الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

مريم جمال الإدريسي: رسالة مفتوحة إلى كريستوف ديلوار المتهجم بلا حدود

مريم جمال الإدريسي: رسالة مفتوحة إلى كريستوف ديلوار المتهجم بلا حدود مريم جمال الإدريسي
مؤسف جدا، أن نستمع لتصريح كريستوف ديلوار الرجل الخمسيني، والكاتب العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، في قناة فرانس 24، بمناسبة موضوع حرية الصحافة عبر العالم. وهو يتهجم على المملكة المغربية والقضاء المغربي والضحية الصحفية، بمنطق انصر الرجل مغتصبا أو مدانا.
فمن بين 500 صحفي معتقل عبر العالم، حسب تصريح الصحفية المحاورة، وقع الاختيار قصدا وإصرارا معهودا في هذه القناة، على المدان عمر الراضي، الذي اعتبره الكاتب العام لمنظمة مراسلون بلا حدود ضحية ملف مفبرك، وضحية اضطهاد قضائي، لأن المملكة المغربية لا تريد صحفيين يسمحون لأنفسهم بتخطي الحدود الحمراء، ولا تريد الصحفيين المحققين. وأن اختلاق ملفات آداب أصبحت وسيلة للتخلص من هؤلاء الصحفيين، حسب ما أعلنته جمعيات نسائية مغربية.
 
