تشكل التغيرات المناخية تحدياً عالمياً يؤثرعلى الاقتصادات والمجتمعات بشكل عام، ولكن تأثيرها يختلف من منطقة إلى أخرى، مما يجعل دراسة السياق المحلي والدولي أمراً ضرورياً لفهم تداعياتها. ويعتبر المغرب كباقي الدول الأخرى الذي يلامس هذه التغيرات المناخية حسب موقعه الجغرافي المتواجد في أقصى شمال القارة الإفريقية التي تعرف بمناخها الحار والذي يمكن أن يكون أحيانا خطر على المواطنين عامة وعلى العمال أو المياومين بشكل خاص، وتتجلى هذه التغيرات المناخية الخطرة على العمال بشكل ملموس في القطاع الزراعي الذي يعتبر من أهم ركائز الاقتصاد الوطني المغربي. فهذا القطاع يعاني بشكل مباشر من تأثيرات الجفاف المتكرر في السنوات الأخيرة، مما يؤثر بشكل مباشر على ظروف العمل واستقرار العاملات الزراعيات اللواتي هن اليوم مهددات في مصدر رزقهن اليومي بسبب التغيرات المناخية في ظل غياب الانتقال العادل في هذا المجال الشغلي وهذا راجع لغياب استراتيجية محكمة للانتقال في مجال التشغيل بجميع القطاعات.
ولتسليط الضوء على هذا الموضوع لابد لنا أن نلامس بعض النقاط المهمة في مجال تشغيل النساء الزراعيات والمشاكل التي يعانين منها بسبب التغيرات المناخية.
بداية لابد لنا أن نتحدث عن الوضع الراهن للتغيرات المناخية في المغرب الذي ينذرنا بوجود مشكلة رئيسية في المجال الزراعي عامة بسبب الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة وزيادة في حدة الظواهر المناخية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات، هذه التغيرات تؤثر بشكل مباشر على الموارد الطبيعية، خاصة المياه، التي تعتبر عنصراً حيوياً للعديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية .كما يهدد هذا الوضع الإنتاج الزراعي ويزيد من الضغوط على الفئات الأكثر ضعفاً، أهمها العاملات الزراعيات اللواتي يعتمدن بشكل كبير على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش والقوت اليومي في غياب بديل اقتصادي يساهم في الانتقال من مثل هذا النوع من العمالة لأخرى، يمكن أن تكون متقاربة في نفس المجال أو مغايرة تماما.
وهذا ما جعلنا نتشارك القلق مع العاملات الزراعيات اللواتي يعتبرن أنفسهن في قلب عاصفة التغيرات المناخية التي تطال المغرب كبلد زراعي في السنوات الأخيرة.
فهاؤلاء العاملات الزراعيات تواجهن تحديات متعددة و مختلفة نتيجة التغيرات المناخية التي تؤثر بشكل مباشر على ظروف عملهن واستقرارهن الاقتصادي. كما يعتبر الجفاف المتزايد وتغير أنماط الأمطار تحدياً كبيراً للإنتاج الزراعي، مما يؤدي إلى انخفاض فرص العمل المتاحة وتهديد سبل العيش للعاملات. ناهيك عن المشاكل القانونية المتعلقة بحماية حقوق هذه الفئة من العمالة التي لازالت تصنف ضمن العمل الهش في هذا السياق، حيث يعمل العديد منهن في ظروف عمل غير مستقرة وغالباً بدون عقود رسمية أو تأمين اجتماعي يساعدهم على الظفر بعيش كريم .
ومن بين أهم هذه المشاكل القانونية والاجتماعية نرصد مايلي حسب بعض التقارير:
1.غياب العقود الرسمية:
في ضرب سافر للمادة 11 من مدونة الشغل لازالت كثير من العاملات الزراعيات يعملن بدون عقود رسمية، مما يجعلهن عرضة للفصل التعسفي وعدم الاستقرار الوظيفي. هذا الوضع يحرمهن من الحقوق التي توفرها العقود الرسمية مثل احترام ساعات العمل والحد الأدنى للأجر الخاص بهذه الفئة وكذا التعويض عن الفصل أو الاستفادة من الحق في الضمان الاجتماعي.
مما يجعل هذه الفئة من العمالة دائما في خطر مستمر.
في ضرب سافر للمادة 11 من مدونة الشغل لازالت كثير من العاملات الزراعيات يعملن بدون عقود رسمية، مما يجعلهن عرضة للفصل التعسفي وعدم الاستقرار الوظيفي. هذا الوضع يحرمهن من الحقوق التي توفرها العقود الرسمية مثل احترام ساعات العمل والحد الأدنى للأجر الخاص بهذه الفئة وكذا التعويض عن الفصل أو الاستفادة من الحق في الضمان الاجتماعي.
مما يجعل هذه الفئة من العمالة دائما في خطر مستمر.
2.الفجوة في الأجور :
وهذا راجع للبيئة التي لا زالت تستصغر دور المرأة في المجتمع المغربي مع العلم أن النساء امتهن الزراعة منذ القدم غير أنها لم تصل يوما لمكانة الرجل في هذا المجال، مما يجعلها تتقاضى أجرا أقل في خرق واضح لمبدأ العدالة الأجرية التي تفرض التساوي في الأجر مقابل تأدية نفس الخدمة حسب منطوق المادة 357 من مدونة الشغل المغربية.
