يحرص وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، على أن يتواجد دوما بالقرب من الفضائح التي تدور حول المال والرشوة، وبالرغم من أن تمرينه الأول في قضية قاضي التحقيق في طنجة في قضية التونسي الشهيرة لم يكن تمرينا موفقا، فقد عاود الكرة مرات عديدة.
وهذه المرة اجتهدت الأوساط المقربة منه والمحسوبة على هيئة التواصل، والتي تكاد تقدم نفسها كما لو كانت هيئة النهي عن المنكر والأمر بالمعروف في الوزارة، في تسريب خبر يفيد بأنه شخصيا مشغول بقضية الأرض التي تم تسليمها من طرف الوزير الكروج إلى والد الوزير الكروج، التي تصبح بعد طول عمر وتشغيل آيات الإرث أرض الوزير الكروج..
الحدث، أبعد من أن يكون دليلا على شجاعة وزير أمام وزير آخر، هو في المقام الأول دليل على أن النار تأتينا من أفران الوزراء،.. وهي أيضا مقدمة لنسأل: ماذا سيفعل الوزير الرميد الآن، مع ما نشرناه حول تفويت عقارات الدولة، ومنها أراضي شاسعة لمجموعة مدارس خاصة؟
فقد نشرنا الرسالة التي وجهها الوزير الوفا، وفي هذه الرسالة التي وجهها محمد الوفا بتاريخ 17 شتنبر 2013، أياما قليلة قبيل مغادرته لوزارة التعليم، إلى المدير العام لشركة تستثمر في قطاع التعليم الخاص، أقر بمضامين الاتفاقية الإطار الموقعة بين وزارته والشركة بتاريخ 12 أبريل 2013، بهدف إحداث مؤسسات تعليمية خصوصية ومراكز خصوصية للتكوين في مهن التربية، والتي يفضي التنفيذ الوزاري لمقتضياتها وضع اليد على عقارات تلتزم الدولة بوضعها رهن إشارة الشركة لإنجاز هذا المشروع، وبعد مكاتبته لمديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين المعنية بهذا المشروع قصد تقديم اقتراحاتها للعقارات التي يمكن أن تحتضن هذه المشاريع، سواء تعلق الأمر بمؤسسات تعليمية مغلقة أو بقع أرضية مخصصة للتعليم في وثائق التعمير، فإنه يحيل على مسؤولي الشركة جدولا يتضمن الاقتراحات المقدمة من طرف الأكاديميات من أجل الدراسة وموافاته بملاحظاتهم بشأنها، مع إخبارهم بأنه ستتم موافاتهم باقتراحات أكاديمية الرباط فور توصله بها. وبناء على هاته المراسلة، شرعت الشركة في إجراءات حيازة العديد من هاته العقارات والبقع الأرضية بالعديد من مدن المملكة.
ما تكشفه الاتفاقية، والتي أعلنت عنها الشركة المعنية أن العقارات، في بداية التنفيذ تشمل 20 % من مجموع الاستثمار.
وإذا كان الاستثمار المعلن عنه (بدون تدقيق ولا توضيحات شافية) قد قدر في 270 مليار سنتيم، فيمكننا، بعملية بسيطة أن نكتشف أن العقار الذي بحوزة الدولة المقدم بثمن.. لا ثمن فيه، هو 54 مليار سنتيم.
طبعا الأراضي التي يتهم فيها الوزير الكروج تكاد تبلغ لوحدها هذه القيمة. (40 مليار سنتيم، لكنها أرض في السعيدية).
ولكن، سواء كان الوفا أو كان الكروج أو غيرهما مما لم نكتشفه بعد، فإن المغرب لم يعد أكثر من عقار معروض للهموز السياسية وللاستثمارات المشبوهة.
يجب أن يفهم من هذا أن التعليم الخاص كله في سلة واحدة: هناك من يستثمر ويشكر الله أنه دفع آخر مليم..
وهناك من يستثمر وهو يشبه الفلاح المغربي في أراضي البور، ينتظر ويده على قلبه.
وهناك من يشرفنا بالنوعية العالية التي يقدمها من التعليم، والتي تجعل المليارات التي تقدم كدعم لا تساوي شيئا أمام جيل من المثقفين والأطر والنخب..
وشخصيا عندما أقرأ في تقرير رسمي أن عدد المعتقلين في ملفات المخدرات خلال سنة 2014 وحدها بلغ (شدو لرض، وماشي لرض اديال الكروج ).. 20 ألف و600 معتقل، أتمنى أن يعطى كل شبر في البلاد للمستثمرين العموميين والخواص معا لكي يبنى في كل شبر قسم ومدرسة وإعدادية ومركز تأهيلي..
ولا شك أن المغاربة لهم نسبة ثقة عالية في التعليم الخصوصي، لأسباب ليس مجال الحديث فيها، ولهم ثقة في مئات المغربيات والمغاربة، من أطر ومدرسين ومسؤولين يشرفون على المدارس في القطاع الخاص، وهي ثقة لا تعوض بثمن عندما يتعلق الأمر بعقول أبنائنا وبناتنا..
لكن هناك من الذين يستفيدون أولا، من قربهم من مراكز القرار، ومن المغازلات بينهم وبين المصالح الحكومية..
أمام الحكومة فرصة لكي تقدم التوضيحات اللازمة في هذا الباب، ففي الوقت الذي تكون فيه مراكز حضرية كاملة بدون مدارس وبدون مراكز للدراسة..
هناك واجب تقديم التوضيحات، لأن ذلك يضر بصورة جزء مهم من التعليم الخاص الجدي. ولا يمكن أن يقبل الآباء والمدرسون (الأمهات والمدرسات أيضا) بأن ترمى الشبهة على فضاءات التحصيل العلمي، الذي عاد بديلا حقيقيا لمدرسة وطنية تعاني الأمرين، حتى أن أول الذين يتوجهون إليها هم رجال ونساء التعليم، وعلى رأسهم المسؤولون الأولون (وتلك قصة أخرى).
المطلوب الكشف عن الذين يقفون وراء الشركة وكشف روابطهم وتفاصيلها مع أصحاب القرار، ولاسيما أن المسؤول الأول في الحكومة هو أيضا مسؤول رئيس في التعليم الخاص في بلادنا.
هي فرصة، لا لمطاردة الساحرات أو التقليل من المدرسة الخصوصية الوطنية، بقدر ما هي فرصة لتوضيح الأمور جيدا ونعرف حدود الشفافية في الملف...
حتى لا يقال لنا إننا في المغرب مع الشعار «اللي هرف، يشد لرض»
(يشدها في .. الحساب)!