السبت 20 إبريل 2024
فن وثقافة

تتويج مساري بتنشيط عروض التبوريدة بمعرض الفرس الدولي وسام شرف وطني

تتويج مساري بتنشيط عروض التبوريدة بمعرض الفرس الدولي وسام شرف وطني الزميل أحمد فردوس ومحمد لحمر
تلقيت العديد من المكالمات الهاتفية والرسائل النصية من مختلف الأصدقاء والزملاء العاملين في الحقل الإعلامي والصحفي والفاعلين في الحقل الجمعوي المرتبط بالثقافة والتراث، وكان قاسم هذه الاتصالات يصب في خانة التنويه بنجاحي في التعاطي مع تنشيط فعاليات عروض التبوريدة بمعرض الفرس الدولي للجديدة حيث اعتبر البعض منهم أنني أسست لتجربة إعلامية الأولى من نوعها تتعلق بتغطية حقل فن التبوريدة بالصورة والصوت. 
 
أصدقكم القول يا معشر عشاق فن التبوريدة وحراس التراث الثقافي والتراثي المغربي، أنه رغم أنني خبرت ميدان سنابك الخيل والبارود في أغلب المواسم والمهرجانات الوطنية على طول رقعة الوطن، وأعرف أغلب مقاديم (عَلَّامَةْ) السَّرْبَاتْ، وأتواصل مع جل الفرسان، بل تربطني معهم صداقات أخوية قاسمها المشترك التقدير والاحترام، وتمتد صداقاتنا الودية على طول مسافة زمنية تقدر بأكثر من 22 سنة...رغم ذلك فقد أحسست بشيء من الإرتباك والإنفعال إزاء حجم المسؤولية التي أنيطت بي من طرف جمعية معرض الفرس التي يترأسها الشريف مولاي عبد الله العلوي، إلى جانب أطر وإطارات يشهد لهم ولهن بالكفاءة في تدبير وتسيير وتأطير حدث معرض الفرس الدولي. 
 
حين أنيطت بي مهمة تنشيط فعاليات الجائزة الكبرى للملك محمد السادس لفن التبوريدة (النسخة الخامسة) بمعرض الفرس الدولي للجديدة في دورته الثالثة عشر والتي امتدت أيامها من 18 إلى 23 أكتوبر 2022، رفقة الزميل الأستاذ محمد لحمر أيقونة صحافة العالم الرياضي سابقا، أحسست بحجم وتقل المسؤولية الملقاة على عاتقي أمام جمهور متنوع عاشق للتراث ومتعطش للمعلومة ذات الصلة بسنابك الخيل وبارود الفرح، خصوصا أن المكان والزمان يشكلان حدثا دوليا يستقطب آلاف السياح الأجانب والمهتمين والمراقبين، بالإضافة إلى أنه يعكس حضارتنا المغربية وهويتنا المتجذرة منذ قرون في تربة الوطن.

هل سأنجح في هذه المهمة الوطنية؟
هكذا سألت نفسي، وقلت بصوت مسموع: هل من السهل أن أحمل الميكرفون بجانب الإعلامي المخضرم الأستاذ محمد لحمر الذي خبر ميدان الصحافة الرياضية المرئية والمسموعة، وهو الذي كان يوزع المعلومة على المتلقي ويحلل ويصف الحدث الرياضي من داخل استوديو التلفزيون المغربي، وهو الرجل المحبوب الذي اعتاد أن يلج لكل بيوت المغاربة بحب وعشق...هل سأنجز مهمتي على الوجه الأكمل؟.

لقد كانت تجربة التنشيط الثقافي والتراثي أمام الجمهور المغربي والأجنبي الغفير بالموازاة مع النقل المباشر بمنصات مواقع التواصل الاجتماعي لأنشطة وفعاليات معرض الفرس الدولي على مستوى عروض التبوريدة بجانب الأستاذ محمد لحمر، كانت فعلا تجربة جد متميزة، خلال منافسات الجائزة الكبرى للملك محمد السادس، حيث اكتشفت في الرجل خصلة الكرم والسخاء والطيبوبة والتعاون والتواصل الإنساني دون تصنع أو تكلف.
 
