الجمعة 21 فبراير 2025
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي: قمة أديس أبابا.. إنتخابات تعمق الإنقسامات وتفضح عجز الاتحاد الإفريقي عن الإصلاح

الحسين بكار السباعي: قمة أديس أبابا.. إنتخابات تعمق الإنقسامات وتفضح عجز الاتحاد الإفريقي عن الإصلاح الحسين بكار السباعي
تتبعنا جميعا قمة الاتحاد الأفريقي المنعقدة في أديس أبابا يومي 15 و16 فبراير 2025، كما وقفنا من خلال مختلف وسائل الاعلام الوطنية والدولية انتخابات شابتها خروقات واستعملت فيها الجزائري رشاوي باهة لضفر من بقايا مناصب غير مؤثرة وشكلية . في ضل التحديات الجسيمة التي تواجه القارة الإفريقية، وأبرزها الأزمات الأمنية والانقسامات الداخلية وضعف الاتحاد في معالجة قضايا السلام والاستقرار .
 
ورجوعا الى هذه العملية الانتخابات والتي تعتمد على مبدأ التناوب الإقليمي، حيث تتوزع المناصب القيادية بين مناطق القارة المختلفة لضمان تمثيل شامل. غير أن هذا النظام، بدلا من تعزيز الوحدة، غالبا ما يعمق الانقسامات، إذ يصبح التنافس على المناصب مبنيا على إعتبارات جغرافية أكثر من كونه قائما على الكفاءة والقدرة على القيادة. وهو ما يجعل الاتحاد يعاني من خلل في اختياراته، حيث تقدم المصالح الإقليمية على حساب البحث عن شخصيات قادرة على إحداث تغيير فعلي في السياسات والمقاربات.

فضلا على ذلك ، فتجميد عضوية الدول الأعضاء في الاتحاد عند وقوع أزمات سياسية أو انقلابات عسكرية طبقا للمادة 30  من القانون الأساسي  يعكس محدودية قدرة الاتحاد الإفريقي على إيجاد حلول فعالة ناهيك على وجود كيان انفصالي إرهابي ، الأمر الذي يجعل الاتحاد الافريقي في حاجة مستعجلة إلى القطع مع حربائية اتخاذ القرارات ، والعمل على تطوير أدواته لمعالجة مختلف النزاعات الإقليمية.
 
لقد برزت هذه التحديات بوضوح خلال قمة أديس أبابا الأخيرة، حيث غلبت الاعتبارات السياسية والتحالفات الإقليمية على النقاشات المتعلقة بمستقبل القارة ، و صراع النفوذ بين الدول الكبرى ، والذي كشف على الواقع المقلق المتمثل في هشاشة البنية المؤسسية لهذا التجمع القاري . فرغم الشعارات التي ترفعها المنظمة بشأن الوحدة الإفريقية، لا يزال الانقسام سيد الموقف، حيث تطغى الحسابات السياسية الضيقة والفساد على المصلحة العامة ، مما يجعل الاتحاد عاجزا عن تقديم حلول حقيقية للأزمات المتلاحقة التي تعاني منها القارة السمراء .
 
لقد دقت ساعة الإصلاح العميق  للقانون الأساسي للإتحاد الإفريقي، إذ لم يعد من المقبول أن يبقى الاتحاد رهينة للأنماط التقليدية في التسيير والانتخاب ،بل ينبغي إعادة النظر في آليات اختيار القيادات بحيث تبنى على الكفاءة والقدرة على تحقيق التغيير ، لا على التوازنات الإقليمية التي تكرس الانقسامات ، نخب إفريقية بإستطاعتها تطوير أدوات عمل الاتحاد وجعله قادرا على إدارة الأزمات ، وأن يكون لاعبا رئيسيا في إرساء السلام والاستقرار في القارة، بدل أن يقتصر دوره على إصدار بيانات الإدانة واتخاذ قرارات تجميد العضوية .
 
ختاما ، الانتخابات مرآة عكست  واقع الاتحاد الإفريقي، الذي لا يزال عاجزا عن تجاوز تحدياته الداخلية، رغم مرور أكثر من ستة عقود على تأسيسه . إن إستمرار الأزمات السياسية والأمنية في عدد من دول القارة، يجعل الاتحاد في حاجة إلى إصلاحات جذرية إذا ما أرادت هذه المنظمة الإقليمية، أن يكون قوة حقيقية توحد إفريقيا بدل أن تظل إطارا شكليا يعكس انقساماتها .
ذ/ الحسين بكار السباعي ، محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان 
رئيس، مكتب سوس ماسة للمرصد الدولي للإعلام وحقوق الانسان.