قال محمد أحداف، أستاذ العلوم الجنائية بكلية الحقوق بمكناس، أن المغرب طور استراتيجية أمنية مبنية بالأساس على ضرورة القيام بالعمل الاستباقي وتفكيك الخلايا الإرهابية قبل المرور إلى ارتكاب العنف. وأكد في حوار مع جريدتي "الوطن الآن" و"أنفاس بريس"، أن الأجهزة الأمنية المغربية أظهرت كفاءة منقطعة النظير على هذا المستوى في ما يتعلق بتفكيك الخلايا الإرهابية، وهو ما مكنه من تبوؤ مكانة مرموقة ومركزية دوليا، في إطار مواجهة هذه الخلايا الإرهابية.
تم مؤخرا، تفكيك خلية إرهابية خطيرة ينتمي أفرادها لعدة مدن، ما هي قراءتك لهذه اليقظة الأمنية والتدخل الاستباقي للأجهزة الأمنية لمكافحة الإرهاب؟
أولا فيما يتعلق بطريقة مواجهة الأجهزة الأمنية للخلايا الإرهابية، يجب أن نذكر على أنه مهما بلغت درجة كفاءة الأجهزة الأمنية ومستوى التطور التقني والتكنولوجي للمعدات المستعملة في مواجهة ظاهرة الإرهاب وثقافة العنف والتطرف، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نجزم علميا على أنه يمكن أن نصل إلى الدرجة الصفر فيما يتعلق بتجفيف هذه الظاهرة واقتلاع جذورها. نؤمن كما تؤمن الأجهزة الأمنية ببلادنا وبباقي البلدان التي تواجه هذه التهديدات الإرهابية ـ تؤمن ـ على أن هناك حقيقتين يجب أن تؤخذا بعين الاعتبار: من جهة أولى أن مصادر تغذية ثقافة العنف والتطرف والإرهاب وتشجيع هذه الخلايا على القيام بأعمال إرهابية مستمرة وسوف تستمر، وهذه الحقيقة هي التي تجعل من الأجهزة الأمنية ومن ضمنها الأجهزة الأمنية الوطنية، على قناعة تامة بأنه علينا أن نظل يقظين وعلى أتم الاستعداد لمواجهة هذا الخطر الداهم.
أولا فيما يتعلق بطريقة مواجهة الأجهزة الأمنية للخلايا الإرهابية، يجب أن نذكر على أنه مهما بلغت درجة كفاءة الأجهزة الأمنية ومستوى التطور التقني والتكنولوجي للمعدات المستعملة في مواجهة ظاهرة الإرهاب وثقافة العنف والتطرف، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نجزم علميا على أنه يمكن أن نصل إلى الدرجة الصفر فيما يتعلق بتجفيف هذه الظاهرة واقتلاع جذورها. نؤمن كما تؤمن الأجهزة الأمنية ببلادنا وبباقي البلدان التي تواجه هذه التهديدات الإرهابية ـ تؤمن ـ على أن هناك حقيقتين يجب أن تؤخذا بعين الاعتبار: من جهة أولى أن مصادر تغذية ثقافة العنف والتطرف والإرهاب وتشجيع هذه الخلايا على القيام بأعمال إرهابية مستمرة وسوف تستمر، وهذه الحقيقة هي التي تجعل من الأجهزة الأمنية ومن ضمنها الأجهزة الأمنية الوطنية، على قناعة تامة بأنه علينا أن نظل يقظين وعلى أتم الاستعداد لمواجهة هذا الخطر الداهم.
إيماننا أو قناعتنا العلمية بأنه يستحيل استحالة مطلقة تجفيف منابع التطرف والعنف والإرهاب، يجعل من جهة الأجهزة الأمنية على يقظة دائمة ومستمرة، يعطي ميزة تنفرد بها بالأساس على الصعيد الدولي الأجهزة الأمنية الوطنية، لاسيما المكتب المركزي «بسيج» وهو العمل الاستباقي. كل دولة تقوم بصياغة سياسة ملائمة لواقعها، لمعطياتها الداخلية، والمغرب تفرّد في مواجهة الإرهاب على مدار سنوات طويلة.
