الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: أصبح الزعيم ديكتاتورا 

ادريس المغلشي: أصبح الزعيم ديكتاتورا  ادريس المغلشي

لايخفى على  الملاحظ والمتتبع أن مانعيشه  في الآونة الأخيرة من تمظهرات ومؤشرات لواقعنا المعيش تبدو متماهية مع بعضها لحد التماثل . ليس هناك أدنى شك ان الإنحطاط أصاب مناحي كثيرة من حياتنا اليومية  وأصبحنا غير قادرين على المقاومة، وانبرى التافهون بعدما احتلوا مواقع التأثير يفتون في كل شيء وتراجع إلى الوراء أصحاب الرؤى الإستراتيجية مبتعدين عن مراكز القرار أو مغيبين في غياهب السجون أو مهجرين .لايحتاج الواحد منا  لكثير من الجهد لتقديم مايدل على هذا الإنحطاط المدوي مادامت منابر التحليل،احتلها الغوغائيون لتبريره والمرافعة عن الفشل كسمة ونوع من الواقع العادي وبعضهم رفعها بكل وقاحة لدرجة النجاح أو إن شئنا القول كما صرح نموذج منهم أننا نعيش مرحلة انتقالية نحوالتفوق ضرورية. رغم كل الأزمات فالأمريبدو عادياوطبيعيا. ومن الأمثلة الصارخة في الموضوع، فالعينة المقدمة من تلك الأسئلة  للناطق الرسمي في الندوة الصحفية عقب انتهاء المجلس تشبه لحد بعيد ما يقدم للتلميذالفاشل من أسئلة تتضمن أجوبة أو نصفها لعله يصل بمجهوده الضعيف لجواب،يدفع إليه دفعا أو لإنجاز لانتوقعه.
في هذه الأجواء الموسومة بالتردي وعوض أن تثور هذه الأحزاب الكرتونية على جيل منتهى الصلاحية الذي استنفذ كل مقومات بقائه في المسؤولية وتحتاج المرحلة لضخ دماء جديدة شابة قادرة على التحرر من وصاية عقليات عفا عنها الزمن وتجاوزها التاريخ . فلا هي قادرة على الفعل ولا الآخر فهم الرسالة وتنحى ليفسح لها المجال .غاب التدافع وضاعت فرص التداول وبقيت دار لقمان على حالها وأصبحنا ندور في حلقة مفرغة والضحيةالوطن والمواطن . لكن هناك سؤال محوري لماذا لاتتخلى مثل هذه العينة عن مواقع المسؤولية ؟
ما سر إصرارها لحد التيه والإنتحار الجماعي ؟
لقد رضعوا من ثدي الإمتيازات وألفوا الوجاهة ومنصات الخطابة وجموع المريدين المنتظرة لكلام الزعيم الذي لم يقدم شيئا للواقع.كلام مرسل بعدما أطلق العنان لخياله الواسع. محاولا استرجاع مجد ضاع منه ذات مرة. وهو يحاول رتق بكارة سياسية تلاعبت بها يد المخزن في غفلة منا جميعا .
ظن برجوعه يساهم في تثبيث الوضع وتبريره رغم فظاعته. وهو في الحقيقة متواطئ  تسلم المقابل .
من مشكلات الوجاهة في شقها النفسي أن تجعل من صاحبها يعيش تنازعا داخليا بين التخلي عن الكرسي والتمسك به  والحرص على البقاء فتتدخل النفس لتكرس الطلب الثاني على الأول. ما أكثر ضحايا هذه الآفة وما أقبح أن تجثم على مواقع  المسؤولية إلى مستوى خنق أنفاس الجميع عينة من البشر... ! ألم تشاهدوا معي طريقة تحرك الزعيم وكيف يستقبل على مشارف أبواب القاعات بالأهازيج والطبول وتوزع القبلات بين الكتف والرأس مترنحة بين التوقير والتقديس. لتجسد مظاهر من أعطابنا العميقة التي نعيشهافي المؤسسة الحزبية. ليدخل المنصة دخول الفاتحين فيرعد ويزبد بخطاب لايقدم حلا ولايناقش واقعا مأزوما. كلام شبيه إلى حد بعيد أحجية الجدات وحكواتي الحلقة. 
ينتظر بعد نهاية كل جملة انتزاع تصفيقات للمصادقة على قوله وهو يوجه ملاحظاته للجميع كنوع من الوصاية تحقر وتسفه قدرات الآخرين. أي بؤس سياسي هذا الذي ابتلينا به.المرحلة الحالية تتسم بمعطى أساسي كوننا لم نعد نعيش أزمة قيادة بل أزمة قواعد كذلك. فمن يعتقدون أن مجيء الزعيم سيحل كل الإشكالات فهم يدقون المسمار الأخير في نعش الهيئة السياسية . .