الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

زيف ادعاءات برنامج وثائقي لقناة العسكر: المغاربة في الجزائر..الهروب نحو الجحيم

زيف ادعاءات برنامج وثائقي لقناة العسكر: المغاربة في الجزائر..الهروب نحو الجحيم عصابة ثكنة بنعكنون
لم يجد النظام العسكري الجزائري بواجهته المدنية، وهو محاصر بأزمة  داخلية متعددة الجوانب، أقلها مطالبة الحراك الشعبي برحيله، أمامه سوى الهروب إلى الأمام واختلاق فزاعة المؤامرات الخارجية وتغذية عدائه للمغرب، في محاولة التغطية على تلك الأزمة . 
وفي هذا السياق تدخل هذا النظام دائما في شؤون المغرب الداخلية، محاولا بدون جدوى زعزعة استقراره وتشويه صورته،ضاربا بعرض الحائط ما يزعمه عن" سياسته الثابتة في عدم التدخل في شؤون الغير". 
ويكفي هنا الاستدلال بما تنشره وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية يوميا من كم هائل من الأكاذيب عن المغرب، فضلا عما ما تبثه القنوات التلفزيونية والإذاعية الرسمية وأذرع النظام الإعلامية المحسوبة على القطاع الخاص من ادعاءات بخصوص الوضع الداخلي في المغرب،في استضافتها معارضين مزعومين وإنتاج برامج قائمة على الافتراء والكذب.
وتجلى آخر مولود للنظام في سلسلة أكاذيبه ضد المغرب، في البرنامج الوثائقي الذي بثته قناة الجزائر الدولية Al 24 News مساء الجمعة  8 يوليوز 2022 بعنوان: "المغاربة في الجزائر.. هروب نحو الحياة"، ادعت فيه أنه "يكشف عن حقيقة ما تعيشه الجالية المغربية بالجزائر، من كرم ضيافة وظروف عمل جيدة، وأن الوثائقي مدعوم بشهادة عمال وحرفيين مغاربة اختاروا العيش والعمل في الجزائر ..هروبا من الأوضاع المعيشية القاسية في المغرب" !
ووظفت القناة في هذا البرنامج، الذي كان من المفروض أن يحمل عنوان "المغاربة في الجزائر .. هروب نحو الجحيم"، تصريحات ثلاثة حرفيين مغاربة (محمد من وهران وعبد اللطيف من مستغانم وميلود من وهران)، من المرجح أنهم أدلوا بها تحت الإكراه، للإشادة بأوضاعهم في الجزائر وانتقاد من يروج في وسائل التواصل الاجتماعي عن الأوضاع المعيشية المزرية فيها.
وكانت فلتة في البرنامج الوثائقي أن اعترف معده في مقدمته إلى أن المغاربة في الجزائر يتجنبون الظهور مخافة تعرضهم للطرد بعد تجاوزهم مدة الإقامة السياحية المقررة في 90 يوما، وهذا هو صلب الوضع المزري الذي يعانيه بعض المغاربة الذين يقصدون الجزائر، برفض السلطات الجزائرية تمكينهم من تصاريح العمل وتسوية أوضاعهم، لذلك يضطرون إلى دخول البلاد بصفة سياح، ويحصلون على فرص عمل في قطاع البناء، مما يجعلهم في الواقع مخالفين لقانون الإقامة ويضطرمن يحافظ على وضعية عمله السري أن يغادر البلاد بشكل قانوني قبل انصرام مدة 90 يوما، ليدخل البلاد مجددا بحثا عن عمل سري.
ومن مآسي هذا الوضع الذي يعانيه الحرفيون المغاربة أن السلطات الأمنية الجزائرية تحيل كل مغربي عثرت عليه متلبسا بممارسة حرفته على القضاء ،الذي يحكم عليه بغرامة مالية والترحيل من البلاد ليتم تسجيله في قوائم الممنوعين من الدخول مجددا إليها.