المغرب طور استراتيجية أمنية مبنية بالأساس على ضرورة القيام بالعمل الاستباقي وتفكيك الخلايا الإرهابية قبل المرور إلى ارتكاب العنف. ـ في علم الإجرام نتحدث عن المرور إلى ارتكاب الجريمة ـ وهذا العمل الاستباقي تم تطويره، غداة الأحداث الإرهابية بالدار البيضاء بحيث بتنا مقتنعين، والأجهزة الوطنية أظهرت كفاءة منقطعة النظير على هذا المستوى في ما يتعلق بتفكيك الخلايا الإرهابية في إطار سياسة استباقية مبنية بالأساس على تداخل أجهزة أمنية متعددة، ومبنية بالأساس على ضمان طرق سيّارة لتبادل المعلومة الأمنية والاستخباراتية بين مختلف هذه الأجهزة، الأمر الذي يضمن مستوى عال من الكفاءة في ما يتعلق بالتنبؤ والتوقع لتواجد هذه الخلايا الإرهابية وضمان تفكيكها قبل المرور إلى ارتكاب هذه الأعمال الإرهابية. وهذا العمل الاستباقي أعطى نتائجه داخليا، إذا عدنا إلى خمسة أشهر الأخيرة من سنة 2024 سوف نلاحظ على أن المغرب، فكّك ما يزيد على خمس خلايا، ترتب عنها اعتقال 18 مشتبها فيهم متورطون في التخطيط والتحضير للأعمال الإرهابية.
من جهة ثانية، سوف يلاحظ بأن هذا العمل الاستباقي أعطى أكله أيضا دوليا، بحيث استطاع المغرب في إطار ديبلوماسية محاربة الإرهاب والتي مكنته من تبوؤ مكانة مرموقة ومركزية دوليا، في إطار مواجهة هذه الخلايا الإرهابية، ليس فقط فيما يتعلق باستقبال المؤتمرات الدولية مثل التحالف الدولي لمحاربة «دَاعِشْ» وترأس المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، بل أيضا في العلاقة الثنائية بين المغرب وعديد من الدول والتي أفضت إلى تفكيك خلايا كانت على أهبة ارتكاب أفعال إرهابية خطيرة، مثل تفكيك خلية الجندي الأمريكي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أبلغ عنه المغرب أمريكا، بأنه بصدد تحضير عمل إرهابي داخل إحدى الثكنات العسكرية، وأيضا فيما يتعلق بتفكيك خلايا إرهابية قبل المرور إلى ارتكاب الأفعال الإرهابية في ألمانيا وفرنسا، وفي السنة الأخيرة مع إسبانيا أكثر من خلية في عديد من المدن الإسبانية.
بطبيعة الحال، حينما نقول على أن المغرب وصل إلى مستوى غير مسبوق فيما يتعلق بالعمل الاستباقي، لأننا نوجد في سباق محموم بين الرغبة في تجنيب المواطنين والمؤسسات العمومية تبعات الأعمال الإرهابية، ومن جهة ثانية في مواجهة الخلايا الإرهابية التي تعتمد على التكتّم وعلى التستّر لإنجاح العمليات الإرهابية. معنى أن هناك معادلة صعبة، ولكن دائما كفة الميزان تميل إلى الأجهزة الأمنية المغربية التي أبانت وطنيا ودوليا على كفاءة غير مسبوقة، الأمر الذي جعل العديد من الدول في إطار الديبلوماسية الأمنية لبلادنا وتسويق صورة رائعة عن بلدنا فيما يتعلق بدورها في محاربة الإرهاب العالمي، في اللجوء إلى خدماته كما وقع في كأس العالم بقطر، وما يقع الآن في التعاون الأمني والاستخباراتي المغربي الفرنسي لتأمين تغطية الألعاب الأولمبية بباريس هذا الصيف.
دائما ما أقول على أن العمل الاستباقي للأجهزة الأمنية والاستخباراتية طبيعي لأنه يجب على المواطن/القارئ أن يفهم على أنه لمراقبة شخص واحد يلزم تجنيد أكثر من 24 شخص، لضمان تغطية ومراقبة مستمرة 24/24 ساعة، معناه أننا نخصص 24 شخص لمراقبة شخص واحد، لكي نعرف كيف تشتغل الأجهزة الأمنية، ما هي المجهودات والتضحيات البشرية التي تبذل من أجل أن ينعم هذا الوطن بالاستقرار.
