بعد أسبوع واحد فقط من اعتراف فرنسا الرسمي بمغربية الصحراء، انضمت فنلندا يوم الثلاثاء 6 غشت 2024، إلى قائمة الدول الأوروبية التي اعترفت حتى الآن بالسيادة المغربية على الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها " الحل الأساسي والوحيد لفض النزاع المفتعل " حول الصحراء المغربية.
ويمثل الموقف الفنلندي الجديد تطوراً جوهرياً بالمقارنة مع المواقف التي كان يعبِّر عنها هذا البلد في الماضي، إذ كانت لا تتخطى سقف التعبير عن " دعمها لجهود الأمم المتحدة " لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، علما أن الموقف الجديد الذي عبرت عنه فنلندا هو موقف الدولة وينبثق عن جميع مكوناتها التنفيذية والتشريعية، حيث اتخذ بالتشاور مع الرئيس الفنلندي، وبعد التشاور مع الحكومة ومع لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان.
وبهذا الموقف تكون هلسنكي أول دولة من الشمال الأوروبي تدعم بشكل رسمي وصريح مقترح الحكم الذاتي بوصفه حلاً واقعياً ووحيداً، قابلاً للتطبيق لإنهاء النزاع المفتعل في الصحراء.
ويكتسي الموقف الفنلندي أهمية استراتيجية وجيوسياسية؛ كما يعزز هذا الموقف الجديد الزخم الذي يشهده الاتحاد الأوروبي حيال قضية الصحراء المغربية. ففنلندا تشكل الدولة العضو الـ17 في الاتحاد التي تدعم الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
فهل تمثل هذه الخطوة الفنلندية بادرة أمل لتوالي اعترافات باقي الدول الإسكندنافية على شاكلة السويد والنرويج والدنمارك وإيسلندا؟!
ويأتي الموقف الفنلندي في سياق النجاحات التي حققتها الدبلوماسية المغربية في السنوات الأخيرة والتي مكنت من كسب اعترافات دولية وازنة بمغربية الصحراء وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حين أعلن رئيسها السابق دونالد ترامب دعمه لسيادة المغرب على صحرائه عبر تغريدة في " تويتر " مشيرا بأن قراره يتناسب مع موقف المغرب التاريخي من استقلال الولايات المتحدة، بوصفه أول دولة تعترف بالولايات المتحدة دولةً مستقلة.
وتلا الاعتراف الأمريكي ذلك، تأييد إسبانيا لمغربية الصحراء ولمقترح الحكم الذاتي، وهي الخطوة التي فتحت الباب أمام تطبيع علاقات البلدين، بعد أزمة دبلوماسية حادة دامت نحو عام، كما اعترفت دول أوروبية أخرى وازنة، وهي ألمانيا وهولندا وبلجيكا، بالإضافة الى عدد كبير من الدول العربية والإفريقية.
وفي المجموع، أبدت أكثر من 100 دولة تأييدها مقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو ما تبين من خلال المشاركة الواسعة في المؤتمر الوزاري، الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية في 15 يناير 2021 بدعوة من واشنطن والرباط.
وتشكل هذه الاعترافات ضربة قاصمة للنظام العسكري الجزائري الداعم لجبهة البوليساريو الانفصالية، حيث تزيد من عزلتهما على الصعيد الدولي، بينما تشير الى وجاهة المقترح المغربي الرامي الى تمكين الأقاليم الجنوبية من حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية.
كما تعزز هذه الاعترافات من مكانة وموقع الدبلوماسية المغربية، حيث تمكنت من إدارة النزاع المفتعل في إطار احترام قواعد القانون الدولي مع التحلي بضبط النفس إزاء الجرائم والانتهاكات المتكررة للبوليساريو لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة.