الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

فؤاد زويريق: الممثل.. ليس كل ما يلمع ذهبا

فؤاد زويريق: الممثل.. ليس كل ما يلمع ذهبا فؤاد زويريق
أنا شخصيا لست ضد اشتغال الممثل المغربي في أي عمل سواء كان هذا العمل فاشلا أو ناجحا، ولست ضد اشتغاله في السيتكومات التافهة، لأنه في الأخير ليس مسؤولا عن نجاح العمل من عدمه، وخصوصا الممثل الذي لا مدخول له سوى من مجال التمثيل.
 أعرف جيدا ظروف عمل الممثلين المغاربة، فلدي تواصل مع الكثير منهم وبعضهم أصدقائي، ويحكون لي عن الصعوبات التي يواجهونها أثناء التصوير، منهم من لا يعرف طبيعة دوره إلا وهو في موقع التصوير وقد يطلب منه الإرتجال، ومنهم من لا يطلع على السيناريو ولا يعرف محتوى العمل أصلا، ومنهم من يصور مشاهد وهو لا يعرف الى أي جنس فني تنتمي، أما مواقع التصوير فبعضها مأساة  فقد تشتغل اليوم كله دون أكل وفي ظروف سيئة، وإذا حصل لك شيء ما لا قدر الله حادثة أو إصابة ''مشات على عينيك ضبابة''، بالإضافة إلى الإهانات والحكرة، صحيح هناك أسماء محظوظة لها امتيازات ويُطبطب عليها لكنها قليلة وتنتمي إلى لوبي معين، أو شلة لها نفوذها، أو مُوصى عليها من جهة ما، لكن في الأغلب الأعم ليس كل ما يلمع ذهبا، فالممثل المغربي مقهور، صحيح أنه هو من يحظى بالشهرة والشعبية، لكن في الأخير يبقى واجهة تخفي خلفها الكثير من المعاناة والآلام، ومهما كانت قيمة هذا الممثل أو ذاك فهو مجرد منتوج يباع ويشترى من طرف السماسرة والوسطاء من أجل جيوب تجار كبار لا يعرفهم الجمهور العادي،  لذلك لا ألوم الممثل بقدرما ألوم المنظومة ككل التي تستحق الهدم من أجل البناء على أسس سوية ومتينة. لكن بالمقابل على هذا الممثل كيفما كان ألا يحتقر الجمهور المغربي ويزين القُبح كي يتقرب من منتج ما أو مخرج، فحتى إن شارك في توافه الأعمال عليه إما أن يعتذر للجمهور إذا أدرك هذا ولو متأخرا، أو يصمت وهذا أضعف الإيمان، وهذا ما نجده عند الأغلبية التي ترضى بالمقسوم وتصمت -وهذا حقها- ولا تدخل في صراع مع المتلقي بدفاعها عن أعمال رديئة وتافهة، أو ترمي بتصريحات بليدة غير مدروسة، ومن يفعل غير ذلك ويتجرأ على الجمهور فهو غبي وجاهل، فسخط الجمهور عليه يعني نهايته حتى لو كانت جدته في العرس.
 المجال الفني  في بلادنا للأسف الشديد -وأتكلم هنا عن المجال التلفزي بالخصوص- لن أقول فاسدا بل ''خُبزيا'' وبعيد كل البعد عن الإبداع الحقيقي. ويتكون من طبقات اجتماعية خاصة به ولكل طبقة امتيازاتها الاعتبارية والمالية تتحدد حسب وزن الشلة، وتشعب العلاقات، ومدى الرضا الذي تحظى به.