المشكل الذي يظل شيئا ما صعبا ولكن هناك تقنيات للتعاطي معه، هو مشكلة الذئب المنفرد، ومشكلة الإرهابي المنفرد، لأن في قطع صلته مع الجهات التي تؤطره وتحدد له الأهداف، وما يجب أن يكون والتمويل، وقطع التواصل مع محيطه، تكون عملية مراقبته مراقبة صعبة، دون نسيان على أن ساحة المعركة بين الأجهزة الأمنية في إطار العمل الاستباقي والخلايا الإرهابية، هو الفضاء الأزرق، لأن ما يتعلق بالاستقطاب والتواصل وإعداد المنشورات وما إلى ذلك من أعمال تحضيرية كلها تتم في الفضاء الأزرق، الأمر الذي يؤكد على أن المعركة انتقلت من رصد المشتبه فيهم أو المتهمين من الواقع الحقيقي إلى الواقع الإفتراضي. الأمر الذي يزيد عملية المراقبة والعمل الاستباقي أكثر صعوبة. ولكن أيضا يجب أن نقّر بأن الأجهزة الأمنية المغربية اتخذت ما يلزم من تدابير، من أجل تكوين فرق تكنولوجية من مهندسين وتقنيين على مستوى عال من الكفاءة لمراقبة كل ما يروج داخل الفضاء الأزرق.
أظهر الجرد الذي قمنا به أن عدد الموقوفين في قضايا الإرهاب الذين ينحدرون من شريط الشمال (مرتيل، طنجة، تطوان) يمثل 38% من مجموع المتهمين بالمغرب، ما السبب الذي يجعل شريط الشمال أكثر إنتاجا للإرهابيين مقارنة مع باقي الترابي الوطني؟
المثير في خمسة أشهر الأخيرة، ليس فقط ما يتعلق بالإحصائيات ذات الصلة بهذه المدة، المنشورة ضمن عددكم هذا في أسبوعية «الوطن الآن»، ولكن ما يتعلق بالسنوات الأخيرة، كنا دائما ما نقوم برصد ملاحظة غريبة، وهو أن شريط مارتيل طنجة تطوان بالأخص، يضاف إليهم شريط الناظور مليلية وحتى سبتة، لأنه تم تفكيك خلايا بتنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية والأمنية الإسبانية، يطرح أكثر من سؤال: ما الذي يقع؟ ما الذي يميز شريط مارتيل طنجة تطوان لكي يستأثر بما يزيد على تقريبا نصف عدد الخلايا الإرهابية، ما بين 35 إلى 40 في المائة، من الخلايا التي يتم تفكيكها؟ ومن جهة ثانية عدد الموقوفين الآن إذا لاحظنا في خمسة أشهر من 18 معتقل سبعة معتقلين ينتمون إلى هذه المنطقة.
إذا عدنا إلى تقرير الخارجية الأمريكية الأخير، سوف نلاحظ على أن تقرير الخارجية الأمريكية يؤكد بما لا يدع مجالا للشكّ على أن إحدى الخصوصيات المميزة للسياسة المغربية الأمنية بالأساس المخصصة لمواجهة الإرهاب واجتثاث جذوره واقتلاع وتجفيف منابع التطرف وثقافة العنف الديني، أن السياسة المغربية ترتكز بالأساس على مبدئ التنمية الاقتصادية. معنى هذا، أن تقرير الخارجية الأمريكية يؤكد على أن المدخل الأساسي الذي تعتمده المقاربة المغربية لمواجهة الإرهاب مبني بالأساس على قناعة بأنه لكي ننجح في اقتلاع جذور الإرهاب الديني أو ثقافة العنف والإرهاب يمرّ بالضرورة عبر التنمية الاقتصادية، وهو أمر صحيح وقد أكده العاهل المغربي في خطاب الذكرى 48 للمسيرة الخضراء، حينما كان يتحدث عن الإرهاب في دول الساحل والصحراء الكبرى، حينما قال بأنه ليس بالتدخل العسكري يمكن أن نحارب الإرهاب، ولكن عن طريق مداخل مبنية بالأساس على التنمية الاقتصادية.
إذا عدنا إلى المغرب، سوف نلاحظ بأن منطقة طنجة حظيت بتنمية اقتصادية مذهلة، وغير مسبوقة على الصعيد الوطني، ولكن السؤال المطروح لماذا لا نجني ثمار هذه التنمية الاقتصادية في علاقتها بالإرهاب، ما الذي يجعل أن التنمية الاقتصادية تفشل في محاربة الإرهاب واقتلاع جذوره.
