الجمعة 7 فبراير 2025
مجتمع

الطنطان.. بين غياب غير مبرر ومسؤولية القرار السياسي

الطنطان.. بين غياب غير مبرر ومسؤولية القرار السياسي غياب أعضاء المجلس البلدي عن دورة 6 فبراير 2025 بجماعة الطنطان
في سياق التحولات التي يشهدها المشهد السياسي بجماعة الطنطان، يشكل غياب أعضاء المجلس البلدي عن دورة 6 فبراير 2025 محطة لطرح تساؤلات جوهرية حول طبيعة هذا الغياب، وخلفياته، وتداعياته على مسار التنمية المحلية. 

فحينما تغيب الشفافية في اتخاذ القرار، ويظل الرأي العام المحلي حائرا أمام غموض المواقف، تصبح الحاجة ملحة إلى قراءة متأنية لما يجري داخل أروقة التدبير الجماعي.  

لا شك أن الممارسة الديمقراطية تقتضي أن يكون التعبير عن المواقف داخل المؤسسات المنتخبة، لا من خلال الغياب والتواري عن الأنظار. كان الأجدر أن يحضر الأعضاء إلى الدورة، وأن يعلنوا رفضهم، إن وجد، من داخلها، مع تقديم مبررات واضحة وموضوعية تدعم موقفهم. فالشجاعة السياسية ليست في الغياب، بل في المواجهة المسؤولة، حيث يكون النقاش العلني هو السبيل الأمثل لتصريف الاختلافات، بدل ترك الأمور معلقة، ما يفتح المجال للتأويلات والتكهنات التي لا تخدم المصلحة العامة.  

إن أخطر ما قد يترتب عن مثل هذه الممارسات هو ترسيخ ثقافة سياسية تُفضل المناورة على الوضوح، وتُقدّم المصالح الشخصية الضيقة على الحسابات الاستراتيجية للمدينة. فلا يمكن أن يُفهم أن يغيب أعضاء عن جلسة مصيرية، ثم يعودون لاحقا ليصوتوا بالأغلبية في الدورة المقبلة(؟؟؟)، دون تقديم توضيحات حول موقفهم السابق. مثل هذا السلوك لا يعكس فقط غياب الانسجام داخل المجلس، بل يثير أيضا تساؤلات حول مدى استقلالية القرار السياسي داخل المؤسسة المنتخبة، وما إذا كان محكوما باعتبارات شخصية أو توافقات ظرفية عوض أن يكون مستندا إلى رؤية تنموية واضحة المعالم.  

لقد أبانت التجارب عن حاجة الطنطان إلى استقرار سياسي وإداري يُمكّن من تنزيل المشاريع الكبرى التي بدأ المواطنون يلمسون أثرها الإيجابي. فبرنامج التأهيل الحضري، وما يواكبه من تغييرات جوهرية في البنية التحتية، يشكل فرصة تاريخية يجب ألا تُهدَر في حسابات سياسية ضيقة. ومن هذا المنطلق، تقع على عاتق جميع الفاعلين مسؤولية الحفاظ على استمرارية العمل الجماعي، وتجنيب المدينة الدخول في متاهات الصراعات السياسية التي تعطل التنمية أكثر مما تخدمها.  

إن الساكنة تتابع المشهد عن كثب، ولن تنس من كان سببا في تقدم المدينة، كما لن تغفر لمن سعى إلى عرقلة مسارها لأي اعتبارات انتهازية. إن مسؤولية الأعضاء ليست فقط في اتخاذ القرارات، بل في تحمل نتائجها أيضا، وعليه فإن اللحظة الراهنة تتطلب من الجميع تحكيم العقل، وتقديم المصلحة العامة على كل الاعتبارات الأخرى. فالتنمية ليست شعارا يُرفع، بل التزامٌ يُمارَس بمسؤولية ونزاهة.