أزلي هو الحديث عن هاجس القبيلة لدى مجتمعاتنا الأمازيغية خاصة وغيرها عامة، بمنطق التعصب للإنتماء والدفاع عن " الهوية القبلية " لهجةً؛ طقوساً ومجالاً ...، كما من الطبيعي، ومن خلال التحديد الأنثروبولوجي أن تتميز كل قبيلة عن أخرى حضارياً؛ إثنوغرافياً؛ فيزيونومياً ...، إلا أن ربط الإمتداد القبلي بمجموعة من الجوانب (التاريخية؛ الثقافية؛ التجارية ...)، جعل من القبائل الأمازيغية، بما فيها قبائل الجنوب الشرقي (أيت عطا؛ أيت يافلمان؛ أيت تدغت ... )، أن تحارب بعضها البعض أحياناً، وتصالحه أحياناً أخرى، لظروف استعمارية / موضوعية، تحكمها ثنائية الجنرال ليوطي " فرق تسود "، قصد أطماع سياسية واقتصادية متعددة، وأمام ظروف داخلية / ذاتية ترتبط أساساً بالتعصب للعرق والرغبة في فرض سيطرته نسقاً ونموذجاً، أمام نظيره من الأنساق القبلية الأخرى، في سبيل التوسع والتحكم في المجال والقرار عبر زعماء وقادة ( إمغارن؛ الشيوخ؛ إجماعن؛ إد باب ن أمور ...) .
إن وحشية التاريخ الأسود ودكتاتورية المكتسب السلبي " ثقافة العنصرية المتوارثة "، إلى جانب الأنانية الطبيعية - بعين هوبز - المؤمنة بأن " الإنسان ذئب لأخيه الإنسان " ، لتزال هي المتحكمة في أنساقنا الفكرية وممارساتنا اليومية ( اجتماعياً؛ اقتصادياً وبالأحرى سياسياً )، الأمر الذي يقود وعياً / بغير وعي، سفننا وقوافلنا المعرفية نحو وجهات غير سليمة ومسدودة النفق، باستحضارنا وتبنينا الأجوف ل " قناع القبيلة "؛ قبيلتي ومن بعدي الطوفان ...، تحت لواء تلك النظرة الإنقسامية التقزيمية الضيقة، التي تسربت سمومها لهياكل الإطارات والتنظيمات السياسية؛ الحقوقية والثقافية ...، لتنخر جوهر قضاياها الكبرى وتشرذم أضلعها وتشتت أغصانها، بمنطق الإنتهازية والوصولية المفرطة، والرغبة في القيادة والزعامة المشحفة، أو التهافت نحو اكتساب الشرعية المفقودة ...
يبدو من خلال هذا الإستقراء النسبي والمتواضع للظاهرة، أن من بين آليات التفكير في توجيه وتقويم مسارنا التاريخي والسياسي العريقين بالجنوب الشرقي، ضرورة تقوية الإنتماء الهوياتي الجماعي أمام التعصب الفردي / الإنعزالي، إلى جانب التحرر من حبال التاريخ السلبي والمدمر، إضافة إلى بناء فكر عقلاني؛ حداثي ومنفتح ...، في سبيل تنمية حقيقية وشاملة لجنوبنا الشرقي إنساناً ومجالاً .