ولكن مع ذلك تبقى طنجة، هي الخزان الرئيسي لتغذية خطاب العنف والتطرف، بعد أن كانت عاصمة دولية لتغذية العالم بالفكر والأدب والتسامح؟
تاريخيا يمكن التأكيد على أن طنجة منذ بداية الثمانينات وتحديدا من سنة 1982، كانت دائما قطب الرحى في ما يتعلق بتغذية صفوف الإرهاب العالمي إن صح التعبير، ما هي الخصوصية التي تميز طنجة أو تطوان أو مارتيل لكي يمكن أن نصل إلى هذه القناعة؟ هذه القناعة التي تجعلنا نقول بأن هذه المنطقة تعتبر الخزّان الوطني لتغذية فلول الخلايا الإرهابية وطنيا ودوليا. يجب أولا أن نعرف بأن عددا كبيرا من المعتقلين المغاربة بالعراق وسوريا الآن، والذين آمنوا بالجهاد الدولي هناك، والجهاد الديني هناك، وانتقلوا بطريقة أو بأخرى للالتحاق بسوريا والعراق غالبيتهم من مناطق الشمال، الأمر الذي يطرح أسئلة على المتخصصين من أجل تقديم أجوبة مقنعة، ما الذي يقع بهذا الشريط شمال المملكة المغربية.
تاريخيا يمكن التأكيد على أن طنجة منذ بداية الثمانينات وتحديدا من سنة 1982، كانت دائما قطب الرحى في ما يتعلق بتغذية صفوف الإرهاب العالمي إن صح التعبير، ما هي الخصوصية التي تميز طنجة أو تطوان أو مارتيل لكي يمكن أن نصل إلى هذه القناعة؟ هذه القناعة التي تجعلنا نقول بأن هذه المنطقة تعتبر الخزّان الوطني لتغذية فلول الخلايا الإرهابية وطنيا ودوليا. يجب أولا أن نعرف بأن عددا كبيرا من المعتقلين المغاربة بالعراق وسوريا الآن، والذين آمنوا بالجهاد الدولي هناك، والجهاد الديني هناك، وانتقلوا بطريقة أو بأخرى للالتحاق بسوريا والعراق غالبيتهم من مناطق الشمال، الأمر الذي يطرح أسئلة على المتخصصين من أجل تقديم أجوبة مقنعة، ما الذي يقع بهذا الشريط شمال المملكة المغربية.
أعتقد، وهذه قراءة تحتاج إلى مزيد من التمحيص، وهنا لا بأس أن أذكر بأن المغرب ملزم بالأساس على إنشاء مرصد أو كلية علمية أو معهد عالي لتتبع ورصد والقيام بالدراسات من أجل تقديم أجوبة قد تكون مفيدة للعمل الأمني والاستخباراتي في مجال محاربة ظاهرة الإرهاب.
أقول على أن هناك ميزة تميز شمال المغرب، والذي يرتبط بهجرة مبكرة إلى أوربا وبالأساس إلى بلجيكا، إلى حد أن غالبية المتشبعين بثقافة العنف والتطرف الديني والإرهاب ببلجيكا معظمهم من أصول مغربية، وبلجيكا تعاني جدا من ظاهرة المغاربة المتطرفون هناك، وكلهم من هذه المنطقة الشمالية، أعتقد على أن قراءتي تنبني على فرضية تحتاج إلى مزيد من التمحيص والبحث والدراسة، وهو أن تمويل هذه الخلايا وتأطيرهم واستقطابهم للإنضمام إلى هذه الخلايا، كلها تتم إما من مغاربة مقيمون ببلجيكا وإنجلترا، إما من مغاربة ذهابا وإيابا بين المغرب، ظاهره في عطل باطنة استقطاب وتمويل، ويمكن أن يكون هذا مدخل لتقديم تفسير عن أسباب ارتفاع معدلات الخلايا المفككة بمنطقة الشمال بالمغرب، في علاقتها بما يقع للجالية المغربية في إنجلترا أو الجالية المغربية بالأساس ببلجيكا. هذه قراءة أو فرضية أعتقد يلزمها تمحيص ودراسة.
