استفادت الأحزاب من دعم الدولة بمبالغ تقدر بمئات الملايين من الدراهم بمناسبة الانتخابات البرلمانية والجماعات الترابية وانتخابات مجلس المستشارين، وأيضاً استفادت من مئات الملايين من الدراهم لدعم الأبحاث والدراسات والتكوين. ولم تقم بإرجاع الأموال التي قامت بصرفها لكن دون تبرير تلك المصاريف؟
فمتى تتحرك رئاسة النيابة العامة من أجل متابعة المسؤولين بالأحزاب التي استفادت من دعم الدولة؟؟
لقد كشف المجلس الأعلى للحسابات عن الأحزاب التي لم تبرر تلك المصاريف من حيث المبالغ والمجالات ووسائل إثبات الصرف، وهو ما جعل هذه الأحزاب تخرق الميثاق الوطني المتعلق بدعم الأحزاب السياسية في بلادنا سواء، في الانتخابات أو الأنشطة الحزبية التي تتجلى في تنظيم وعقد المؤتمرات الوطنية أو الندوات التكوينية .
وإنه في غياب أية محاسبة بفعل تعثر رئاسة النيابة في اتخاذ قرار المتابعة في إطار الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة و تخليق الحياة العامة وعدم الإفلات من العقاب، وفي غياب تطبيق القانون في حق الأحزاب التي ثبت حقها خرق القوانين المتعلقة بالدعم من طرف وزارة الداخلية لإرجاع الأمور إلى نصابها فإن الأمور ستزداد سوءا، وسيفقد المجتمع المغربي الثقة في المؤسسات الدستورية التشريعية والتنفيذية والقضائية، أي انتصار الفساد السياسي لفائدة الريع السياسي، لتصبح الأحزاب المعنية مجالا للإثراء غير المشروع والتشريع للفساد ونهب المال العام وعرقلة أي تحول ديمقراطي منشود ، لأنه ليس في صالحها.
وإن الجميع يترقب النتائج التي سوف تسفر عنها التحقيقات عن مصير المئات الملايين من الدراهم التي لم يتم ارجاعها للخزينة العامة بعد أن ثبت أنها لم تصرف في المجالات المخصصة لها، وبعد أن ثبت عدم وجود مبررات صرفها وكذلك بعد أن كشف المجلس الأعلى للحسابات بوجود اختلالات مبدئية وقانونية شابت الدعم المخصص للبحث والدراسات والتكوين.
إن السكوت عن المخلفات التي تم الوقوف عليها من طرف المجلس الأعلى للحسابات، كمؤسسة دستورية لها مصداقيتها في مراقبة المال العام بالنسبة لجميع المؤسسات العمومية والهيئات السياسية والنقابية والقطاعات العمومية وشبه العمومية والجماعات الترابية، وكشف الاختلالات التي تشوب صرف الاعتمادات المالية المتعلقة بالدعم، فإن السكوت عن الاختلالات والتجاوزات التي يتم رصدها من طرف هذه المؤسسة دون تفعيل الآلية القانونية، تجعل الدولة المغربية ترتكب أخطاء جسيمة في حق المجتمع المغربي، وأنها بذلك تركب قوارب المخاطر..