لا أذكر كيف كان الأستاذ عبد الله العروي قد حدد أزمة المثقفين العرب في كتابه الشهير. فلقد قراته قبل عقود. ولكني أحدد هذه الأزمة اليوم (والتي يشترك فيها في الحقيقة العديد من المثقفين غير العرب في كل الدنيا)، كونهم يتوهمون أنهم قادرون على إنجاز التغيير حتى بدون الارتباط بحركات جماهيرية عريضة.
تصبح النتيجة تولد نوعا و"بروتوتيب" من المثقف يذكرنا بأبطال السينما الأمريكية القديمة ضمن صنف أفلام الويسترن والأفلام الاستعراضية، الذين ينجزون بمفردهم ما لا تستطيع إنجازه أمة بكاملها !!!
اليوم انضاف إلى المثقفين المبالغين في تصور أدوارهم في التغيير المجتمعي، عدد من المشتغلين في الحقل الصحفي والإعلامي، يزيد في منسوب ذلك تأثير الزمن الديجيتالي.
قدماء الماركسيين تحدثوا عن المثقف العضوي، وهو المفهوم الذي صاغه كرامشي قبل عقود طويلة.
مثقفو اليوم في الغرب يتحدثون عن المثقف العمومي public intellectual.
لكن لا المفهوم الأول ولا الثاني يستطيعان إخفاء حقيقة جوهرية: لا يمكن للمثقفين أن ينجزوا مهام التغيير إذا هم بقوا -أو فضلوا البقاء -في أبراجهم العاجية، ولم يرتبطوا حقا بحركية المجتمع وحركاته وصانعي ديناميته في الميدان.
لكن لا المفهوم الأول ولا الثاني يستطيعان إخفاء حقيقة جوهرية: لا يمكن للمثقفين أن ينجزوا مهام التغيير إذا هم بقوا -أو فضلوا البقاء -في أبراجهم العاجية، ولم يرتبطوا حقا بحركية المجتمع وحركاته وصانعي ديناميته في الميدان.
وبالمناسبة، قبل أيام كنت قد استمعت إلى فيديو تضمن نقاشا بين فوكو وتشومسكي يعود إلى نهاية السبعينيات تضمن في جزء منه أدوار المثقفين ومسؤولياتهم، وشعرت بأن تشومسكي كان أكثر اقتناعا من فوكو بتلك الحقيقة.