الثلاثاء 16 إبريل 2024
سياسة

النعم ميارة: "الحكم الذاتي أقصى ما يمكن أن يقدم المغاربة لحل النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء"

النعم ميارة: "الحكم الذاتي أقصى ما يمكن أن يقدم المغاربة لحل النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء" النعم ميارة
قال النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين إن مبادرة المغرب للحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تعد ارقي شكل لتقرير المصير يتطابق مع القانون الدولي ومقررات الأمم المتحدة.
 
واعتبر النعم ميارة في محاضرة افتتاحية حول موضوع "دور مجلس المستشارين في الدفاع عن القضية الوطنية" بكلية الحقوق المحمدية بحر الأسبوع الماضي، أن ما طرحه المغرب في هذا الشأن هو أقصى ما يمكن لأي مغربي وليس فقط الدولة المغربية أن يقبله، وهو تنازل كبير من المغاربة من أجل السلم والاستقرار.
 
وأكد المتحدث نفسه أنه فوق مقترح الحكم الذاتي كمن يحلم بأشياء أخرى وهو بذلك لن يرى حلمه أبدا، مشيرا إلى أن الأطراف الأخرى التي لا تمتلك إرادة حقيقية وخصوصا البوليساريوـ التي هي في الأصل صنيعة الحرب الباردة وصنيعة النظام الليبي آنذاك وصنيعة النظام الجزائري الراهن ـ لم تقدم أي مبادرة للتوصل إلى حل لهذه القضية.
 
وشدد رئيس مجلس المستشارين المغربي أنه منذ أن طرح المغرب مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية بدأت موازين القوى بخصوص هذا النزاع الإقليمي المفتعل تتغير و"بدأنا في المملكة المغربية نربح معارك وحروبا في هذه القضية، ذلك أن الاعتراف بجمهورية الوهم بدأ يتقلص، كما أن ثقة العالم في مبادرة الحكم الذاتي بدأت في تزايد كبير، إضافة إلى أن تقارير الأمين العام للأمم المتحدة سواء السنوية أو النصف السنوية تتحدث كذلك عن ضرورة إيجاد حل سياسي متوافق عليه بين الأطراف".
 
إلى ذلك اعتبر النعم ميارة المنحدر من إحدى القبائل الكبرى بمنطقة الصحراء، أن "المغرب كما قال الملك محمد السادس في صحرائه والصحراء في مغربها، وليطمئن الجميع إن ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة هي الأكثر تشبثا في أي وقت مضى بمغربيتها لأن مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية بهذه الأقاليم يضاهي كثيرا مستوى التنمية في بلدان أخرى أقوى اقتصاديا من المغرب".
 
وأشاد ميارة بالمجهود الكبير الذي تم في المناطق الجنوبية والذي لا يمكن أن تنجزه "قوة استعمارية" كما يصف الأعداء المغرب بلك، لأننا عشنا في ظل الاستعمار قرونا ولمسنا ماذا فعل بالجزائر وكذلك ما خلفه الاستعمار بالمغرب، ولذلك فمستوى التنمية في الأقاليم الجنوبية للمملكة كان وسيكون، حسب رئيس مجلس المستشارين، عاملا أساسيا في حسم هذه القضية، فالإجماع الوطني المتزايد بالمغرب حول التواثب ومنها قضية الصحراء، هو كذلك عاملا حافزا بالنسبة لصاحب القرار على العمل على طي هذا الملف الذي عمر كثيرا.
 
هذا وتوقف النعم ميارة أحد أبناء الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية وأحد العارفين بخبايا ملف الصحراء، عند الجذور التاريخية للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء.
 
وقال المتحدث في هذا الإطار، أنه لم تكن قط أصوات تنادي في يوم ما بالانفصال بل فقط بطرد المستعمر بالمنطقة الجنوبية للمغرب، مثيرا في هذا السياق واقعة طلبة صحراويين من مدينة طانطان درسوا بالرباط والدار البيضاء ومراكش ونادوا الأحزاب السياسية المغربية سنة 1973 حينها بضرورة تحرير المناطق الجنوبية وكان على رأسهم الوالي مصطفى السيد الذي سيصبح بعدها قائدا للبوليساريو.
 
وللحقيقة والتاريخ فهؤلاء الطلبة لم يكونوا، يؤكد النعم ميارة، "قط دعاة الانفصال بل فقط شباب لديهم حماس كبير ورغبة في التخلص من الاستعمار في منطقة اعتبروها جزءا من التراب المغربي، وهذه حقيقة تاريخية، يقول النعم ميارة، "لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد وكل من يحاول طيلة 47 سنة من هذا النزاع المفتعل إعاقة التنمية والاجتماعية بالمغرب و يشعر بما يسمونه علماء النفس بعقدة "الأخ الأكبر".
 
وتحدث ميارة في مداخلته عن زيارته الناجحة إلى الشقيقة موريتانيا، ومحادثاته من كبار المسؤولين في الجارة الجنوبية. وثمن المتحدث ذاته الحجم الذي أعطاه الأشقاء الموريتانيين لهذه الزيارة وتفاعل الصحافة المحلية معها كان له وقعا ايجابيا حقيقيا، مبديا تفاؤله في كون زيارته سيكون لها ما بعدها لأن مجلس المستشارين المغربي سيستضيف قريبا رئيس الجمعية الوطنية بجمهورية موريتانيا.
 
