الأربعاء 5 فبراير 2025
رياضة

بطائق الاشتراك.. مساهمات محتشمة وسيولة مالية لا ترقى إلى انتظارات القائمين على شؤون الفرق المغربية

بطائق الاشتراك.. مساهمات محتشمة وسيولة مالية لا ترقى إلى انتظارات القائمين على شؤون الفرق المغربية تعاني الأندية المغربية من خسائر مالية بسبب إغلاق الملاعب للصيانة
تفاقمت معاناة كثير من الفرق المغربية بسبب إغلاق الملاعب لإعادة بنائها أو صيانتها استعدادا للاستحقاقات الكروية القادمة خاصة كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، إذ تكبدت خسائر مالية مهمة زادت من معاناتها. ما جعل عائدات بيع التذاكر تتقلص بشكل رهيب دون أن تتمكن بطائق الاشتراك السنوية من تعويض هذا الخصاص.
“الوطن الآن” تسلط الضوء على دور الجمهور في الأزمات المالية التي تعصف بالفرق ذات القاعدة الجماهيرية الواسعة، وتقف على دور المشجع/ المشترك في هذا المجهود التضامني.
 
 
المتضررون من أوراش بناء وصيانة الملاعب 
تعول أندية كرة القدم المغربية كثيرا في مداخلها المالية على عائدات بيع تذاكر المباريات الودية والرسمية، وظهر تأثير هذا المدخول خلال جائحة كورونا، حين تقرر إجراء المباريات بدون جمهور فاضطرت الفرق إلى تحمل مضاعفات هذا الوباء، وهو ما أثر تأثيرا كبيرا على ميزانيات الأندية، التي انتقلت من البيع المباشر أو عن بعد للتذاكر إلى ترويج بطائق الاشتراك السنوية التي توفر حزاما ماليا مستقرا للأندية.

بعد الانفراج الوبائي استعادت الفرق المغربية ذات القاعدة الجماهيرية توازنها، وشرعت في توسيع دائرة الاشتراك إيمانا منها بأن جيوب أنصارها هي المصدر الأول لاستمرار الفرق وبقائها. لكن إغلاق عدد كبير من الملاعب وتحويلها إلى أوراش مفتوحة جعل غالبية الأندية المغربية تبحث عن ملاعب صغيرة بعيدا عن قواعدها وغالبا ما تضطر لإجراء مبارياتها بدون جمهور أمام مدرجات فارغة بقرار من السلطات تارة ومن العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية.
 
الترجي الرياضي التونسي، أعلن نفاد كل الاشتراكات التي تم طرحها للبيع والخاصة بموسم 2024-2025
 

من بين مزايا بطاقات الاشتراك أيضا، يقول سعد لله ياسين خبير الحكامة الرياضية ومدير مركب محمد الخامس سابقا، “أن الفريق لا يكون مجبرا على طبع تذاكر لكرة مباراة وبيعها، وهو ما يكلف الفرق مصاريف خاصة، بالإضافة لكون بطائق الاشتراك تمنح الفرق جماهير قارة وهو ما يحد من الفوضى داخل الملعب بحيث تصبح الجماهير مسجلة عند النادي”.
 
بطائق الاشتراك ..الثقافة المحتشمة
وعلى غرار أندية كرة القدم في معظم الدوريات الكروية، أطلقت الأندية الوطنية بطاقات الاشتراك السنوية باعتبارها مصدرا مهما لتحقيق التوازن بين النفقات الكبيرة وتقلص المداخيل. لكن بالرغم من السيولة المالية التي وفرتها هذه العملية إلا أنها لم ترق إلى انتظارات القائمين على شؤون الفرق المغربية، لكون ثقافة الاشتراك مازالت محتشمة في مشهدنا الكروي.

وحسب سعد لله ياسين المدير السابق لمركب محمد الخامس، فإن ثقافة الاشتراك السنوي  في الأندية مازالت محدودة، “الدليل أن هذا الموسم فريق الرجاء وصل لـ 10 ألاف بطاقة اشتراك، نادي الوداد  لم يصل  لهذا الرقم، لأن الجمهور  مازال مرتبطا بالتذاكر، إلى جانب أن فئة من الجمهور ترفض الإجراءات المرافقة للاشتراك كتقديم البطاقة الوطنية وغيرها من التدابير، لكننا سنصل إلى المأمول شريطة أن تتحرك المكاتب المسيرة في هذا الباب من خلال منح امتيازات لهذه الفئة”.
 