ما المطلوب في نظرك ليبقى المغرب على أهمية مواجهة الإرهاب والإرهابيين؟
المطلوب حكوميا على مستويات متعددة، أولا المطلوب من الحكومة في علاقتها بالأجهزة الأمنية هو رصد كل الإمكانات المادية، والإمكانات التكنولوجية الضرورية لضمان نجاعة تدخل رجال الأمن، وأيضا ضمان تأطير الكوادر الأمنية على أعلى مستوى. نحن نعلم أن هناك شراكة مع السلطة الفيدرالية الأمريكية، وهناك فرق تقوم بتداريب سنوية بأمريكا، ومطلوب أن نعمق هذه الشراكة أكثر مع دول أيضا تمتاز بالكفاءة الأمنية وأن نضمن مستوى عال من الكفاءة العلمية والتكنولوجية وكل الشروط الضرورية لكي يشتغل الجهاز الأمني للمزيد من النجاح فيما يتعلق بالعمل الاستباقي في حربنا ضد الخلايا الإرهابية.
المطلوب حكوميا على مستويات متعددة، أولا المطلوب من الحكومة في علاقتها بالأجهزة الأمنية هو رصد كل الإمكانات المادية، والإمكانات التكنولوجية الضرورية لضمان نجاعة تدخل رجال الأمن، وأيضا ضمان تأطير الكوادر الأمنية على أعلى مستوى. نحن نعلم أن هناك شراكة مع السلطة الفيدرالية الأمريكية، وهناك فرق تقوم بتداريب سنوية بأمريكا، ومطلوب أن نعمق هذه الشراكة أكثر مع دول أيضا تمتاز بالكفاءة الأمنية وأن نضمن مستوى عال من الكفاءة العلمية والتكنولوجية وكل الشروط الضرورية لكي يشتغل الجهاز الأمني للمزيد من النجاح فيما يتعلق بالعمل الاستباقي في حربنا ضد الخلايا الإرهابية.
والمطلوب أيضا من الحكومة هو أن تنزل خطاب الملك في 2009، الذي زفّ فيه إلى الشعب المغربي خبر إحداث معهد عال لدراسة الجريمة. لا يمكن للحكومة وللأجهزة الأمنية أن تعمق نجاحها أو أن يكون نجاحها ذا مستويات أعلى إلا إذا كان لدينا معهد عال يضم خبراء من القضاء والأكاديميين ورجال الأمن وأن يحضره خبراء من جميع دول العالم لإلقاء محاضرات للأجهزة الأمنية أو لكوادر وضباط الأجهزة الأمنية، مثل هذا المعهد العالي يسهر على إنتاج بحوث علمية ورصد الجريمة وتحليل السياسات وتحليل الإحصائيات من أجل أن تقدم إلى الأجهزة الأمنية والحكومية، لاستعمالها في إطار الحرب اليومية الاستباقية لتفكيك الخلايا الإرهابية.
ما هو مطلوب كشأن حزبي وبرلماني أيضا، أن يكون هناك دعم قوي للجهاز الأمني وتمكينه من كل الوسائل الضرورية للعمل ولكن أيضا يجب أن تقوم الأحزاب بتأطير المواطنين وأن تكون الأحزاب في مستوى المسؤوليات الوطنية من أجل توعية المواطن إعلاميا وحزبيا، وطنيا جهويا وإقليميا ومحليا، بمخاطر ثقافة العنف وتتبع الأفكار الساذجة التي تدفع البعض إلى الإنغماس دون معرفة العواقب في هذه الخلايا الإرهابية.
أيضا هناك المجالس العلمية والقيمين الدينين ودور وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فيما يتعلق بصلاة وخطب الجمعة لتوعية المواطنين، بالإضافة إلى القنوات الوطنية يجب أن تنخرط في هذا العمل من أجل إنجاح خطة وطنية متكاملة مبنية بالأساس على المدرسة وعلى المسجد وعلى الإدارة وعلى وسائل الإعلام وعلى الجهاز الأمني، لإنجاح الخطة الوطنية لتجفيف منابع التطرف والإرهاب وإنجاح العمل الاستباقي.
بطبيعة الحال، نحن ممتنون للجهاز الأمني بكل ما يقوم به، نحن سعداء بالنجاح الذي يحققه الجهاز الأمني، نحن واعون بالتحديات الكبيرة جدا لاسيما بعد عولمة الجريمة، والجريمة المنظمة والاتجار في البشر وعصابات تهريب المخدرات والاتجار في الأسلحة، كل هذا يلقي مزيدا من التحديات على الجهاز الأمني ويجب أن يقودنا إلى رفع منسوب الحذر والحيطة والعمل الاستباقي.