Monday 12 May 2025
كتاب الرأي

إدريس قصوري: قصة الانفصال المتحور ذاتيا.. الجزائر نموذجا

إدريس قصوري: قصة الانفصال المتحور ذاتيا.. الجزائر نموذجا إدريس قصوري
وحدها الجزائر لم تفهم أن الانفصال لم تعد له مكانة في منظومة مفاهيم العلاقات الدولية. ففي الوقت الذي  حل فيه حزب العمال الكردستاني نفسه ووضع سلاحه وتوجهت فيه كل الحركات إلى الاندماج بما في ذلك تعبير محتجزي تندوف عن إرادة العودة بهروبهم من جحيم المخيمات التي باتت تنفجر أحداثها بشكل متسارع، وصفت الجزائر اليوم التنظيم الاداري بمنطق "بروناي" الفرنسية بالاحتلال ودعتها إلى الانفصال متناسية أنها هي نفسها محكومة من أتباع ضباط فرنسا والحركيين خونة الشعب الجزائري قديما وحديثا.

ولعل إصرار نظام العسكر، إلى اليوم ،على عدم المراجعة وعدم التكيف كدولة مع تحولات النظام العالمي قديمه وجديده هو ما جعلها خا ج حسابات الدول وخاصة روسيا حليفها العسكري التقليدي  الأول.حيث،تم رفضها،أمس،  بالبريكس لكونها غير ذات سمعة كما جاء على لسان لافروف وزير الخارجية الروسي؛ وحيث، تم تغييبها، هذه السنة،وهذا الشهر، عن الإحتفالات الكبرى لروسيا  في مقابل حضور قادة أفارقة وخاصة دول منطقة الساحل التي تعاديهم  الجزائرجميعا.ذلك،أن المتابع للشان الجزائري يستنتج أن نظام العسكر تحول،اليوم، من نظام يدعم الانفصال ويوظفه إلى نظام منفصل: فصل ذاته عن محيطه الإقليمي والعربي  بسبب التوترات والتشابك العسكري والحروب النفسية والسياسية والاقتصادية والاعلامية مع جيرانه وفي بيئته المباشرة من ليبيا إلى مالي والنيجر وبوركينافاصو و موريتانيا والمغرب  ودولة الامارات وعن محيطه الدولي وخاصة أصدقائه وحماته التقليديين من فرنسا وإسبانيا  بسبب المشاكل التي تزداد تعقيدا معهم، يوما بعد يوم، بالإضافة إلى تخلص روسيا من الوسخ الجزائري وفتح علاقاتها مع دول المنطقة حيث، استبدلت عجزة النظام العجوز المتآكل بدول قادة جدد بعقليات جديدة ومجددة.

وهكذا، تحولت الجزائر من نظام يوظف الانفصال إلى كيان منفصل ومعزول، فلم يستطع استكمال مقومات اكتساب هوية الدولة كبنية وكهيكل وكمؤسسات وتفاعلات علائقية دولية.فخيار هوية المقاومة التي لم تكتمل ولم تنضج في أي يوم من الأيام  نظرا للشك التاريخي الذي طوق رموزها وبنياتها وومسخ أحداثها  بالقتل والتقتيل والإغتيالات والتصفيات الذاتية وفشل الاقتصاد والسياسة وكل مشاريع التنمية والعلاقات لجغرافية نفطية ،فظهرت حقيقتها، اليوم، في عدم  قدرتها على الإستمرار لتبني نموذجا تحرريا حقيقيا ناضجا ومسؤولا ومساهما ينتزع اعتراف شعبها أولا واعترف العالم، فتجمدت وتخندقت نظاما منفصلا مرفوضا بلا مصداقية وبلا حليف ولا صديق.إذ،تفرق عنه الجميع وأخذ كل وجهته التي ارتضاها لنفسه وظل هو ماسكا بكيان وهمي انفصالي حتى تطبع نظام العسكر بهويته ووهمه وأصبح منفصلا بشكل ذاتي. فانقلب السحر على الساحر. 
 
 إدريس قصوري/ محلل سياسي