الجمعة 19 إبريل 2024
اقتصاد

عبد الصمد ملاوي: هذه تفاصيل أول قانون يسمح بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية

عبد الصمد ملاوي: هذه تفاصيل أول قانون يسمح بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية عبد الصمد ملاوي
صادق مؤخرا مجلس النواب على مشروع قانون رقم 82.21 المتعلق  بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية، الذي يتضمن لأول مرة الحق في الولوج لخدمات تخزين الطاقة الكهربائية وحق بيع الفائض لمسيري الشبكات وتوسيع مجال الولوج للشبكة الكهربائية الوطنية لنقل الكهرباء. ولتسليط الضوء على مزايا و مضامين هذا القانون، أجرت "أنفاس بريس" مع د.عبد الصمد ملاوي، أستاذ جامعي وخبير دولي في تكنولوجيا الطاقات المتجددة، الحوار التالي: 

ما تعليقك على مضامين مشروع قانون 82.21 المتعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية؟
يأتي هذا النص التشريعي موازاة مع الاستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية في أفق  2030 التي سطرها المغرب والتي تستهدف مجموعة من القطاعات الحيوية الأكثر استهلاكا للطاقة، وهي مجال النقل الذي يستهلك حوالي 38 في المائة من الطاقة الإجمالية المستهلكة ببلادنا، وكذلك قطاع البناء الذي يستهلك 33 في المائة، يليه قطاع الصناعة الذي يستهلك 21 في المائة، بالإضافة إلى قطاعي الفلاحة والإنارة العمومية التي تستهلك 8 في المائة. وستمكن هذه الاستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية في أفق 2030 من اقتصاد حوالي 20 في المائة من الاستهلاك الطاقي الإجمالي الوطني. 
ويأتي هذا النص التشريعي في إطار تعزيز الاستراتيجية الوطنية الطاقية، وتطويرها لتتناسب مع الرهانات المستقبلية للمملكة وكذلك من أجل مواجهة التحديات التي يعرفها المجال الطاقي الوطني، وتماشيا مع الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة التي يهدف المغرب من خلالها إلى إنتاج كهرباء خضراء من مصادر طاقية بحوالي 52 في المائة  في أفق 2030. ويأتي كذلك في إطار التعهدات التي التزم بها المغرب في قضايا المناخ ، إذ تعهد بخفض انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى 45.5 في المائة في أفق 2030 إلى أن يصل إلى الحياد الكربوني في أفق 2050، وهو الشيء الذي عرفناه مع مجموعة من الإجراءات التي تم اتخاذها على مستوى القوانين الجاري بها العمل في الاتحاد الأوروبي من خلال سن الضرائب على المنتوجات التي تصنع عبر طاقات غير خضراء.
كما أن هذا القانون يروم إلى خفض التكلفة الطاقية الوطنية سواء على مستوى الفرد أو على مستوى الدولة لأنه كما يعرف الجميع نستورد أكثر من 86 في المائة من حاجياتنا الطاقية من الخارج.
وتتميز الوضعية السابقة للقوانين والتشريعات الوطنية لإنتاج الكهرباء بشكل ذاتي بفراغ قانوني وأحيانا بتدخلات في مجال عمل عدة مؤسسات معنية بتدبير الشأن الطاقي الوطني، على الخصوص تدبير الكهرباء الوطني. لاحظنا كذلك أن عدة منشآت تنتج الكهرباء بشكل ذاتي دون تأطير قانوني وهو ما ينعكس على جاذبية القطاع وانخراطه في الاقتصاد الوطني سواء من خلال جذب مجموعة من الكفاءات التي تشتغل في الميدان أو للاستفادة من هذه الطاقة المنتجة من هذه المنشآت.
وهناك كذلك إشكالية وصعوبة استعمال الشبكة الكهربائية الوطنية التي يتحكم بها المسير المعروف وهو المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، يعني أي إنتاج للكهرباء وضخها في هذه الشبكة يتطلب الملاءمة للقوانين المنظمة للشبكة الوطنية وهذا كان من بين الأسباب التي تحد من الانخراط الطاقي الذاتي في الضخ المباشر في الشبكة الكهربائية الوطنية، إلى جانب إشكالية القدرة الكهربائية المسموح بها في الإنتاج الكهربائي الذاتي الوطني التي كانت في حدود 10 في المائة.
 
