الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لبكر: وداعا "الباطرون"... سيدي عبد الرحيم التونسي... الفنان البسيط...

رشيد لبكر: وداعا "الباطرون"... سيدي عبد الرحيم التونسي... الفنان البسيط... رشيد لبكر
 العفوي... المرح... الفنان الذي لا يتعبك فيما يبدعه ولايجرك إلي النبش في أشياء أخرى غير الضحك... فنان تلقائي جدا، استطاع ببساطته تأسيس مدرسة متفردة في البسط والفكاهة لم يقلد فيها أحدا... هي مدرسة عبد الرؤوف الخاصة بتعبيراتها وقفشاتها وملابسها بل وحتي بمادتها وموضوعاتها...مدرسة طبعت ببساطتها أجيال السبعينات والثمانينات والتسعينات قبل ان تقفل أبوابها لانها لم ولن تجد بديلا بنفس مواهب عبد الرؤوف كي يطورها ويضمن بقاءها واستمرارها...أعماله كانت تعبر عن هموم حياة البسطاء من عامة الشعب " صاحب المطعم ومول لكراء ولمعلم النجار ومول الحانوت..." وغالبا ما كان يبني تناوله لها ضمن ثنائية "المتعلم" ويمثله عبد الرؤوف، وهو المواطن الطيب المقهور، الذي يناضل من اجل كسرة خبز حاف ولكن دون التمرد على تربيته او التنكر لأنسانينته، وحتى وإن قدم ساذجا، فللسذاجة هنا توظيف آخر عند سي التونسي، اذ غالبا ما كان يقدم شخصية عبد الرؤوف، بأنه شخص حريص علي مصلحة الناس وتيبقاو فيه  أولاد الشعب ولو بدا مغلوبا على أمره، اذ وراء سذاجة الفتى الأبله، تكمن شخصية أخرى، مشاكسة، ماكرة من أجل الخير، مناضلة  ضد "الباطرون" المتغطرس الاستغلالي الجشع في جمع الأموال والضارب عرض الخائط من أجلها كل الاعراف والقيم والقوانين  ... قد تبدو هذه المقابلة الثنائية بسيطة، (وربما هي سطحية  لذا بعض البعض الذي يري  كل شيء  سطحي) ولكنها - في اعتقادي- كانت مقصودة بذاتها ومخطط لها من قبل سي عبد الرحيم لحمل رسائله والتعبير عن وجهة نظره بهذه الرمزيات المتعددة التي وظفها...لذلك، أرى ان سي عبد الرحيم التونسي، فنان شعبي بكل ما تحمله هذه الصفة من حمولة، قدم بعفوية قل نظيرها، واقعا اجتماعيا عشناه وعاشه آباؤنا، في صورته الحقيقية، دون تنميط أو تنميق او تعقيد، ولا شك ان  أعماله  ستظل موثقة لهذا الواقع و شاهدة على مرور موقف لصاحبها من هنا.. واقع بصم عليه سي عبد الرحيم بما توفرت له من وسائل ووجد من إمكانات وبدون أي توظيف سمج للعهر أو للغة الشوارع...
رحمك الله سي عبد الرحيم وعوضك دارا خيرا من دارك واسكنك فسيح الجنان.. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون..