السبت 23 نوفمبر 2024
في الصميم

رجاء.. لاتفترسوا عين السبع مثلما افترستم وسط البيضاء!

رجاء.. لاتفترسوا عين السبع مثلما افترستم وسط البيضاء! عبد الرحيم أريري
كل من عاش أو درس أو قضى جزءا من عمره في حي عين السبع بالدارالبيضاء، عليه ان يتوجه حالا الى هذا الحي  ليستحضر ذكرى جميلة أو إشراقة بصمت حياته بعين السبع قبل أن تمحى كل تلك الصور من الوجود. ذلك أن تصميم التهيئة الجديد المصادق عليه (أو تصميم الإجرام العمراني)، أفتى بهدم الفيلات وإنبات عمارات سكنية من 4 أو 5 طوابق حسب الدروب، في كل فيلا امتثالا لنظرية جديدة في التعمير بالمغرب، ألا وهي: "الكانيباليزم العقاري"، مما سيشوه حي عين السبع ويضخم من ساكنته بخمس أو ست مرات مقارنة مع العدد الحالي. بدليل أن "أصحاب الهمزة" لم ينتظروا وقتا ليجف مداد تصميم التهيئة حتى شرعوا في افتراس الفيلات وتعويضها بعمارات بمختلف شوارع ودروب عين السبع.
 
هذه الوضعية ستزيد من عذابات السكان والمدينة عموما، بالنظر الى أن الدولة لما منحت شيكا على بياض لافتراس عقار حي عين السبع، لم توفر البنية الموازية لتضخم السكان المرتقب ولرفع الكثافة بالمنطقة، من حيث الطرق والقناطر والأنفاق والباركينات والساحات العمومية والحدائق ووسائل النقل العمومي والأسواق البلدية والمراكز الصحية ومخطط انسياب السير، إلخ...
 
والخطير في النازلة أن الدولة لم تراجع قانون الجبايات المحلية لإلزام هؤلاء "المفترسون العقاريون" بالمساهمة في تمويل إنجاز المرافق المذكورة بحي عين السبع، إسوة بما يتم في مدن العالم المتمدن، بحيث لما تقوم مدينة ما بتجديد النسيج الحضري في هذا الحي أوذاك، تستحضر الدول المتمدنة ثأثيرات التنقل وجودة العيش وتربط ذلك بنظام ضريبي يتلائم مع الأرباح الفاحشة التي تجنيها الشركات العقارية، عكس ما يتم بالمغرب. 
 
ولا نحتاج إلى الإسهاب في شرح ذلك، إذ سبق ان عشنا هذه التواطؤات في أحياء: بوركون وبدر والمستشفيات ولاجيروند ومحيط 2 مارس وفال فلوري وغيرها من الأحياء البيضاوية، التي حولتها وثائق التعمير من فيلات الى عمارات دون احتياطات وتدابير موازية مثلما هو عليه الحال من حيث تخطيط المدن في الدول التي تحترم آدمية سكانها.
 
ومن يود أن يتخيل صورة عن ما يمكن أن يصبح عليه الوضع بحي عين السبع بسبب هذا الإجرام التعميري الحالي، عليه ان يزور الأحياء الكارثية التي بنيت في العشرية الاخيرة بالمنظر الجميل قرب مقر عمالة عين السبع ومرجان والمدرسة الوطنية العليا للتجارة وجوهرة، وهي أحياء أتحدى المنعشين الذين بنوها والمهندسين الذين صمموها والوكالة الحضرية والسلطات المعينة والمنتخبة التي رخصت لها، بأن يسكنوا فيها لمدة شهر واحد ويتحملوا التوتر الحضري الذي تنتجه مثل هذه التجمعات السكنية الكارثية بالبيضاء.