مامدى انعكاس هذا القانون على خفض كلفة إنتاج الكهرباء وخفض الفاتورة الطاقية؟
الآن بفضل هذا النص التشريعي أصبح المواطن المغربي سواء كان شخص ذاتي أو اعتباري أو شركة أو مؤسسة خاضعة للقانون المغربي بإمكانه إنتاج الكهرباء بشكل ذاتي، وأصبح مسموح له ببيع نسبة فائض إنتاج تصلى إلى 20 في المائة لصالح مسير الشبكة الوطنية التي كانت إلى حدود 10 في المائة. ويطمح العديد من الفاعلين المؤسساتيين سواء البرلمان أوبعض المؤسسات الوطنية التي تشتغل في القطاع إلى زيادة هذه النسبة مستقبلا إلى 30 في المائة، ليكون الإنتاج الذاتي الوطني الكهربائي فاعلا في تأهيل البرنامج الوطني الطاقي سواء من خلال توفير مجموعة من الخدمات والكهرباء بأسعار تفضيلية للمواطن المغربي وكذلك جذب العديد من الكفاءات والمواطنين المغاربة ليشتغلون في هذا الإطار.
لابد من التذكير بأن هذا النص التشريعي يوافق مجموعة من التدابير التي تم اتخاذها أو التنبيه لها على المستوى الوطني أو المستوى الدولي، فعلى المستوى الوطنية هناك الاستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية ، والتي تتمحور حول مجموعة من المحاور أهمها احترام المشاريع الاستثمارية الحديدة بمبادئ النجاعة الطاقية، كذلك إلزامية الناجعة الطاقية على مستوى النفقات العمومية والبرامج المستفيدة من دعم الدولة وكذلك هيكلة تطوير المهن المتعلقة بالنجاعة الطاقية وجعل النجاعة الطاقية في صلب اهتمام المهنيين والفاعلين السياسيين والمواطنين.
 
ماذا عن انخراط المغرب في المعايير الدولية لخفض استعمال الكربون أو الحياد الكربوني؟
*ذا النص التشريعي مرتبط بالتوجهات الدولية في هذا المجال، وقد أكد مؤخرا الأمين العام للأمم المتحدة أن هناك 4 مؤشرات لتغير المناخ التي تدعو بشكل مقلق إلى ضرورة الانتقال الطاقي أو ضرورة استعمال الطاقات المتجددة من إنتاج الكهرباء وتشجيعها مع سن مجموعة من القوانين على المستوى الدولي. 
لهذا توصي الأمم المتحدة بخمس إجراءات سريعة وضرورية من أجل الانتقال الطاقي من مصادر متجددة، أولا جعل  تكنولوجيا الطاقات المتجددة منفعة عامة عالمية متاحة لجميع الأفراد والمؤسسات والدول السائرة في طريق النمو والدول الفقيرة. وإلى إتاحة نقل التكنولوجيا دون قيود الملكية الفكرية أو الضرائب اللازمة للاستثمار.
ودعت الأمم المتحدة إلى تأمين الوصول إلى المواد الخام والمكونات لتصنيع تكنولوجيا التي تنتج الطاقة الخضراء، والتعاون بين المؤسسات والدول في هذا القطاع ، إلى جانب تحويل الدعم المخصص للوقود الأحفوري إلى الطاقات المتجددة التي تحترم البيئة وبزيادة تشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة ثلاث مرات في أفق 2050 من أجل الحياد الكربوني.