3. غياب التأمينات الاجتماعية:
غياب العقود الرسمية للعمل في المجال الزراعي تساهم بشكل مباشر في عدم الاستفادة من التأمينات الإجتماعية من ضمان إجتماعي والتأمين الإجباري عن المرض وكذا التأمين عن حوادث الشغل مما يجعل هذه الفئة عرضة للفقر والهشاشة كونها لا تستفيد من بعض الحقوق الأساسية التي من المفترض أنها من النظام العام في عالم الشغل ناهيك عن النهاية المأساوية التي تصل إليها العاملات الزراعيات في ظل غياب التقاعد بعد سنوات طوال من العمل في ظروف قاسية ومناخ متقلب وصعب .
غياب العقود الرسمية للعمل في المجال الزراعي تساهم بشكل مباشر في عدم الاستفادة من التأمينات الإجتماعية من ضمان إجتماعي والتأمين الإجباري عن المرض وكذا التأمين عن حوادث الشغل مما يجعل هذه الفئة عرضة للفقر والهشاشة كونها لا تستفيد من بعض الحقوق الأساسية التي من المفترض أنها من النظام العام في عالم الشغل ناهيك عن النهاية المأساوية التي تصل إليها العاملات الزراعيات في ظل غياب التقاعد بعد سنوات طوال من العمل في ظروف قاسية ومناخ متقلب وصعب .
4. ظروف العمل القاسية:
تساهم التغيرات المناخية في صعوبة ظروف العمل، مثل التعرض لفترات طويلة لأشعة الشمس أو العمل في بيئات قاسية بسبب الجفاف أو الفيضانات. في تجاهل تام بشروط الصحة والسلامة المهنية المنصوص عليها في المادة336 وما بعدها من مدونة الشغل المغربية، مما يعرض العاملات الزراعيات لمخاطر صحية متعددة تنعكس سلبا على حياتهم المهنية من جهة وعلى المردودية في الإنتاج من جهة أخرى.
تساهم التغيرات المناخية في صعوبة ظروف العمل، مثل التعرض لفترات طويلة لأشعة الشمس أو العمل في بيئات قاسية بسبب الجفاف أو الفيضانات. في تجاهل تام بشروط الصحة والسلامة المهنية المنصوص عليها في المادة336 وما بعدها من مدونة الشغل المغربية، مما يعرض العاملات الزراعيات لمخاطر صحية متعددة تنعكس سلبا على حياتهم المهنية من جهة وعلى المردودية في الإنتاج من جهة أخرى.
5. صعوبة الوصول إلى العدالة:
تواجه العاملات الزراعيات في المغرب عدة مشاكل من أهمها التحرش الجنسي والطرد التعسفي المرتبط بالعنف ، وهنا في حالة حدوث نزاعات من هذا القبيل و التي تعتبر انتهاكات لحقوق الانسان العامل أولا وثانيا عنفا ممنهجا ضد نساء لا حول ولا قوة لهن ، يجدن أنفسهن في منطقة رمادية كي لا نصفها بالسواد .
فإمكانية الوصول المرأة الزراعية للعدالة وانصافها لازال يعد بعيدا خاصة في ظل المساطر الطويلة والغير المنسقة لهذه الفئة في القوانين الحالية أما في المشاريع الجديدة مثل مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد فبعد مستحيلا لعدة اعتبارات لا يتسع المجال لذكرها الآن وكأن هذه الفئة كتب عليها الشقاء من جميع جوانب الحياة .
فإمكانية الوصول المرأة الزراعية للعدالة وانصافها لازال يعد بعيدا خاصة في ظل المساطر الطويلة والغير المنسقة لهذه الفئة في القوانين الحالية أما في المشاريع الجديدة مثل مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد فبعد مستحيلا لعدة اعتبارات لا يتسع المجال لذكرها الآن وكأن هذه الفئة كتب عليها الشقاء من جميع جوانب الحياة .
وبناء على هذا التشخيص البسيط للوضع القانوني للعاملات الزراعيات في المغرب المصاحب للوضع المناخي، أصبح من الضروري التفكير في استراتيجية وطنية من أجل انتقال عادل لهذه الفئة من العمالة في ظل تزايد أزمة المناخ الذي يعيشها المغرب و يجب أن تشمل هذه الاستراتيجية من وجهة نظرنا نقطتين أساسيتين وهما :
تعزيز الإطار القانوني: يجب تعزيز التشريعات الحالية لضمان حماية حقوق العاملات الزراعيات، وتوفير آليات فعالة لإنفاذ هذه الحقوق. مع تعزيز التوعية القانونية في المجتمع الزراعي لضمان حصول العاملات على حقوقهن.
تشجيع الابتكار في الزراعة: استخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة لتحسين كفاءة استخدام المياه وزيادة الإنتاجية يمكن أن يكون جزءاً من الحل. بالإضافة للزراعة الذكية التي تساهم في تقليل التأثير السلبي للتغيرات المناخية على المحاصيل وتضمن استدامة الإنتاج كما أنها تحافظ على اليد العاملة.
ختاما
تعتبر التغيرات المناخية تحدياً كبيراً لبيئة العمل في المغرب، خاصة بالنسبة للعاملات الزراعيات. ومع ذلك، تحمل هذه التغيرات في طياتها فرصاً لإعادة التفكير في طرق الإنتاج والاستثمار في مستقبل أكثر استدامة. بالجمع بين الجهود الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني المتمثل في النقابات المهنية أساسا والجمعيات ذات نفس الاهتمام، كما يمكن للمغرب أن يتحول من مواجهة التحديات إلى قيادة جهود التكيف المناخي في المنطقة، مما يساهم في بناء مستقبل اقتصادي قوي ومستدام بيد زراعية تعمل في ظروف عمل لائقة وكريمة .