إكراهات تقلص توسيع دائرة المشتركين
في يوليوز 2024، أعلن فريق الرجاء الرياضي عن انطلاق بيع بطائق الاشتراك للموسم الرياضي 2024-2025. وتم تحديد ثلاثة أنواع من بطائق الاشتراك السنوي: البطاقة الذهبية “الشرفية“ بسعر 10000 درهم، البطاقة الفضية “المنصة“ بسعر 2000 درهم، والبطاقة البرونزية “المدرجات المكشوفة“ بسعر 700 درهم.
هذه البطائق السنوية يفترض أن تغطي كل المباريات التي يستقبل فيها النادي خصومه بمركب العربي الزاولي، سواء في البطولة الاحترافية أو دوري أبطال أفريقيا إلى حدود انتهاء مرحلة المجموعات، التي انتهت فيها رحلة الفريق.

 وبدوره أعلن، الوداد الرياضي في غشت 2024، عن بدء عملية بيع بطائق الاشتراك السنوية للموسم الرياضي 2024/2025. وقدمت الإدارة خمسة أنواع مختلفة من الاشتراكات، بأسعار تتراوح بين 900 درهم و30000 درهم بالنصبة للمنصة الرسمية، قبل أن يخفض السعر لاحقا حين لمس غياب الإقبال عليها، لكن الإدارة اصطدمت بمشكل آخر، كون فئة واسعة من المشجعين اقتنت البطائق قبل التخفيض، ما تطلب إعادة الفارق للمحتجين.

لا يقتصر الأمر على فريقي الوداد والرجاء، بل شملت بطائق الاشتراك جل الأندية المغربية لكرة القدم، كاتحاد طنجة وحسنية أكادير وأولمبيك أسفي و فريق الجيش الملكي والمغرب الفاسي ونهضة بركان وغيرها من الفرق إذ تراوحت الأسعار ما بين 300 و1000 درهم.
 
أي موقع للمشتركين في التقارير المالية للفرق؟
خلافا لكل التوقعات لم تقدم عملية الاشتراك الجماهيري ما كان منتظرا منها على المستوى المالي، ولم تعوض عملية البيع المباشر للتذاكر الورقية، إذ كشفت التقارير المالية للفرق المغربية عن نسبة ضئيلة من الدخل. بالرغم من كون أغلب التقارير تجمع الاشتراكات والانخراطات في خانة واحدة.
 
إقبال كثيف على الاشتراك في  الأهلي المصري

“الرجاء والوداد تتوفر على 40 ألف، فالمفروض أن يشترك هذا العدد وسيكون الدخل المالي مثلا مليار أو مليار ونصف بالنسبة لقطبي الكرة بالدار البيضاء وبالنسبة لباقي الفرق مابين 500 و400 مليون وهي مبالغ ستكون دعما للفرق في بداية الموسم الذي يكون فرصة لإجراء الانتدابات”، يضيف سعد لله ياسين.

وتحرص أغلب المكاتب المسيرة على تحديد سقف بيع بطائق الاشتراك كي لا يتجاوز 15 ألف بطاقة، أي ثلث الطاقة استيعابية لملعب مركب محمد الخامس مثلا، حتى تحافظ الأندية على هامش لبيع التذاكر العادية وتوفير سيولة مالية كل أسبوعين. واعتبارا أيضا لوجود ملاعب بديلة لا يمكنها استقبال أصحاب البطائق وأصحاب التذاكر والمنخرطين دفعة واحدة.

أمام هذا الجدل لازالت عملية الاشتراك غير مدرة للدخل بالنسبة للفرق المغربية، ولازال الجمهور الواسع غير مؤثر في التقارير المالية للأندية، مقارنة بمساهمة جماهير فرق أخرى عربية وأسيوية كي لا نقارن بأوربا، علما أن من معايير الاستقرار المالي للفرق ضمان حد محترم من المشتركين.

 وفي هذا السياق  يقول سعد لله ياسين “لابد من تشجيع الجماهير على اقتناء بطائق الاشتراك السنوية، لكونها تشكل  دعما ماليا مهما للأندية، اقتداء بالأندية العالمية على غرار ريال مدريد وبرشلونة.”