الأحد 9 مارس 2025
مجتمع

خيبة أمل المبرزين بالمغرب من "انقلاب" الوزارة وعدم وفائها بالتزامها

خيبة أمل المبرزين بالمغرب من "انقلاب" الوزارة وعدم وفائها بالتزامها ارتبط وجود المبرزين بحسن إعداد المهندسين الأكفاء والتقنيين المتخصصين

يعيش الجسمُ التبريزي، بالمغرب، على اختلاف جِهات وجَبَهات تمدّده وتغلغله في أسلاك التعليم والتكوين: CPGE، BTS، CRMEF، CIT، Lycées، CFIE... على صفيح ساخن، وتسري في أوصاله حُمّى التذمّر وحُمَيّا الامتعاض جرّاءَ ما يسمّيه المبرزون: "انقلابَ" الوزارةِ على مضامين محضر اتفاق 26 دجنبر 2023! وللتذكير، فإن الاتفاق الموقّع بين اللجنة الثلاثية الوزارية وممثلي النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية ينصّ، بالحرف، على:» إحداث نظام أساسي خاص بالأساتذة المبرزين خلال سنة 2024، بناء على خلاصات لجنة تقنية تضمّ ممثلين عن الحكومة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية. «.

 

ولئن كان المرسوم رقم 140 -24 -2، الصادر بتاريخ 23 فبراير 2024، في شأن النظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة المكلّفة بالتربية الوطنية، قد حدّد - في المادة 10 - ضمن أطر هيئة التربية والتعليم إطارا بتسمية جديدة: (أستاذ مبرز للتربية والتكوين)، فإن الآثار القانونية لهذه التسمية لم تَرَ - بعدُ - النورَ، وقد مرت ثلاثةُ أشهر عِجاف ابتعادا عن عام 2024 الموعود!

 

يعدّ مطلب إحداث نظام أساسي خاص بالهيئة الأقدمَ عمرًا في أدراج الوزارة، بل هو بعُمر نسور لقمان؛ فإذا علمنا أن مسلك تحضير التبريز، بالمغرب، دُشِّن في دجنبر 1986، فإن المبرّزين كانوا يلهجون بنظامهم الأساسي، ويطالبون به، منذ ثلاثة عقود ونصف، ومات كثيرٌ منهم، وفي نفسه شيء من هذا النظام! وقد استبشر المبرزون خيرا، وعلّقوا آمالا عِراضا بعد محضر اللجنة الخاصة بملفّ الأساتذة المبرزين بين الوزارة الوصية وثلاث نقابات (FDT، UNTM، FNE)، وُقِّع بتاريخ 19 أبريل 2011، وجاء فيه: ...واعتبارا للمهام التي يضطلع بها الأساتذة المبرزون، وتقديرا لدورهم المحوري داخل المنظومة التربوية...، وتم "التعهّد بإحداث لجنة تقنية مشتركة لوضع مشروع نظام أساسي...وتم الاتفاق على إعداد المشروع قبل متمّ يوليوز 2012"! فما أشبه اليوم بالأمس! والتاريخ أعاد نفسه، في المرة الأولى، مأساةً، وفي المرة الثانية، مهزلةً، كما قال كارل ماركس!

 

لقد ارتبط وجود المبرزين - تاريخيا - بحسن إعداد المهندسين الأكفاء والتقنيين المتخصصين والمدرسين المقتدرين للمهامّ الموكولة إليهم، وبانخراطهم الفعّال في الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي شهدها ورشُ منظومة التربية والتكوين، وهذا بحكم معرفتهم الموسوعية ومتانة تكوينهم وتمكّنهم من العُدة الديداكتيكية والبيداغوجية لتخصّصاتهم؛ إذ قطع - جلّهم - مسارا دراسيا امتدّ لسبع سنوات بعد البكالوريا، وكل من يعرف طبيعة التكوين في الأقسام التحضيرية يدرك جسامة المهامّ المُؤداة، وكيف أن أستاذا واحدا يُنجز من المهامّ [ الدروس النظرية والتطبيقية والتأطير والإشراف والبحث التربوي والمناقشات...] ما ينجزه ثلاثةٌ متفرّقون، في مراكز أخرى!

 

ولأن مسار التفاوض يعرف تباطُؤًا وتماطلا وتسويفا وهلم مناورات، والبلاغات المشتركة شهود على غياب الجدية اللازمة، فإن المكتب الوطني للتنسيقية الوطنية المستقلة للأساتذة المبرزين/ ات، بالمغرب، عقد سلسلةَ اجتماعاتٍ ولقاءات مع عموم المبرزين الذين تعرف صفوفهم تململا واحتقانا، وراسل الأطرافَ النقابية المشاركة في جولات الحوار، في أفق توحيد الخطوات وممارسة أقصى درجات الضغط لوضع المعنيين أمام مسؤولياتهم...فقد عُقدت لقاءات ماراطونية، منذ دجنبر 2024، وقدمّت النقاباتُ الخمس الأكثر تمثيلية ( حتى غير الممثلة) مقترحَها المشترك، وعرضت الوزارة تصوّرَها للمشروع. ومنذئذ، والاجتماعات تتوقّف، وتُرجَأ، بمبررات واهية، أو يُضرب - في بعضها - صفحا عن إدراج الملفّ في التداول، ويتندَّر المبرزون بالقول إن النظام الأساسي كــ" الراكد" أو "إمام في سرداب الغيبة"!

 

(في ظل تمادي جولات الحوار الماراطونية على إبعاد ملف المبرزين إلى المنطقة الرمادية، وغياب الجدية اللازمة)، كما جاء في أحد البلاغات، وبعد أن نفد صبرُ المبرزات والمبرزين بالوعود العرقوبية، وغياب إشارات واضحة بتمسك الوزارة بالتعهّد والآجال، وهذا ما حدا ببعض النقابيين إلى الحديث عن "جهات مغرضة"، وببعضهم الآخر إلى الحديث عن "الانقلاب" ودعوة ( الهيئات النقابية الفاعلة إلى توحيد الرؤية من أجل اتخاذ القرارات المناسبة للدفاع عن النظام الأساسي...وتسطير برنامج نضالي من أجل إلزام الوزارة الوصية بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الحوارات السابقة.)، في ظل هذه المستجدات الباعثة على الإحباط والتثبيط، راسل المكتبُ الوطني للتنسيقية الوطنية المستقلة للأساتذة المبرزين/ات النقاباتِ التعليمية جميعَها لتذكيرها بالتزاماتها ودعوتها إلى اجتماع تنسيقي بغرض تقريب الرؤى وتسطير برنامج نضالي موحد سعيا إلى حمل المسؤولين على التعجيل بإصدار نظام أساسي عادل ومنصف ومحفز يضمن حقوق المبرزين، ويستجيب لتطلعاتهم، ويضع حدّا لمظلومية عمرها ثلاثة عقود ونصف!