نعم، اكتشفت في الرجل شخصية الصحفي البشوش، الذي لا تفارقه الابتسامة، الإنسان المشبع بخصال وقيم الإلتزام والانضباط في الزمان والمكان، لأنه ببساطة إعلامي يعرف معنى احترام وتقديس الزمن في حضرة العمل الجاد والمسؤول أمام المتلقي/ الجمهور. 
 
تقسيم عملنا خلال التنشيط الثقافي والتراثي وضبط توقيته وزمن تدخلاتنا المحسوبة بدقة المعلومة التي أود أن اوصلها للجمهور المتنوع والغفير، لم يكن اعتباطي، بل كانت تحكمه ضوابط عملية في الزمان والمكان، وتؤشر عليه تجربة الزميل محمد لحمر الذي كان حريصا على أداء المهمة بالشكل الذي يعطي للحدث قيمته العالمية أمام الهيئات الدولية التي تراقب وتشاهد وترصد القيمة الوطنية لإرث حضارة المملكة المغربية.
 
من داخل غرفة العمليات الإذاعية تناولنا خلال التنشيط الثقافي والتراثي مواضيع ذات أهمية تاريخية وحضارية وعلمية ومعرفية سواء على مستوى قيمة إدراج التبوريدة كتراث لا مادي، وكذا دور جمعية معرض الفرس في تحصين وتثمين فن التبوريدة وفنون الصناعة التقليدية المرتبطة بها، بالإضافة إلى تناول موضوع ثروة خيول التبوريدة وأنسابها وألوانها وصفاتها ومميزاتها، وذكرها في القرآن والأحاديث النبوية، فضلا عن طرق ومدارس التبوريدة ومفهوم المشيخة، علاوة على حضور الفروسية التقليدية (الفارس والفرس) في أجناس الأدب والشعر والفن التشكيلي والغناء الشعبي. 
 
كانت غرفة عمليات التنشيط بفضاء التبوريدة، والتي يذاع من داخلها صوت التنشيط الثقافي والتراثي وتقديم أسماء عَلَّامَةْ السَّرْبَاتْ المتنافسة عبر الميكروفون، وهي الوافدة من مختلف جهات المملكة والتي تمثل حقيقة أرقى وأجود الخيول العربية البربرية والفرسان، وترمز أَسْنِحَتِهِمْ وألبستهم إلى تمكن أنامل الحرفي والصانع المغربي من أجمل فنون الصناعة التقليدية... نعم (كانت غرفة العمليات) تشبه رحم امرأة حامل على أهبة المخاض والولادة، في ظل شروط الوضع المهيأة لاستقبال المولود الجديد المخضب بعطر البارود ونقع غبار حافر الخيل.
 
حين التقاط الأنفاس المشبعة بأوكسيجين موروثنا الثقافي والتراثي، ننتقل على صهوة معرض الفرس للحظة تباشير الفرح وصناعة الفرجة، فتعم أرجاء محرك التبوريدة زغاريد النساء من كل صوب وحدب معلنة تفاعل الجمهور مع طقوسنا و تقاليدنا وعاداتنا، حيث تقشعر الأبدان وتشرئب الأبدان....إنه طبق "تامغربيت" في أحسن حلة مدثرة بعدة الأجداد.
 
مرة الساعات والأيام مسرعة نحو ساعة الصفر لاعتلاء "بوديوم" التتويج، بعدما عرفت المنافسات قوة حضور كل السَّرْبَاتْ التي تمثل جهات المملكة المغربية، حيث سجل الفرسان وخيولهم العربية البربرية بمداد من الفخر والاعتزاز صورة رائعة عن تراثنا الوطني الذي أضحى تراثا لا ماديا بعد إدراجه ضمن قائمة التراث الإنساني الكوني.
 
شكرا للشريف مولاي عبد الله العلوي رئيس جمعية معرض الفرس، وتحية تقدير واحترام لكل أعضاء وعضوات ذات الجمعية التي وضعت تقتها في شخص هذا العبد الضعيف لله، وأرفع القبعة امتنانا واعترافا بكل الأطر الجمعوية التي أتاحت لي فرصة الإشتغال بجانبها، على اعتبار أن هذه التجربة ستظل خالدة في نفسي، واعتبرها حقيقة وسام شرف توجت به مساري على مستوى التنشيط والبحث والدراسة الميدانية لفن التبوريدة.