وتطبق السلطات الجزائرية بصرامة قرار منع المغاربة من الحصول على تصاريح العمل، ليس على الحرفيين فقط، بل أيضا على أطر مغربية منتدبة من شركات أجنبية للعمل في فروعها في الجزائر تم حرمانها من تصاريح العمل بسبب جوازاتها المغربية، لكن البعض  من هذه الأطر  الحامل جنسية  أخرى، حصل على تلك التصاريح بعد تقديمه جوازه الفرنسي أو البلجيكي ، بما يفيد أن السلطات الجزائرية تتساهل مع  الأطر أصحاب جنسيات أجنبية  في تمكينها من تصاريح العمل وتحرم الأطر المغربية منها في معاملة تثبت فيها زيف ادعائها "خاوة خاوة".
لا تتوفر الجزائر على ما يكفيها من يد عاملة وطنية في قطاع البناء، ولا تتوفر على يد عاملة مؤهلة في حرف النقش والخزف والزليج ، لذلك تغض السلطات الأمنية الجزائرية الطرف عن الحرفيين المغاربة العاملين بشكل سري فوق التراب الجزائري، سواء في منازل وفيلات الخواص أو في البنايات العمومية. والواقع أن هؤلاء الحرفيين يحصلون على أجور أعلى مما يتقاضونه في المغرب، لكن ليس في كل مرة تسلم الجرة، ويحدث أن بعض أصحاب المنازل أو الفيلات الجزائريين من ذوي النوايا السيئة يلجأون إلى خدمات المغاربة، دون أن يدفعوا لهم مستحقاتهم ومنهم من تدفعه رعونته إلى إخبار الشرطة بمكان عملهم، لعرضهم على القضاء بذريعة مخالفة قانون الإقامة، في أفق تغريمهم وترحيلهم من البلاد. إنها فعلا رحلة إلى الجحيم وليس إلى الحياة.
وتأكيدا لهذا المعطى، من الواجب التذكير بما نشرته وسائل إعلام وطنية عن ترحيل السلطات الجزائرية في الصيف الماضي مئات الحرفيين المغاربة عبر الحدود البرية بعد أن قضوا شهورا في مراكز الاحتجاز الإدارية،عانوا خلالها ظروفا  صعبة.
هناك بالطبع استثناء يهم بعض الحرفيين المغاربة الذين تزوجوا من جزائريات ويمكنهم من خلال هذا الزواج الحصول على الإقامة ويبقى استثناء، لأن وزارة العدل الجزائرية  أصدرت منذ سنوات تعليمة تمنع بموجبها تثبيت زواج المغاربة وأجانب آخرين بجزائريات. 
وأورد البرنامج  الوثائقي تصريح الحرفي المغربي ميلود ،الذي قال أنه" يقطن في وهران منذ سنوات، وتعلق بالجزائر وتزوج بجزائرية"، وتفاخر بأنه اشترى سكنا،  لكنه لم يكشف  أن  السكن ليس مسجلا باسمه، لأن السلطات الجزائرية تمنع ببساطة تملك المغاربة للعقارات في الجزائر.
هذه هي  الأوضاع الحقيقية  المزرية لليد العاملة المغربية في الجزائر، ولا يمكن لبرنامج وثائقي أو غيره تجميلها بتصريحات من هنا أو هناك، لأن الواقع ينطق بسوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الجزائر، الذي يسعى عشرات آلاف الجزائريين أنفسهم إلى الهروب من جحيمه، بركوب قوارب الموت في اتجاه السواحل الإسبانية والإيطالية. 
وعلى سبيل الاستئناس  ذكرت سلطات الحدود الإسبانية أن المهاجرين الجزائريين السريين الذين وصلوا أخيرا إلى السواحل الجنوبية  يشكلون 70 في المائة من مجمع المهاجرين الأجانب. ويسفه هذا الرقم بمفرده البهتان الوارد في وثائقي قناة النظام العسكري الجزائري.