ولا غرابة في انتقاء عمر الراضي من بين 500 صحفي عبر العالم، لأنه متى عرف السبب بطل العجب، والسبب الواضح الجلي هو العلاقة المشبوهة لهذا المدان بمنظمات أجنبية معادية للمملكة المغربية تعددت ألوانها واختلفت مرجعياتها، لكن وحدتها الرغبة في المساس بسمعة دولة تألقت بدستورها ومؤسساتها داخل زمن قياسي وفي أجواء هبت فيها رياح ربيع عربي استطاعت أن تتطبع معه بما يليق بتاريخها وبما بما يلائم سلمية شعبها.
ولا غرابة أيضا، في الحديث المختزل، والمحصور عنوة، في قضية الاغتصاب، وتجاهل التهم الأخرى التي توبع بها عمر الراضي وأدين بها أيضا، وذلك لعلم كريستوف ديلوار المسبق، أن التعاطف الذكوري يعتبر الأكثر جاهزية في قضايا الاعتداءات الجنسية، التي تحاول مجتمعات عدة ومهما كانت درجة رقيها، تحميل المسؤولية الكبرى أو الكاملة للضحايا، من منطلق روايات الإغواء التي ارتبطت بتاريخ شعوب وأمم ظلت تجاهر بالفحولة كركيزة للرجولة، وهو ما يوصم بعض الآراء بالتخلف بعيدا عن الحرية والحق في التعبير.
لكن، ما يزعج حقا، ليس تخلف الفكر ولا جرأة الجهر به، وإنما الاتهامات المجردة، وغير المستندة على معطيات ولا على أدلة، أجل هنا تصبح الاتهامات خارج حقل الرأي وحريته، وتبيت في بيت الوقاحة وقلة الأدب، تجاه المملكة المغربية التي اعلن المصرح بكونها ترفص آراء الصحفيين المتجاوزين للخطوط الحمراء. وهنا نقول لك أيها الرجل خطوطنا الحمراء واضحة، ومن الأكثرها حمرة المساس بحرمة الأجساد، والإعتداء على عرض النساء المغربيات الحرات الأبيات، خطوطنا الحمراء قوانين نسجت بجهد مناضلات ومناضلين لازالوا على ركب النضال أحرارا وبمطالبهم المشروعة أبطالا، ولا نحتاج من يدافع عن المجرمين، بل نحن قادرون بكل ما أوتينا من قدرات وعزائم أن ندافع عن كل إنسان ضحية الملذات المنحرفة والرغبات الجامحة التي تتحول لاعتداء على الشرف وعلى القانون.
سيدي، أنت الكاتب العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، تجاوزت الحدود فعلا، وتخطيت نبل رسالة الصحفي، بانتقائك للمدان وإقصائك للصحفية الضحية، التي لازالت رغم ظلمة القهر المجتمعي تعارك الجهل بالبوح المسموع الذي ازعج آذانكم واحرج مهنيتكم. أبهذه الطريقة تحتضن منظمتكم مآسي الصحفيات ضحايا التحرش الجنسي ومختلف الاعتداءات الجنسية؟ أأنتم من تعتبرون أنفسكم حاملي مشعل التغيير؟ وما هو إلا مشعل خصص لحرق آمال الصحفيات اللائي يجدن أنفسهن اليوم مصنفات كوسائل لتصفية الحسابات؟ أتنصرون الرجل، بمنطق انصر الأخ ظالما أو مظلوما؟
ولنعد معك، لصك اتهامك للقضاء المغربي، ووصفك له بالمفبرك للملفات، وبالمضطهد لزميلك المتجاوز للخطوط الحمراء، أرجوك كن جريئا بما يناسب مهمتك، وأخبرنا عن نوع المقالات الصحفية ومضمونها، وقل لنا أيضا عدد التحقيقات ومحاورها، التي شكلت من وجهة نظرك، تجاوزا لما أسميته الخطوط الحمراء.
ولابأس ان تخبرنا، بكيفية استنباطك كون الملفات مفبركة، وكون القضاء مضطهد، وقدم للرأي العام الجزئيات المستقرأة، التي استطعت بما أوتيت من علم تشفيرها. أما أن تأتي على الكلام رأسا بلا سند، وعلى الاستنتاج خلاصة بلا تحليل، وتنهال على وطننا بالاتهام الصريح دون بيان ولا دليل، وأن تتهجم على الضحية التي أنتجت من المقالات ما لم يحرره قلم المغتصب الذي اتخذته لك زميلا، واعتبرته ضحية قلمه الذي خط التقارير والمعلومات بلا نشر وبلا مهنية، ووجهها لمن أدوا له الثمن مقابل معلومات ابتغوها لمآرب تنافسية خارج نطاق المشروعية، زميلك الذي استباح عرض زميلته في مكان العمل، وفي ظروف زمن أنهكته الجائحة وما استتبعها من حجر منزلي.
فالآن، أقول لك ولغيرك ممن اتخذوا من هذا الملف وما شابهه، وسيلة لتصفية احقاد دفينة، وآلية للتشهير ببلدهم والإساءة لسمعة نسائه، نحن على الدرب صامدون وبقناعاتنا الحقوقية راسخون، ولكل متهجم مجابهون، ولن نقبل منكم مساندة لضحايا الاعتداءات الجنسية، لان التاريخ شاهد على اصطفافكم إلى جانب الجناة، الذين تجاوزوا خطوط القانون وحدود الشرف.
واكيد لنا علم أن هناك حملة منظمة داخل اروقة الدولة الفرنسية العميقة ضد المغرب حيث لا يخفى على احد الارتباط الموجود بين منظمتكم وبعض الاجهزة الفرنسية مما يفسر انخراطكم ضمن المجموعة الفرنسية التي تتحرك ضمن نطاق محدد مسبقًا.
 واذكرك ايها المراسل المتجاوز للحدود انه خلال زيارتكم للمملكة  صيف 2021، رفضتم لقاء الصحفية حفصة بوطاهر لانكم قررتم ان تساندوا بطريقة عمياء عميل اجهزتكم ومموليكم.
انتم للاسف نموذج للمنظمات التي تقتات على نعوش الضعفاء ولا علاقة لكم  بما تدعون الدفاع عنه: الصحفيين والصحفيات.
ولا أنسى، قبل الختم ان أسألك، قل لنا أرجوك، اسم المنظمات النسائية المغربية، التي أعلنت أن قضايا الاعتداءات الجنسية، أو كما أسميتها قضايا الآداب، هي ملفات مفبركة؟ وقل لنا أيضا جازاك الله، كم من صحفي في تاريخ بلدكم أو غيره من البلدان التي تنثرون عليها ورود الحرية في الرأي والتعبير، توبع وأدين من أجل اعتداءات جنسية؟ لربما الصجفي بشر فوق العادة، لا يمكن اتهامه إلا بقضايا الصحافة؟ وما دون ذلك اتهامات باطلة وفبركة مقصودة، واضطهاد ممنهج، وضحايا بلا كرامة....