عرفت الجالية المغربية بالخارج إنفراجا وتحولا في مسار حياتها بعد خطاب الملك محمد السادس لسنة 6 نونبر 2005؛ الذي أوصى جلالته بتحسين الخدمات لرعاياه بالخارج وبتقريب الإدارة منهم لقضاء أغراضهم الإدارية والقانونية. وتحسين الظروف لعودتهم لبلدهم المغرب. فدأبت جميع القنصليات و التمثيليات الدبلوماسية المغربية في جميع بلدان العالم إلى بلورة توصيات الملك وتنفيدها على أرض الواقع بالشكل المطلوب؛ هاته الإلتفاتة المولوية لقت إقبالا واستحسانا عند مغاربة الخارج؛ بل شكلت منعطفا تاريخيا في مسار حياتهم بالخارج، فلا يخفى على أحد على أنهم متعلقون ببلدهم الأم وبعرشهم؛ ويُعدُّون أحد دعائم الإقتصاد الوطني المغربي.
وقد عرف المغرب هاته السنة استقبال أبنائه للعطلة الصيفية والتي توافقت مع عيد الأضحى؛ ولهذا فإن الطلبات على تجديد الجوازات والوثائق الأخرى المتعلقة بالسفر لبلدهم الأم تزداد في مثل هاته الأيام على القنصليات والتمثيليات الدبلوماسية؛ وخصوصا أن هناك من لم يزر المغرب منذ سنتين بسبب الجائحة التي شكلت عائقا لإلتحاقهم بذويهم. وهنا كمغاربة مقيمون بإيطاليا و بالخصوص بجزيرة سردينيا و تابعون لنفوذ القنصلية العامة المغربية بروما، لا يسعنا إلا أن نعبر عن استيائنا عن تردي وسوء الخدمات التي تقدمها القنصلية، هذا التدهور خلق شرخا ما بين المواطن والإدارة لم تعرفه الجالية المقيمة هنا من قبل.
فبعد مجيء القنصل السابق السيد محمد الشريكي الذي نشكره على كل ما قام به أثناء توليه منصب القنصل العام للمملكة المغربية بروما، والذي عمل على تقريب الإدارة للمواطن وخدمتة له وفي أحسن الظروف؛ وبالخصوص القاطنين بالجزر البعيدة والذي يثقل كاهلها التنقل لروما كسردينيا و مالطا وكذلك ألبانيا. فقد كان رجلا مسؤولا و أبا لكل المغاربة؛ وتعد زيارته لجزيرة سردينيا كأول مسؤول و دبلوماسي يزورها ويلتقي مسؤوليها لنقاش وحل جميع المشاكل للمغاربة المقيمين بها والبحث عن الكيفية للقيام بمشاريع لصالحهم، والتقائه كذلك بالمغاربة المقيمين بجزيرة سردينيا والتنسيق مع الفاعلين الجمعويين وذوي الكفاءات لتفعيل مجيء القنصلية المتنقلة بروما لسردينيا مرتين بالسنة.
هذا اللقاء فك العزلة عن مغاربة سردينيا بل حقق رجاءهم و بلور توصيات الملك محمد السادس بالشكل الصحيح. لكن وللأسف بعد مغادرته للقنصلية وتولي القنصل الجديد السيد عبد الحق الجنين لمهامه لمسنا تردي الخدمات؛ وأصبح المواطن المغربي يعاني ماديا ومعنويا لتنقله للقنصلية؛ وكذلك أصبح يواجه عراقيل وصعوبات لقضاء أغراضه الإدارية، وبسبب الجائحة ومنذ أكثر من السنتين لم تقم القنصلية المغربية بروما بإرسال القنصلية المتنقلة لتقديم الخدمات للمغاربة إلا مرة واحدة شهر أكتوبر من السنة الماضية، وقد عرفت عدة مشاكل لا في التسيير ولا كذلك في كيفية عمل موظفي القنصلية الذين لا يلامون طبعا لعدم توفر الظروف الملائمة لعملهم. مما أدى بالإعلام الجهوي للتطرق للطريقة الغريبة التي تجمهر بها المغاربة لقضاء أغراضهم الإدارية؛ والتي أزعجت المسؤولين والمواطنين الإيطاليين، وأحدثت شغبا مما أدى إلى تدخل رجال الأمن لحل مشكل كان من الأولى من القنصل العام للمملكة المغربية بروما تفاديه بالتنسيق مع مغاربة ذو كفاءات وخبرة في هذا المجال وليس فقط مع أصحاب الجمعيات الذي عملهم يقتصر فقط على تسيير المساجد؛ و لايقومون بأي مشاريع ثقافية ولا حتى تنظيم بعض التظاهرات للتعريف بالمغرب وقضيته الأولى الوطنية الصحراوية؛ وخصوصا أن سردينيا تعرف الكثير من الجمعيات الغير حكومية تساند أطروحة الإنفصاليين ويتم دعمهم من أعداء المغرب. فسردينيا والحمد لله بها مغاربة ذو كفاءات عالية نقابيون، حقوقيون و إداريون ذو مستوى عال يشتغلون بالإدارات الإيطالية؛ ونفتخر بهم وهم من نجدهم في أوقات الشدة وعندما يكون المواطن محتاجا للمساعدة فلا نجد سواهم. تهميشهم هو واقع لا يخفى على أحد، وخطاب الملك محمد السادس بذكرى ثورة الملك والشعب هو تأكيد و تجسيد لواقع يعيشه كفاءات مغاربة الخارج، وتماطل للمسؤولين والممثلين الدبلوماسيين لمغاربة الخارج للتعاليم المولوية السامية؛ و لا يتركون لهم مجالا للعمل للرفع والازدهار ببلدهم المغرب؛ وخصوصا ونحن نعيش ظرفية خاصة تعرف سياسة المغرب فيها لا على الصعيد الجهوي ولا العالمي تحولا جذريا، يستدعي تعاون وتكافل كل السياسيين، المسؤولين، الكفاءات و المواطنين لتأكيد مشروع صاحب الجلالة التنموي؛ وجعل المغرب بلدا مزدهرا إقتصاديا واجتماعيا.
فهل المسؤولون عن مغاربة الخارج ملمون وواعون بالمسؤولية الملقات على عاتقهم؟ وهل حان الوقت على العمل لخلق علاقات جديدة معهم، حتى يقدروا على المساهمة في مبادرات ملكهم و تنمية وطنهم ومواطنيه بالداخل والخارج؟.