الأحد 24 نوفمبر 2024
منوعات

موسم الزهر بمراكش.. العنصر التراثي الذي تتعاهد عليه الأسر المراكشية كل ربيع  

موسم الزهر بمراكش.. العنصر التراثي الذي تتعاهد عليه الأسر المراكشية كل ربيع   موسم تقطير الزهر.. فن متوارث في بيوت مراكش
بعدما استنبطت جمعية منية مراكش مراسم تقطير ماء الزهر أو زهرية مراكش ومارست مراسمها وتبنتها مؤسسات ثقافية أخرى بالمدينة، اقترحتها لكي تسجل في قائمة التراث الثقافي الوطني المغربي في شهر يوليوز 2022 ولدى منظمة الإسيسكو كتراث ثقافي للعالم الإسلامي، تعود (الجمعية) لتنظيم موسم الزهر في دورته الحادية عشر مابين 11 و21 مارس 2023.
 
موسم الزهر بمراكش، هو حاضرة لتقطير ماء الزهر بالمغرب الكبير. حيث يعد تقطار الزهر عبارة عن مجموع مراسم تقطير ماء الزهر اقتبالا لفصل الربيع في الأوساط الأسرية لأهل مراكش. وهي طقوس حضارية رائقة نسوية بالأصالة قديمة العهد ضاربة في التاريخ الحضري للمدينة. تتعاهدها الأم ربة البيت وتلقنها لبنتها بعدما أخذتها عن الجدة. تُقبل نساء مراكش على عملية التقطير سواء في المنازل أو في التعاونيات أو بمبادرة من الجمعيات التراثية أو في الهيئات الثقافية المتحفية أو ذات الصلة بالصناعات الثقافية، إبانَ ظهور زهر النارنج في شهر مارس على الأشجار. وقد يدوم حضور الزهر في المدينة لمدة أربعة أسابيع تقريبا أو يزيد ويظهر في أًوجه مع حلول فصل الربيع يوم 21 مارس.
ويقتنى زهر الزنبوع (النارنج) عادة من سوق العطارين العتيق بمراكش بعد أن يقطفه الغراسون من البساتين.
وتحمل ربات البيوت في الأسر المراكشية على وجه الخصوص هذا العنصر التراثي وتتعاهدنه ويتجلى دورهن الرئيس في صون هذا الموروث الحضاري ونقله عبر الأجيال. تقطار الزهر يقتضي إلماما كبيرا بفن العيش المغربي ونقل المهارات المتوارثة.
ويهتم اليوم بهذا العنصر إضافة إلى الوسط النسوي الذي تعاهده وحافظ عليه لمدة قرون أوساط طارئة حديثة من جامعيين وخبراء وباحثين وصيادلة وعطوريين وحبائقيين وتجار. وقامت جمعية منية مراكش بتوسيع دائرة المهتمين به ولفت انتباه مسؤولي المدينة وهيئات المجتمع المدني وذلك بابتكار هندسة ثقافية مجددة أدرجت فيها العنصر العلمي والحرفي والأدبي والموسيقي والشعبي. وقد عملت منذ أكثر من عقد من الزمن على ترسيم زهرية مراكش كتراث حي ليصبح موسما سنويا قارًا تحتفل به المدينة ويضمن لها مقامة ثقافية جديدة تسهم في إشعاعها الحضاري والاقتصادي.
مراسم التقطير مناسبة حضارية إنسانية تتوفر على قدرات هائلة لإعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية بين الناس داخل الأسر وفي المجتمع وبين أهل المدينة وتعزز الشعور بالإنتماء القومي.
تُخرج المراكشيات قطاراتهن والقطارة (الإنبيق) هي آنية التقطير من رفوف بيت الخزين كل فصل ربيع وتستعد لبعث سويعات جميلة وقت التقطير وجمع الشمل وبث البهجة والغبطة والسرور في نفوس الأسرة الصغيرة والكبيرة. 
زهرية مراكش تحافظ على ذاكرة ثقافية عريقة السؤدد وقديمة جدا قطعت العصور، تصلنا بجماليتها ورونقها ومزاياها الروحية والاجتماعية والصحية والاقتصادية بكل ما هو جميل ويستأهل عناية قصوى ورعاية مرغوب فيها ومطلوبة ومحمودة.
أما الشركاء المحتفون بزهرية مراكش، فهم جمعية منية مراكش، دار الشريفة، قصور أكفاي، مركز نجوم جامع الفناء-دار البوكيلي، متحف فريد بالكاهية، متحف العطور، رياض دونيز ماصون، رياض حدائق المدينة، المؤسسات التعليمية ثانوية الزرقطوني، إعدادية طه حسين، مؤسسة الربيع للتعليم، مقهى القصور، عرصة مولاي عبد السلام.