الثلاثاء 11 فبراير 2025
كتاب الرأي

جمال الدين ريان: إقصاء كفاءات مغاربة العالم: تحديات وتداعيات

جمال الدين ريان: إقصاء كفاءات مغاربة العالم: تحديات وتداعيات جمال الدين ريان
يعد إقصاء كفاءات مغاربة العالم من المشاركة في تدبير الشأن العام والسياسي بالمغرب قضية حساسة تثير جدلًا واسعًا. فهذه الفئة تمثل ركيزة أساسية في النسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمملكة، حيث تساهم بشكل كبير في التنمية عبر تحويلاتهم المالية، استثماراتهم، ونقل الخبرات المكتسبة من الخارج.

تشهد مسألة إشراك مغاربة العالم في الحياة السياسية نقاشًا متزايدًا، خصوصًا فيما يتعلق بحقهم في التصويت والترشح للانتخابات. وقد اعتبر المركز الأوروبي للإعلام الحر أن التصويت بالوكالة غير كافٍ لضمان مشاركة فعلية، فيما أكد ممثلو الأحزاب بالخارج أن إقصاءهم من تدبير الشأن العام يضعف الروابط بين الجالية المغربية ووطنها الأم. كما يُنظر إلى عدم إدراج مغاربة العالم في الإحصاءات الوطنية كإغفال لمساهماتهم الكبيرة في تنمية البلاد، وهو أمر يتناقض مع العناية الملكية التي تخصص لهذه الفئة.

في خطوة لافتة، أعلن الملك محمد السادس عن إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بمغاربة العالم، ما أثار تساؤلات حول مدى قدرة هذه الخطوة على تحسين أوضاع الجالية وضمان مشاركتها الفاعلة في الشأن العام.

إقصاء هذه الكفاءات له تداعيات متعددة على الوطن. فمن الناحية الاقتصادية، يحرم المغرب من خبرات ومهارات دولية في مجالات حيوية كالتكنولوجيا، الطب، والهندسة، كما أن غياب إشراك الجالية في صنع القرار قد يقلل من رغبتها في الاستثمار داخل البلاد، ما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني. أما على المستوى الاجتماعي، فإن الإقصاء يعزز شعور الاغتراب لدى الجالية، مما يضعف الروابط مع الوطن ويؤثر على الأجيال الجديدة من مغاربة العالم. كما أن عدم إشراك الكفاءات في الشأن العام قد يؤدي إلى تراجع الارتباط بالهوية الوطنية في ظل تأثير الثقافات الأجنبية.

من الناحية السياسية، يؤدي هذا الإقصاء إلى إضعاف مبدأ الديمقراطية التشاركية، حيث يُحرم جزء مهم من المواطنين من المشاركة السياسية، مما يفقد المؤسسات الرسمية ثقة هذه الفئة. كما أن مغاربة العالم يشكلون جسورًا حيوية بين المغرب ودول الإقامة، وإقصاؤهم قد يفقد البلاد دعمًا دوليًا يمكن أن يعزز مكانتها.

إقصاء كفاءات مغاربة العالم يمثل تحديًا استراتيجيًا يتطلب إصلاحات جذرية، تضمن إشراك هذه الفئة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتعزز الروابط بينها وبين وطنها الأم. فالاستفادة من قدراتهم ومهاراتهم ليست فقط مطلبًا إنصافياً، بل ضرورة وطنية لتحقيق التنمية الشاملة.