وتجدر الإشارة إلى أن الزيارة التي قام بها رئيس مجلس المستشارين على رأس وفد برلماني هام إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية في شهر يوليوز الماضي، توجت بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين مجلس المستشارين المغربي والجمعية الوطنية الوطنية الموريتانية، كما تم الاتفاق على تنفيذ مجموعة من الخطوات الهامة التي من شأنها أن تعزز وتوطد العلاقات البرلمانية بين المؤسستين التشريعيتين للبلدين منها إقامة منتدى برلماني اقتصادي مغربي ـ موريتاني.
 
واعتبر ميارة أن موريتانيا تعد امتدادا للمغرب نحو إفريقيا، "إذ لا يمكن أن نستثمر اقتصاديا بإفريقيا إذا لم نمر عبر الشقيقة والجارة موريتانيا، مؤكدا أن المغاربة لديهم الكثير من الأصدقاء الذين يتفهمون ويناصرون قضية الوحدة الترابية للمغرب، ولذلك يجب علينا أن نتفاعل مع هذا الوضع ونقوي حجم الاستثمارات المغربية في هذا البلد الشقيق".
 
وفي معرض حديثه عن موريتانيا، قال المتحدث "إن جزءا كبيرا من معادلة حل قضية الوحدة الترابية تكمن في موريتانيا، ويكمن في مدى قدرتنا على احتواء المحيط وجعل علاقاتنا الاقتصادية تتوطد وتتقوى وتربطنا أكثر بهم لأن الجانب الدبلوماسي مهم لكن ما يعمق العلاقات هي المصالح المشتركة والبعد الاقتصادي له أهميته الكبرى خصوصا في ظل الأزمة الحالية وتناميها ومضاعفاتها في السنوات القادمة لاسيما في الجانب المتعلق بالأمن الغذائي الذي كل دول الساحل والصحراء مهددة به".
 
واعتبر رئيس مجلس المستشارين الذي اتسم خطابه بالوضوح والواقعية أن التواصل مع الأجيال القادمة هو الذي سيعطي لنا جميعا معرفة وثقة في المستقبل الذي يبدو في كثير من الأحيان بالنسبة للفئات الشابة قاتما إن لم يكن مظلما تستمد شرعيته وواقعيته من وضع اقتصادي واجتماعي نعيشه حاليا، وكذلك من محيط إقليمي ليس فيه كثير من السلم ولا يبعث على الاطمئنان. وقال النعم ميارة إن هذه الوضعية يجب أن تكون "حافزا أكثر على الاشتغال داخل المؤسسات وإعطاء الثقة للأجيال الصاعدة بأن الدولة المغربية العريقة التي تمتد لأزيد من أربعة عشر قرنا قامت على إجماع وطني وعلى مبادئ مشتركة وعلى تراكمات وتوافقات مشتركة سواء تعلق الأمر بالدولة بكل مؤسساتها أو المجتمع بكل مكوناته".
 
واعتبر أن التوافق الذي استمر العمل به بالمغرب رغم نزعات الانفصال التي يحفل بها التاريخ قريبا أو بعيدا أو نزعات التطرف الذي يكون دائما رياحا عابرة في هذه المنطقة أو ما يسمى قديما بالمغرب الأقصى، لم تؤثر على استمرار الدولة في المغرب وعلى استمرار هذه الأمة، بل بالعكس، يؤكد النعم ميارة، "كل الضربات التي كانت تأتي تزيد المغاربة قوة والتحاما".
 
وفي حديثه عن دور مجلس المستشارين( الغرفة العليا بالمغرب) في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، تناول ميارة العمل الدؤوب الذي يقوم به المجلس لصالح القضية الوطنية من خلال احتضانه لمنتديات برلمانية إقليمية ودولية، ومبادراته الدبلوماسية الفاعلة في مختلف بقاع العالم وكذا ترؤسه لرابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي وغير ذلك من المبادرات التي تندرج ضمن دبلوماسية برلمانية يقظة واستباقية تعبد الطريق للدبلوماسية الرسمية التي يقودها الملك محمد السادس.
كما توقف عند أهمية التكوين، معتبرا أنه لا يمكن لأي برلماني أن يكون قادرا على إقناع الآخرين إذا لم يكن لديه علم بقضيته وإلمام ودراية حقيقيين بآليات الترافع والتفاوض.
 
وفي هذا السياق واستشعارا منه بأهمية التكوين، قام مجلس المستشارين بتوفيع اتفاقية مع الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الشؤون الخارجية المغربية "سنشرع في تفعيلها ابتداء من شهور نونبر القادم، إذ ستبدأ أولى حلقات التكوين أطلق عليها دعم القدرات التفاوضية للسيدات والسادة المستشارين البرلمانيين"، ويتضمن هذا البرنامج سنتين، وسيتم خلاله التركيز على القضايا الكبرى للمغرب وضمنها طبعا قضية الوحدة الترابية للبلاد، والترافع في المجال الاقتصادي وفرص الاستثمار.
 
وأكـــد أن مجلس المستشارين لن يقتصر في هذا البرنامج الطموح على البرلمانيين بل سيشمل الأطر الإدارية ليتملكوا الملفات باعتبارهم يمثلون الاستمرارية في العمل البرلماني، وأنه لا يمكن أن نكون فاعلين إذا لم نقوم بالتكوين المستمر.
 
ويذكر أن رئيس مجلس المستشارين المغربي دشن الدخول البرلماني لهذه السنة بحلوله ضيفا على ملتقى "وكالة المغرب العربي للأنبـاء" حــول موضــوع " الدخول البرلماني: الرهانات والآفاق"، حيث تناول حصيلة عمل المؤسسة التشريعية خلال السنة الماضية، واستعرض برنامج عمل المجلس في مختلف المجالات المحددة له من قبل الدستور، والرهانات المنتظرة منه خصوصا على مستوى الدبلوماسية البرلمانية.