتعل اصبحت تتطلب ذلك، و التوازنات الدولية تقدم مؤشرات على إمكانية الاستجابة لمطلب تصنيف البوليساريو حركة إرهابية.
ملف المناطق الشرقية من الصحراء المغربية اصبح يتطلب أن يعود إلى الواجهة من جديد ، وهي مناطق توجد خارج منطقة النزاع كبلدات لبيرات واسا والزاك و اقا وطاطا وفم الحصن و محاميد الغزلان و طنطان ولمسيد ، والتي تعرض فيها المدنيين للاختطاف واغتصاب النساء والقتل وسرقة المحلات التجارية ونهبها، وسرقة الماشية وذبح الجنود وحرقهم خارج القتال ، بما في ذلك التعرض لسيارات نقل المسافرين والحافلات والشاحنات ونهبها واختطاف المسافرين و الرعاة والرحل وغيرهم ونقلهم قسرا الى مخيمات تندوف، خاصة ما بين سنة 1979 و 1983.
تصنيف أفعال مليشيات البوليساريو وفق القانون الدولي
إن الأفعال التي قامت بها مليشيات البوليساريو، مثل اعتراض سيارات نقل المسافرين والحافلات، واختطاف الركاب، والقتل، والتهجير القسري، ونقل الأشخاص إلى مخيمات تندوف، وإعادة تزويج النساء المتزوجات قسرًا، كلها تشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم بموجب القانون الدولي، وترقى إلى جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
كما انها تعد انتهاكا صارخا للحق في الحياة بموجب المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وبحكم ان عمليات القتل كانت جزءًا من هجوم واسع ومنهجي ضد السكان المدنيين، فهي تصنف كـجريمة ضد الإنسانية وفق المادة 7 من نظام روما، وتُعتبر كذلك جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف، طبقا للمادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول.
اعتراض سيارات وحافلات نقل المسافرين واستهداف المدنيين يصنف كجريمة حرب، ويُعتبر بموجب المادة 8 من نظام روما انتهاكًا لمبدأ التمييز بموجب القانون الإنساني الدولي، كما يعد نقل الأفراد قسرًا إلى مخيمات تندوف تهجيرًا قسريًا، وهو محظور بموجب القانون الدولي، ويُصنف كجريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7-1-د من نظام روما، كما يُعتبر انتهاكًا لاتفاقيات جنيف خاصة المادة 49 من الاتفاقية الرابعة.
كما ان إجبار النساء المتزوجات على الزواج قسرًا، يُعتبر زواج قسريا وانتهاكا صارخا للكرامة الشخصية وشكلاً من أشكال العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وينتهك الاتفاقية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ويُعتبر كذلك جريمة ضد الإنسانية طبقا للمادة 7-1-ج من نظام روما -العبودية الجنسية، ويعد انتهاكًا للحق في الحياة الأسرية بموجب المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
نقل النساء والأطفال والرجال إلى مخيمات تندوف، يتضمن كذلك استغلالهم مثل العمل القسري أو العبودية الجنسية، ويُعتبر جريمة بموجب القانون الجنائي الدولي و يُصنف كـالاتجار بالبشر بموجب بروتوكول باليرمو 2000 .
ضرورة إعادة الملف الى الواجهة
هناك تقارير صادرة عن هيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات، تشير إلى أنماط مشابهة من الانتهاكات في سياقات أخرى، مما يدعم إمكانية تصنيف هذه الأفعال كجرائم دولية، كما ان نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يوفر إطارًا لمحاسبة قيادة مليشيات البوليساريو على جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، فالجرائم الإرهابية المذكورة تندرج كلها تحت الجرائم ضد الإنسانية بحكم انها جزء من هجوم واسع ومنهجي.
المسؤولية الجنائية لقيادة مليشيات البوليساريو وجلاديها بصفاتهم الشخصية ثابتة حول كل ما ارتكب من فظاعات في سجونها السرية بجنوب غرب الجزائر، وفي الصحراء المغربية خلال الهجمات الإرهابية التي شنتها.
محمد الطيار، رئيس المرصد الوطني للدارسات الاستراتيجية